04-نوفمبر-2024
تطهير عرقي في غزة ولبنان

نازحون فلسطينيون ينتقلون إلى جنوب غزة بعد أن أمرهم الاحتلال بإخلال الشمال (رويترز)

اعتبرت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية في تقرير نشر ضمن عدد نهاية الأسبوع بعنوان "الأرض ملكنا" أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ حملة "تطهير عرقي" في قطاع غزة وجنوب لبنان، مدللة على استنتاجها بالإشارة إلى مؤتمر عودة المستوطنات إلى شمال غزة الذي عقد في وقت سابق من الشهر الماضي، وأن جيش الاحتلال ينفذ عملية إبادة جماعية في شمال غزة لتهجير الشمال قسرًا إلى الجنوب.

وكان جيش الاحتلال قد بدأ حملة عسكرية عنيفة في شمال قطاع غزة منذ الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مما أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والجرحى، وإجبار السكان على النزوح إلى الجنوب، وذلك بعد أيام من التصعيد الذي شهدته مختلف الأراضي اللبنانية، والذي أجبر مئات الآلاف على النزوح من مدن وبلدات جنوب وشرق لبنان.

"إسرائيل بحدود موسعة"

وبحسب ما جاء في تقرير "بوليتيكن"، فإن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يريد التمهيد لبناء مستوطنات في المنطقة، مؤكدةً كلامها بالإشارة إلى المؤتمر الذي عقد بين يومي 20 و21 تشرين الأول/أكتوبر الماضي في مستوطنة بئيري في غلاف غزة، بمشاركة سياسيين وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي، لتدارس عودة المستوطنات إلى القطاع.

وقف وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، على منصة المؤتمر الاستيطاني ليقول: "سنقدم فرصة لهم (للغزيين) للانتقال إلى بلدان أخرى، لأن الأرض ملك لنا"

ووصفت الصحيفة الدنماركية المشهد في المؤتمر بالقول: "وقف وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، على منصة المؤتمر ليقول: سنقدم فرصة لهم (للغزيين) للانتقال إلى بلدان أخرى، لأن الأرض ملك لنا"، وتطرقت في تقريرها للحديث بشأن الوضع القانوني للأراضي المحتلة عام 1967، وللحصار المفروض على قطاع غزة منذ 2007.

وشددت "بوليتيكن" على أن "خبراء ومنظمات دولية يرون أن ما يجري في القطاع هو (تطهير) كل المنطقة الواقعة إلى شمال ممر نتساريم"، مشيرة إلى أنه  في ذات السياق، يُقرأ مؤتمر حركة الاستيطان اليمينية المتطرفة "ناشالا" من أجل "التحضير لإعادة المستوطنات في غزة".

وأوضحت الصحيفة الدنماركية أن: "الحديث عن هجرة طوعية لسكان قطاع غزة لا طوعية فيه إذا كنت تعيش تجربة الإبادة الجماعية"، ونقلت عن الباحث في الاستعمار الاستيطاني في فلسطين في جامعة "تامبيري" الفنلندية، وسيم غنطوس، قوله إن: "الفكرة هي خلق ظروف لا تطاق للفلسطينيين حتى يتم إجبارهم على التحرك".

ونوهت "بوليتيكن" إلى أن "إسرائيل تواجه اتهامات بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية. وينص القرار الأولي الصادر في شهر كانون الثاني/يناير الماضي على أنه من المحتمل أن تؤدي الحرب في غزة إلى إبادة جماعية"، مضيفة أن "الأمر لم يتوقف هنا، لأنه في المجتمع الإسرائيلي يُعبَّر بشكل متزايد عن أفكار حول إسرائيل أكبر، بحدود موسعة".

إبادة وتطهير عرقي

وتناول تقرير الصحيفة الدنماركية موضوعًا غائبًا عن الصحف الغربية، والمتمثل بدخول لبنان إلى دائرة مخططات الاستيطان الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن "هذه الأفكار برزت عندما نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مقالًا بعنوان: هل لبنان جزء من أرض إسرائيل الموعودة؟"، موضحة أن مقال الصحيفة العبرية نُشر بعد أيام قليلة من تكثيف جيش الاحتلال لقصف العاصمة اللبنانية بيروت.

