يقول غاستون بوتول في البحث في الحرب في كتابه "هذه هي الحرب": "ما من قارئ في حاجة إلى أن يقال له ما هي الحرب من الوجهة الطبيعية أو الاختبارية، فالناس جميعًا يملكون عنها فكرة ما، طائفة منهم كانوا شهودًا، والآخرون لأنه كانت لهم علاقات كثيرة بها، وعدد لا بأس به لأنه خاض غمارها. فينبغي أن نبدأ بمحاربة هذا الوضوح المزعوم للحرب. إن الوضوح يرجع في هذه الحال إلى عادة نفسية تعود إلى أعمارنا الأكثر نضارة وفتوة. فالصبيان جميعا يلعبون في الحرب والأجناد".
تقارب رواية "حقل البرتقال" الحرب من زاوية إنسانية، وتطرح أسئلة حرجة حول فكرة النضال وموقع الأطفال من كل ذلك
من هذه البداهة نفسها أراد الروائي وكاتب المسرح الكندي لاري ترمبلاي أن يخلخلها في روايته "حقل البرتقال" (دار صفحة 7، ترجمة شوقي برنوصي). رواية تقارب الحرب من زاوية إنسانية مخصوصة وتطرح أسئلة حرجة حول فكرة النضال وموقع الأطفال من كل ذلك.
من هو لاري ترمبلاي؟
هو كاتب كندي من مقاطعة الكيبك ومختصّ في مسرح "كاتاكالي" الراقص الذي يعود أصله إلى مقاطعة كيرلا جنوبي الهند. ولد سنة 1954 بمدينة شيكوتيمي الكنديّة وأصدر ثلاثين كتابًا توزّعت بين المسرحيّات والشعر والرواية والمقالة، وتُرجمتْ أعماله إلى عشرين لغة. تحملنا أعماله إلى عوالم متعدّدة الدلالات، وتتميّز بتنوّعها الأجناسيّ. درّس الكتابة الدراميّة بالمدرسة العليا للمسرح بمونتريال، وتحصّلت رواية "حقل البرتقال" على خمسة عشرة جائزة من أهمّها جائزة الكتبيين بمقاطعة كيبك، وجائزتيْ الطلّاب وتلامذة المعاهد "Folio"، وتمّ تحويلها إلى المسرح سنة 2016 وإلى أوبرا سنة 2020. تمّ اختيار نفس العمل سنة 2015 من طرف أعضاء ناد تابع للمكتبة العموميّة بمونتريال ليتحصّل على جائزة كتاب العام في كندا. من أعماله الروائية الأخرى: آكل الدرّاجات الهوائيّة، المسيح السمين، الشائبة والزوج الثاني. حازت روايته المصوّرة "ليس صحيحًا حتّى" والتي رافقه في تأثيثها الرسام غيوم بيرو على جائزة تي يدي (TD) الكنديّة المشهورة الخاصّة بأدب الطفولة والشباب.
اقرأ/ي أيضًا: إيفان كليما: الهاوية التي سقط فيها كافكا تشبه الهاوية التي ننحدر فيها
من أهمّ مسرحيّاته: "يعسوب شيكوتيمي" و"المتكلّم من بطنه" و"كانتاتا الحرب".
