سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الأفراد والمجتمع أصبحت قضية تستحق النقاش في الوقت الحالي، خاصة في ظل ما يعاني منه الكثيرون من الإدمان على تلك المواقع، فبالرغم من الإيجابيات العديدة لتلك المواقع والتي مكنت الأشخاص من التواصل مع بعضهم بسهولة من خلال اختصار المسافات بينهم، إلا أن العديد من الأشخاص يقضون ساعات طويلة على تلك المواقع، الأمر الذي يسبب لهم مشاكل صحية ونفسية واجتماعية تؤثر في جميع جوانب حياتهم، وفي هذا المقال تفاصيل أكثر حول سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها الضار على مستخدميها.
يؤثر قضاء ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي سلبًا في الحالة المزاجية والصحة العقلية للأفراد
ما سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي؟
بالرغم من الآثار الإيجابية لمواقع التواصل الاجتماعي التي تقدمها لمستخدميها، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا يختص بآثارها السلبية عليهم يجب تسليط الضوء عليه، وفيما يأتي توضيح لأبرز سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي:
-
العزلة الاجتماعية
لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في العزلة الاجتماعية، إذ إنها تقلل من تفاعل الأفراد بعضهم مع بعض على أرض الواقع، بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي قد يصل بهم الأمر إلى الاستمرار في تصفحها حتى أثناء جلوسهم مع الآخرين، مما يسبب الانزعاج لهم.
وتجدر الإشارة إلى أن تلك المواقع لا تغني عن التفاعل وجهًا لوجه مع الآخرين، فالتواجد الجسدي مع شخص آخر يوفر مستوى من الراحة أعلى مما توفره تلك المواقع، كما أن لغة الجسد والإشارات غير اللفظية لا يمكن أن ترى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، مما يجعل تواصل الأفراد معًا أكثر تعقيدًا، ويمكن أن يسبب سوء فهم حتى بين أقرب الأصدقاء.
-
إهمال الأهداف في الحياة
يؤدي انغماس الأفراد فيما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي إلى إهمالهم أهدافهم الحقيقية في الحياة، فيقل سعيهم للوصول إلى طموحاتهم أو يصبح معدومًا، فبدلًا من البحث عن وظيفة واكتساب مهارات جديدة، يميلون إلى السعي نحو الشهرة على الإنترنت وجذب انتباه الآخرين إليهم، وبالتالي فهي تشكل عامل إلهاء كبير؛ بحيث يجعلهم لا يشعرون بالرغبة في الإنجاز في حياتهم، وبالتالي سينتهي بهم الأمر إلى عدم إنجاز أي شيء وإضاعة الوقت دون هدف، وذلك من أبرز سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي.
-
التعرض للتنمر
إن التعرض للتنمر الإلكتروني من أبرز سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تعد تلك المواقع منصات مليئة بالأشخاص المتنمرين؛ وذلك لشعورهم بالراحة في التعبير عن آرائهم وانتقاد الغير عبر تلك المواقع، الأمر الذي يؤثر سلبًا على المتعرضين لهذا النوع من التنمر، بحيث يمكن أن يعرضهم لخطر الإصابة بالاكتئاب.
-
انعدام الخصوصية
إن الخصوصية والإنترنت عنصران لا يلتقيان، إذ إن بعض مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بحفظ وبيع البيانات الشخصية لمستخدميها لجهات معينة، الأمر الذي يؤثر على خصوصية الأفراد خاصة أولئك الذين يسعون إلى نشر كل ما يتعلق بحياتهم الشخصية على تلك الوسائل، كما تجدر الإشارة إلى أن بعض أصحاب العمل يلجؤون إلى الاطلاع على الملفات الشخصية للمتقدمين للوظائف على تلك المواقع، مما يجعل نشر المتقدم للوظيفة لأفكار معينة تؤدي إلى أخذ صاحب العمل فكرة سلبية عنه، الأمر الذي يؤدي إلى خسارة فرصة العمل.
أظهرت العديد من الدراسات أن الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي يؤثر بشكل كبير في جودة النوم
-
ارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق
يؤثر قضاء ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي سلبًا في الحالة المزاجية والصحة العقلية للأفراد، إذ إن المدمنين على تلك المواقع يعانون من أعراض الإصابة بالقلق والاكتئاب، ويعود ذلك إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح رؤية المحطات الجيدة والسعيدة من حياة بعض الأشخاص، الأمر الذي يجعل المستخدم لتلك الوسائل يميل إلى مقارنة الجوانب السلبية في حياته مع ما يراه من اللحظات السعيدة في حياة الآخرين، مما يعرضه إلى الإصابة بالتعاسة والاكتئاب.