وأشارت "بوليتيكن" إلى أن الصحيفة العبرية قامت بحذف التقرير من موقعها الرسمي لاحقًا، وأضافت أن "حركة المستوطنين أوري تزافون نشرت إشعارًا بشأن المنازل المبنية حديثًا في جنوب لبنان، بالقول  إنه جزء من إسرائيل التاريخية الموعودة".

واعتبر غنطوس في حديثه لـ"بوليتيكن" أن فكرة توسيع "أرض إسرائيل" ليست جديدة، بل جرى التعاقد مع الحركة الاستيطانية منذ عام 1979 لأجل توسيع حدود الدولة، فيما أشارت الصحيفة الدنماركية التي تحولت إلى نقد الصهيونية خلال الأعوام الأخيرة، إلى أن ما يحصل يمكن "اعتبار أنه ينم عن نيات الإبادة والتطهير العرقي للفلسطينيين واللبنانيين".

وقالت الصحيفة إن الفكرة تقوم على "استعادة مملكة الملك داود، كما يشيع وزير مالية نتنياهو، بتسلئيل سموتريتش، في الرؤية المسيانية"، ونقلت عن الأستاذ المشارك في جامعة تل أبيب، أورييل أبولوف، قوله: "منذ ما قبل عام 1948، كانت الحركة الصهيونية تعمل على بناء المستوطنات في فلسطين، وتوسيع أراضيها وطرد الفلسطينيين من أجل إنشاء دولة يهودية حصرية".

وأعادت "بوليتيكن" فكرة "إسرائيل الكبرى" إلى مؤسس الحركة الصهيونية، ثيودور هرتزل، الذي "فكر في دولة يهودية توراتية تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات"، مضيفةً أنه في أعقاب حرب عام 1967، نشأت حركة "إسرائيل الكبرى"، وهي إحدى الحركات التي ساعدت في تأسيس حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو.

مشروع بن غفير وسموتريتش

وبيّنت الصحيفة الدنماركية أن بن غفير وسموتريتش لديهما مشروع لتطبيق توسيع "أرض إسرائيل" على أساس أن لديهما "خطة مسيانية واضحة للغاية لمستقبل الحرب"، وبحسب أبولوف، فإنه على تلك الخلفية، تزايد ارتداء تاج مملكة داود من قبل العسكريين المنتمين إلى ذلك التيار مع صورة موحدة تظهر خريطة إسرائيل الموسعة، في وقت تشير فيها استطلاعات رأي أن 64% من الإسرائيليين يعارضون حل الدولتين.

ويرى غنطوس أن حكومة نتنياهو ليست بعيدة عن تلك الخطة، موضحًا: "أنهم يعملون خطوة بخطوة ويختبرون هذه الامتدادات بحجة الأمن"، لافتًا إلى أن تصريحات نتنياهو لأعضاء من حزبه عن محادثات مع دول أخرى لاستيعاب سكان غزة، أي طرد الفلسطينيين وتوسيع أراضي إسرائيل، هي تعبير عن "زواج بين الاستعمار والدين" إلى جانب وجود حوافز اقتصادية وأمنية.

وبحسب الصحيفة الدنماركية، يجري ذلك أيضًا في الضفة الغربية، حيث استولت إسرائيل على مساحة كبيرة من الأراضي خلال العام الماضي، ويرى أبولوف أن "الاهتمام موجه نحو غزة ولبنان، وهذه فرصة ذهبية لنتنياهو في الضفة الغربية المحتلة".

وتختم "بوليتيكن" تقريرها بالإشارة إلى أن القائمين على "خطة الجنرالات" ينتظرون وصول المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض للانتقال إلى تنفيذ إجراءات أكثر مباشرة وتطبيق الخطة، "والهدف هو تطهير المنطقة الواقعة شمال ممر نتساريم"، في الوقت الذي يعتقد غنطوس أن "منع تطبيق الخطة سيعتمد على المقاومة محليًا وعالميًا".