رواية الحرب بقذيفة واحدة وحزام ناسف
تسرد الرواية حكاية عائلة تسكن تحت جبل في "حقل برتقال" تسقط على البيت قذيفة أطلقت من الجهة الأخرى أين يتموقع العدو من حيث تغرب الشّمس، تقتل القذيفة الجد والجدة لتبقي على بقية العائلة الزوج زاهد والزوجة تمارا وابنيهما التوأمين؛ آماد وعزيز. من الغد يحضر سولاياد الرجل المسلح صاحب الرشاش مع رجل آخر اسمه كمال يقدمه لزاهد على أنه والد الطفل حليم الذي ضحى بنفسه من أجل الوطن بتفجير نفسه في الأعداء، ويذكره أنه كان طفله الوحيد ثم يطلب من زاهد أن يجهز واحدًا من ابنيه لكي يقوم بعملية انتحارية في الجهة الأخرى من الجبل، ويسلمه حزامًا ناسفًا ويغادر بعد أن يذكره بأن ذلك استشهاد في سبيل الله والوطن وانتقام للجد والجدة. يحدث الأب ابنيه بالواجب ويتفهم الطفلان الأمر وبدأ كل واحد منهما يجهز نفسه لحمل الحزام. يكشف لنا السرد أن عزيز مريض وينتظر والداه أن يرحل في أي وقت لذلك تسعى الأم مع ابنها آماد أن تدفع بعزيز نحو العملية الاستشهادية دون أن يعلم الأب الذي رفض ذلك، ويفضل ابنه السليم لتكون الشهادة مباركة. غير أن الأم والابن ينجحان في إرسال عزيز كبديل لآماد الذي يعيش باسم أخيه ليكتشف وهو في سن الشباب أن أخاه لم يرسل لتفجير عساكر العدو، إنما لتفجير مدرسة للأطفال لأن ذلك المسلح كان من مرتزقة الحروب والذين يتاجرون بالموت. يحاول آماد الذي أصبح ممثلًا أن ينقذ طفلًا في مسرحية هو واحد من ممثليها، ويقنع المخرج أن موت الطفل فيها ليس ضروريًا وعلى الطفل ألا يموت في الحرب وفي المسرحية.
فظائع الحرب والطفل
تتناول الرواية التي تدور أحداثها في مكان غير معلوم، وأبطالها يحملون أسماء بهويات مختلفة بعضها عربي وبعضها غربي وبعضها فارسي، فظائع الحروب وأثرها على الأطفال. وتعمد الكاتب إطلاق أسماء مختلفة ومكان وزمان غير معينين للتدليل على أن القضية إنسانية وتهم العالم والإنسان في كل مكان.
يحمل أبطال رواية "حقل البرتقال" أسماء بهويات مختلفة بعضها عربي وبعضها غربي وبعضها فارسي، للتدليل على أن القضية إنسانية وتهم العالم والإنسان في كل مكان
يسعى الكاتب عبر هذه القصة المحبوكة والشاعرية من ناحية والعنيفة من ناحية أخرى تحسس موضوع أثير بالمسبة للفلاسفة والمبدعين وهو أخلاقيات الحرب. هل يجب أن نستعمل كل شيء لاسترداد الحق أو الدفاع عنه؟ هل يمكن أن نحول الأبرياء إلى دروع بشرية أو قذائف لرمي العدو؟ إن الحقل الذي يتحرّك فيه الكاتب شائك لأنه يصطدم بالكثير من اليقينيات التي ربى العالم عليها أبناءه فالأناشيد في كل مكان تمجد الموت الشامل من أجل الحق، وعبارة "نموت نموت ويحيا الوطن" لا تخص النشيد الرسمي التونسي فقط، بل هو معنى يتردد في كل الأناشيد الوطنية بالعالم بصياغات مختلفة.
اقرأ/ي أيضًا: ريكاردو بيجليا: عندما واجه جيفارا الموت بالقراءة
يقول الكاتب في تصريح على اختيار هذا اللامحدد في الزمان والمكان والهويات: "لو كتبتُ هذه الرواية بطريقة أكثر واقعيةً، بتحديد زمان ومكان لها، صابًا التركيز في بلدٍ معيّن أو في صراعٍ معين، فذلك سيغوي القارئ بتبني نظرة ما: هؤلاء طيبون، وهؤلاء سيئون، هؤلاء على حق، وهؤلاء مخطئون. ليس هذا ما أردته. وإنما أردت من القارئ أن يركز ويفكر في أسباب الحرب والكراهية والعنف العرقيّ بشكل عموميّ أكثر... ما أتحدّث عنه هو أكثر عالميةً".
