اعتبر رؤساء تحرير ومحررون سابقون لعدة صحف ومجلات شاركت في نشر وثائق منظمة "ويكيليكس" عام 2010، أن تسليم مؤسس المنظمة جوليان أسانج للولايات المتحدة الأمريكية لن يضع مستقبله هو فقط على المحك، وإنما مستقبل حرية الصحافة برمته.
وقال رؤساء التحرير والمحررون التنفيذيون السابقون لصحف "لوموند" و"الغارديان" و"نيويورك تايمز" و"إل باييس" ومجلة "دير شبيغل"، إن تكلفة تسليم أسانج للولايات المتحدة التي تتهمه بانتهاك قانون التجسس لعام 1917، لن تقتصر عليه فقط، وإنما قد تكون أوسع نطاقًا.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها معهم صحيفة "إل باييس" الإسبانية بعد جلسات الاستماع الأسبوع الماضي أمام المحكمة العليا في لندن، حيث سيتم تحديد ما إذا كان بوسع الصحفي الأسترالي الاستمرار في الاستئناف في بريطانيا ضد تسليمه إلى الولايات المتحدة.
أكد رؤساء تحرير ومحررون سابقون لعدة صحف ومجلات أن تسليم أسانج للولايات المتحدة سيضع مستقبله ومستقبل حرية الصحافة على المحك
وبحسب الصحيفة، يتفق الجميع على التداعيات المحتملة لتسليم جوليان أسانج وإدانته بـ18 تهمة قد تؤدي، وفقًا لمحاميه، إلى سجنه لمدة 175 عامًا.
وقال جورج ماسكولو، الذي ترأس تحرير مجلة "دير شبيغل" الألمانية خلال الفترة بين 2008 - 2013: "في بعض الأحيان، لا ندافع عن شخص أو أفعاله في المقام الأول، بل عن مبدأ".
وأضاف: "إذا نجح هذا (تسليم أسانج وإدانته في الولايات المتحدة)، فلا أرى سببًا لعدم توجيه الاتهام إلي أنا أو زملائي في إل باييس، ولوموند، والغارديان، ونيويورك تايمز".
ورأى بيل كيلر، المحرر التنفيذي لصحيفة "نيويورك تايمز" بين 2003 - 2011، أن تسليم أسانج "فكرة رهيبة". وقال: "العلاقة بين جوليان والمحررين الذين عملنا معهم لنشر المعلومات التي حصلنا عليها من ويكيليكس كانت حساسة".
وأكمل: "لم يكن من السهل التعامل معه، لكن هذا لا يبرر تجريم الصحافة، وهو ما يستلزمه استخدام قانون التجسس ضد أسانج".
وأوضح كيلر أن تسليم أسانج وإدانته لن تكون: "نهاية الصحافة ولكنها بالتأكيد ستجعل نوعًا معينًا من الصحافة أكثر صعوبة. وذلك في وقت نحتاج فيه إلى الصحافة الاستقصائية أكثر من أي وقت مضى".
ووصف نموذج العمل الحالي بأنه "معقد"، حيث: "يُغمر السوق بالأخبار الترفيهية والدعاية والمعلومات المضللة. والعديد من البلدان لديها أنظمة استبدادية تضطهد الصحافة. إن إضافة قانون التجسس إلى ترسانة مهاجمة الصحافة خطأ كبير ستكون له عواقب".
ووفقًا لـ"إل باييس"، فقد تم اعتماد قانون التجسس في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى للتعامل مع الجواسيس، ولم يتم استخدامه من قبل لمحاكمة ناشر صحيفة، وذلك على الرغم من أن أسانج ليس ناشر صحيفة ولا حتى صحفيًا بالمعنى التقليدي، وما كشفه نُشر في وسائل الإعلام التقليدية والمرموقة، وخضع لعملية تحرير وتدقيق صارمة.
من جهتها، أعربت سيلفي كوفمان، رئيسة التحرير السابقة لصحيفة "لوموند" الفرنسية، عن اعتقادها بأن: "تسليمه، ومن الواضح أن الإدانة التي ستتبعه، ستكون خطيرة على حرية الصحافة".
أما خافيير مورينو، مدير صحيفة "إل باييس" الإسبانية بين 2006 - 2014، (تولى المنصب نفسه مجددًا بين 2020 - 2021) فقد أكد أن: "السابقة التي يشكلها هذا الأمر وحشية".
وأضاف موضحًا: "الرسالة الموجهة إلى الجمهور هي: استعدوا، لأننا نتجه نحو عالم حيث الأشياء التي كنا نعتبرها أمرًا مفروغًا منه أو كنا نظن أنها مضمونة، لن تظل كذلك بعد الآن".
واعتبر آلان روسبريدجر، رئيس تحرير صحيفة "الغارديان" البريطانية السابق، أنه: "مهما كان رأيك في أسانج، فإن السابقة خطيرة"، وتابع قائلًا: "[التسليم] سيكون له أثر في تخويف الأشخاص الذين يريدون نشر هذا النوع من الأخبار".
وأكد أن الحكومات تحاول بعد أسانج وإدوارد سنودن: "كبح [الصحافة التي تحقق في أسرار الأمن القومي]، مما يجعل ذلك مستحيلًا من خلال العقوبات الصارمة والتشريعات التي لم تكن مصممة لمنع الصحافة من العمل".
ويواجه جوليان أسانج، الذي يقبع خلف قضبان سجن بيلمارش شديد الحراسة جنوب لندن منذ عام 2019، بعد نحو 7 سنوات قضاها داخل سفارة الإكوادور في لندن لاجئًا سياسيًا؛ خطر التسليم للولايات المتحدة لنشره آلاف الوثائق العسكرية والدبلوماسية السرية.