-
مشاكل في النوم
بالإضافة إلى القلق والاكتئاب الذي يمكن أن يعاني منه مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، فإن التعرض إلى مشاكل في النوم من السلبيات الرئيسية لتلك المواقع، إذ إن قضاء الكثير من الوقت عليها يمكن أن يؤدي إلى قلة النوم، فقد أظهرت العديد من الدراسات أن الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي يؤثر بشكل كبير في جودة النوم، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية للأفراد، ويؤثر بدرجة كبيرة في صحتهم النفسية والعقلية والجسدية.
-
الإدمان
يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي عنصر إدمان أكثر من السجائر والكحول؛ وذلك لما تعرضه للأشخاص من محتوى يجعلهم ينجذبون بشكل كبير إليها بحيث تؤدي بهم إلى التحقق منها طوال الوقت دون التفكير بآثارها السلبية، ويمكن تحديد مدى إدمان الشخص على تلك المواقع من خلال عدد مرات تحققه من حساباته عليها خلال اليوم، بالإضافة إلى شعوره بالفراغ والاكتئاب عند عدم استخدام تلك المواقع لفترات طويلة، فإن تلك العلامات تدل على أنه يعاني من الإدمان عليها بلا شك.
-
تقليل الثقة بالنفس
إن من أبرز سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي تقليل ثقة الفرد بنفسه، فبالرغم من أن العديد من الأشخاص يعلمون بأن صور البعض التي ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي يتم التلاعب بها لتظهر مثالية، إلا أن ذلك قد يسبب لهم فقدان الثقة بالشكل والمظهر والشك بالذات، مما يسبب لهم التعاسة والإحباط ويدخلهم في دوامة من الاكتئاب، وقد يصل بالبعض إلى اللجوء للجراحة التجميلية للتعديل على أشكالهم رغبة منهم في أن يظهروا بشكل مشابه للصور المثالية المنشورة للأشخاص والمشاهير على تلك المواقع.
-
تعريض العلاقات للفشل والانهيار
تشير الدراسات إلى أن الاستخدام المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي في مراقبة الأشخاص سيؤدي إلى الإضرار بالعلاقات وانهيارها وزيادة الخلافات الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات العاطفية، إذ لا يوجد أي فائدة من التطفل والمراقبة المستمرة عبر الإنترنت، فهي تضر بالعلاقة وتؤثر في نفسية الشخص المتطفل.
-
الحد من الإبداع
تعد وسائل التواصل الاجتماعي من الطرق السهلة للحد من الإبداع، إذ إن التصفح المستمر لتلك المواقع له تأثير مخدر على العقل شبيه بمشاهدة التلفاز دون وعي، إذ يتطلب الإبداع الكثير من التركيز والتفكير، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي تقف عائقًا أمام ذلك، لذا فإن الاهتمام والاستخدام المتزايد بتلك المواقع يعطل الجوانب الإبداعية لدى الأفراد.
كيفية التقليل من سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي
إن وسائل التواصل الاجتماعي وتقلباتها المستمرة تعد استنزافًا لرفاهية وصحة الأفراد العقلية والجسدية، لذا يجب الحرص على التقليل من استخدامها وتغيير طريقة التعامل معها، وفيما يأتي نصائح للتقليل من سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي على مستخدميها:
- تتبع مقدار الوقت الذي يقضيه الشخص على هاتفه في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة تقليصه، ويمكن الاستعانة ببعض تطبيقات مراقبة وتتبع الوقت.
- إيقاف تشغيل إشعارات تطبيقات التواصل الاجتماعي للمساعدة على تقليل التشتت وتقليل الوقت لتصفح تلك المواقع.
- تقليل عدد منصات التواصل الاجتماعي المستخدمة.
- تخصيص وقت محدد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وعدم تجاوزه.
- أخذ استراحة مؤقتة لمدة يوم أو يومين من وسائل التواصل الاجتماعي كل فترة.
- طلب مساعدة شريك للحصول على التشجيع والتحفيز للتخلص من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى أن الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لا يعني بالضرورة الحاجة إلى مسح جميع الحسابات عليها، وإنما يتطلب ذلك محاولة جادة من الشخص لضبط نفسه وتقليل الوقت الذي يقضيه على تلك المواقع للتقليل من آثارها السلبية عليه، فكما هو الحال مع كل شيء، فإن لوسائل التواصل الاجتماعي جوانب إيجابية وأخرى سلبية، فإذا كان التأثير السلبي لها كبيرًا، فيجب الحرص على إيجاد حل للحفاظ على استخدام صحي ومنضبط لها.