تربية العنف والخطاب الحجاجي والابتزازي
في فضاء صارت المدرسة فيه من الأخبار التاريخية بعد قصفها، ينقل الكاتب الكندي مدرسة الحياة البديلة وخطابها؛ خطاب العنف وتربيته عند الأطفال وكيف تُساس العقول في مناطق التوتر من المسلحين، فالمسلح سولاياد الذي جاء إلى زاهد صباحًا يواسيه في مقتل والديه، كان محملًا بحزمة من الخطاب التحريضي: "اصغ إلي جيدًا الآن يا زاهد. لقد تهدمت منازل أخرى في القرى المجاورة. قتل عدد كبير من الناس تحت سيل من يريدون أرضنا لبناء منازلهم وتحبيل زوجاتهم. عندما يغزون قرانا فإنهم سيتمكنون من الزحف إلى حدود المدينة الكبيرة. سيقتلون نساءنا. سيحوّلون أطفالنا إلى عبيد. وهكذا ستكون نهاية بلدنا. ستدنس أرضا بخطوات أقدامهم وبصاقهم. هل تعتقد بأن الله سيسمح بكل الرجس؟ أتعتقد يا زاهد؟".
هكذا واجه المسلح رجلًا أعزل فقد والديه للتو، قبل أن يسلمه حزامًا ناسفًا ليرسل واحدًا من طفليه الى الجهة الأخرى ليفجر نفسه.
إن هذا الخطاب الحجاجي الذي اعتمده صاحب الرشاش دون أن يترك زاهد يختار أو حتى يفكر، مثل شكل من أشكال الهيمنة التي يمارسها المسلحون على المدنيين، ففي الوقت الذي ينتظر فيه المدني من المسلحين الذي يدعون حماية أرضهم وحمايته ردًا على خساراتهم ويثقلونهم بواجبات جديدة أعنف وأقسى من الفقد بفقد أشد ألمًا تسليمهم أبناءهم ليكونوا قذائف يرمونها على العدو المزعوم. وتكشف الرواية في طياتها أنه حتى هذه القذائف التي تسقط على الأهالي في القرى لا تأتيهم في الحقيقة إلا من مسلحيهم الذين يريدون بتفجير أطفالهم في الجهة الأخرى، لأنهم ينتزعون شرعية وجودهم من قصص الاعتداء عليهم ليحافظوا على أسلحتهم وسلطتهم، وهكذا تختلق بعض الأنظمة العمليات الإرهابية فتسقط ضحايا من المدنيين من أجل صناعة الخوف والرعب، ويقايضون الأهالي بالأمن مقابل الفساد والسلطة الجائرة.
يقول صاحب رواية "حقل البرتقال": "أردت من القارئ أن يركز ويفكر في أسباب الحرب والكراهية والعنف العرقيّ بشكل عموميّ"
لا يكتفي المسلحون بالخطاب الحجاجي وحده لتحضير ضحاياهم لعملياتهم وغسل أدمغتهم، بل يعتمدون على خطاب آخر عاطفي وابتزازي، فيذكر سولايار زاهد بما كان يفعله والده من أجل العناية بحقل البرتقال: "زاهد لقد كان والدك معروفًا في كامل الجهة. لقد كان رجلًا عادلًا، وحده رجل عادل من يقدر على تحويل أرض بلا وجه إلى جنة. لن تخطئها الطيور أبدًا إذا ما تعلق الأمر بالجنة".
اقرأ/ي أيضًا: الزواج والأدب
يتلبس الأب بهذا الخطاب وهو يحدث ابنيه مذكرًا اياهما بمحبة جديهما وطيبتهما يقول: "انظرا، كم يبدو جداكما وكأنهما يرقدان في سلام. ما الشرّ الذي تقترفاه حتى يستحقّان ميتتهما البشعة؟". قبل أن يذكرهما أن الرجل الذي جاء صحبة المسلح اليوم هو كمال أب صديقهما حليم الذي سبقهما إلى الجنة بتفجير نفسه.
هكذا يتعاضد خطاب المسلح وخطاب الأب من أجل اغتيال الأطفال داخل منطق صناعة العدو والإبقاء عليه عدوًا دائمًا لاستمرار الوجود، ولا يمكن أن يحدث ذلك بأفكار كأفكار المهاتما غاندي مثلًا، وثقافة اللاعنف، بل بالعنف والمزيد منه وتراكم مخزون الحقد. يقول سولايار صاحب الرشاش المكلف بتجنيد الشاب حليم "اصغ إلي حليم: "أعداؤنا كلاب. إنهم يشبهوننا، هل تعتقد، أنهم كذلك لأن لهم وجوها بشرية. هذا عين الوهم. انظر لهم بعيون أجدادك وستدرك من أي شيء صنعت هذه الوجوه في حقيقتها. لقد قدت من موتنا. في وجه عدوّ واحد يمكنك رؤية فنائنا ألف مرة. لا تنس هذا أبدًا: كل قطرة من دمك هي أثمن ألف مرة من ألف وجه من وجوههم". هكذا تتحول شرعية الدم والحرب إلى شرعية تاريخية لا يمكن مقاربتها ومناقشتها بآليات المنطق والعقل المعاصر، إنها شيء من الميثيولوجيا، فنحن نحارب العدو لأن أجدادنا حاربوه ولا يجب أن تتوقف الحرب لأنها قدر مبني على البقاء، وتوقفها رهين اختفاء واحد من الطرفين وابادته بالكامل.
ولنزع صفة البشر على الأعداء يصفهم خطاب الكراهية بشتى النعوت وأولها اللابشرية يجيب زاهد عن سؤال ابنه عزيز لماذا يقف حليم بالقرب من الشمس أي لماذا يحترق ويغيب إلى الأبد؟
"كلاب بثياب. أعداؤنا كلاب ترتدي ثيابًا. إنهم يحاصروننا... وإلى هناك كان حليم قد توجه. لقد عبر الحدود مستخدمًا نفقًا سريًا، ومن ثمة استقل حافلة مزدحمة. وفي تمام النهار، فجّر نفسه".
لقد جر سولايد حامل الرشاش التوأمين إلى الجبل ليجعل من لعبهم ذريعته لقتل أحدهما، فهما قد جاء من قبل وأطلقا طائرتهما الورقية على الحدود ولما أفلتت وسقطت في الجهة الأخرى لاحقاها واستعاداها، وهذا يعني أنهما تسللا إلى أرض العدو دون أن يتفطن لهما وعبرا حقل الألغام، لذلك هما فقط المؤهلان لعبور الحدود من جديد وتفجير معسكر العدو. هكذا حول المسلح من حكاية لعب الأطفال ومقطع من ذاكرتيهما إلى ذريعة للقتل والتضحية بهما.
ما الداعي لوضع الأطفال في هذا العالم، إذا كنا سنضحّي بهم مثل حيوانات عجماء نرسلها إلى المذبح؟
يقول: "سيعود أحدكما إلى هناك خلال بضعة أيام. إما أنت يا عزيز أو أنت يا أماد. سيبقى القرار بيد أبيكما. سوف يحمل من يقع عليه الاختيار حزامًا ناسفًا. سوف يهبط إلى حدود تلك المدينة الغريبة وسيمحوها من على الوجود إلى الأبد.. لقد اصطفاكما الله. لقد بارككما الله".
اقرأ/ي أيضًا: المُقَلِّدون يبيعوننا ماء زمزم
إن هذه الفكرة الخطيرة التي يداورها الكاتب حول بشاعة الحرب التي تهلك فقط الأبرياء والعزل، بينما يبقى الكبار والمسلحون يصنعون قصصًا جديدة لمزيد من الموت والدم. وهو بذلك يذهب بالرواية إلى رمزية أبعد فالذين يملكون السلاح يظلون في مأمن من الحرب، يديرونها بالوكالة دائمًا. والكبار يظلون طوال الوقت يربون صغارًا للموت ولا يتركونهم يعيشون ليختاروا مصيرهم، فقط يقصفون أعمارهم من أجل أفكارهم هم وأيديولوجياتهم هم وما اعتبروه حقًا.
لئن كانت الحرب أكثر الأنشطة ذكورية ولئن وافقنا تحليل كل من سيمون دو بوفرار واوليفيه برشفلد بفكرة التفوق الانساني بأنه "لا يكون التفوق في الإنسانية للجنس الذي يلد بل للجنس الذي يقتل"، ولئن ظل صوت المرأة، صوت العقل غير مسموع في الرواية، فالأم حسب الأب الراضخ للمسلحين "لا تريد أن تفهم ما يحدث في بلدنا. لا تريد أن ترى الخطر المتربص بنا. إنها تعيسة جدًا". لم تودّع سولاياد عندما غادر. إنه رجل مهم. وقد شتمته. ما كان لها أن تفعل ما فعلت. سولايد سيعود. ولكنها في الآن نفسه تقاوم وإن فشلت في انقاذ ابنيها من الموت المحقق فإنها استطاعت أن تنجو بالطفل السليم وتهزم الذكورية والخرافة معًا. لم يكن ذلك الأمر ببسيط وهي تُعد طفلها السقيم لكي يكون البديل على من اختاره الوالد والمسلح فكان يجب أن يكونا في نفس الوزن ويقومان بمسرحية في آخر لحظة ليحدث التبادل بينهما لحظة يعود المسلح لأخذ الطفل إلى الموت. وكانت رحلة شقاء من أجل إقناع الطفل السليم بتسليم شرف الشهادة لأخيه السقيم.
يظهر صوت الروائي من وراء أبطاله كل مرة ليقول جمله المسرحية الواضحة والحاملة لرسالة عمله: "ما الداعي لوضع الأطفال في هذا العالم، إذا كنا سنضحّي بهم مثل حيوانات عجماء نرسلها إلى المذبح؟".
ذلك السؤال الذي ينقله الكاتب في الجزء الثاني من الرواية الذي يجري بعد عشرين سنة في أمريكا على مسرح يديره ميكائيل وبطله الشاب الناجي من الموت بمؤامرة أمه، كانت رسالة عزيز الذي سلمه إياها قبل رحيله مع الحزام الناسف يخبره أنه يعلم بأنه لن يعيش فقد أأخبرته طفلة في نفس عمره عندما كان بالمستشفى، تلك الرسالة التي ستغير رؤية ميكائيل لنصه عندما يستمع إلى حكاية آماد وأخيه. وراح يستوعب: "إلى أي درجة يمكن للحرب أن تمحو الحدود التي تفصل بين عالم الكبار وعالم الصغار؟"
إلى أي درجة يمكن للحرب أن تمحو الحدود التي تفصل بين عالم الكبار وعالم الصغار؟
وككل روايات ما بعد الحداثة ينفتح النص على عالمه ليخاطب نفسه فيخاطب سيناريو المسرحية حكاية أماد وعزيز لنقرأ وكأننا نقرأ صوت لاري ترمبلاي: "جالسًا على الرمل، ضائعًا في ظلمة الركح، راح ميكائيل يلتبس بلبوس هذا المرتزق الذي خلقه. هل هو مجرد وحش؟ لم يكن ميكائيل ساذجًا. فهو لم يكتب هذا النص ليدفع طلبته للتفكير فقط. إنه يطرح نفسه بنفسه مسألة الشر هذه. من السهل الاكتفاء باتهام أولئك الذين يرتكبون جرائم الحرب بأنهم سفاحون أو وحوش ضارية. خصوصًا عندما يكون الذي يحاكمهم يعيش بعيدًا عن الظروف التي أثارت تلك الصراعات البتي عادة ما يضيع أصلها في دوامة التاريخ. ماذا كان سيفعل لو وجد نفسه في وضعيات مماثلة؟".
اقرأ/ي أيضًا: باتريك زوسكيند: عن الحب والموت
هكذا يتخلص الروائي الكندي من كل شبهة تجعله يتواطأ مع جهة دون غيرها ليطلق نصه سؤالًا كبيرًا يرج ولا يجيب على شيء، فقط يطلق مزيد من الشك والبلبلة في رؤوس تبلدت وتعطلت عن التفكير. فقط هي شعوب رهينة تاريخها ورهينة مفردات صنعها الأجداد القدامى ولفوها بأحزمة من الحقد وحزم من الكراهية الأبدية. الرواية بحث محموم وراء فكرة الجنة الضائعة، البستان الإنساني الذي يمكن أن يعيش فيها الجميع دون أن يأكل أطفالهم المسلحون وتجار السلاح ومرتزقة الحروب. كيف يمكن أن يحافظ قابيل على أخيه هابيل ولا يرفع الحجرة ليهوي بها على رأسه؟
- مشهد من رواية حقل البرتقال منقولة إلى المسرح
- تصريح الكاتب عن فكرة الرواية
اقرأ/ي أيضًا: