ألترا صوت – فريق التحرير
أصدرت "دار إشراقة" في العاصمة المصرية القاهرة، حديثًا، طبعة جديدة من كتاب "مذكرات خمسة وخمسين شهرًا في مخبئي"، الذي يضم بين دفتيه مذكرات المصري محمد شكري الكرداوي أفندي، الذي عُرف بنشاطه السياسي، ونضاله ضد الاحتلال البريطاني لمصر، ومشاركته في ثورة آذار/ مارس 1919 التي قادها "حزب الوفد" بزعامة سعد زغلول.
يحيط محمد شكري الكرداوي في مذكراته بمختلف تحولات المشهد السياسي المصري وتعقيداته خلال عشرينيات القرن الفائت
يروي الكرداوي في مذكراته التي صدرت لأول مرة عام 1936، تفاصيل 55 شهرًا قضاها مختبئًا في بيتٍ صغير، في حارة شعبية، بسبب نشاطه السياسي، ومشاركته في عمليات المقاومة السرية ضد الاحتلال البريطاني، بالإضافة إلى مساهمته في التخطيط لاغتيال رئيس الوزراء المصري آنذاك، محمد سعيد باشا، بسبب قبوله تشكيل الحكومة رغم دعوة سعد زغلول السياسيين المصريين إلى رفض تشكيل أي حكومة قبل جلوس البريطانيين إلى طاولة التفاوض، والبحث في مسألة الاستقلال.
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "الأُنس بالراحلين".. رحلة في سِير أعلام الفكر والأدب والسياسة
يقول الكرداوي إنه قرر الاختفاء بعد معرفته بفشل عملية الاغتيال، واعتراف الشخص الذي نفذ العملية بأنه هو من خطط لتنفيذها، فما كان منه في حينها إلا مغادرة الإسكندرية، حيث جرى تنفيذ العملية، باتجاه القاهرة التي رأى أنها أفضل للتخفي عن عيون الشرطة وأجهزة الأمن، التي كانت قد أعلنت عن منحها مبلغ 500 جنيه مكافأة لمن يقبض عليه، أو يبلّغ عنه.
ويذكر الكاتب أن الحكومة المصرية نشرت خبر تلك المكافأة في صحف العراق وسوريا والحجاز، وقامت بتوزيع صوره في مختلف محافظات المملكة المصرية، وذلك بالإضافة إلى سؤالها نحو 600 شخص عنه، وبلوغ صفحات التحقيق أكثر من 900 صفحة، وتعليق صورته على أبواب مراكز الشرطة، وإبلاغها المصارف بمصادرة ما يوجد باسمه من أموال، تزامنًا مع إصدار محكمة جنايات الإسكندرية حكمًا بسجنه، مع الأشغال الشاقة، لمدة 15 عامًا.
رغم ذلك، فشلت جميع محاولات الحكومة المصرية، على مدار نحو 55 شهرًا، للقبض على محمد شكري الكرداوي الذي يقول في هذا السياق: "نجوت من شر ست وزارات تعاقبت على كراسي الحكم في غضون هذه المدة".
ويضيف الكاتب المصري في مذكراته: "فشلت كل خطط البوليس ولم يعثر لي على أثر، حتى شُكلت وزارة الأمة برئاسة سعد زغلول باشا في عام 1924 وأصدرت عفوًا عن جميع المقبوض عليهم سياسيًا فظهرت بمحض رغبتي وعدت ثانية إلى الحياة الاجتماعية".
يروي الكرداوي في مذكراته تفاصيل 55 شهرًا قضاها مختبئًا في بيتٍ صغير، في حارة شعبية، بسبب نشاطه السياسي
وبالإضافة إلى سرده تفاصيل اختبائه، يقدّم محمد شكري الكرداوي في مذكراته إحاطة وافية بتحولات المشهد السياسي المصري وتعقيداته خلال الفترة الممتدة بين عام 1914، تاريخ إعلان الحماية البريطانية على مصر، وحتى منتصف عشرينيات القرن الفائت.
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "مذكرات عبد السلام أحمد جلود".. رحلة من رفقة القذافي إلى الثورة عليه
اشتملت مذكرات الكرداوي أيضًا، وبحسب ما جاء في كلمة الناشر، على: "تحليلاتٍ اجتماعية خلدونية – إن جاز التعبير – تنم عن وعي عميق بطبيعة المجتمع المصري، ومحاولة فهمه، ومن ثم كيفية التعامل مع أكثر فئةٍ من فئاته، وهي فئة العوام". وقدّمت، في الوقت نفسه، صورة بانورامية: "للمجتمع المصري وعاداته وتقاليده وثقافته واهتماماته".
اقرأ/ي أيضًا:
كتاب "مذكرات أبو ماهر اليماني".. من الجليل إلى المخيم
كتاب "المستدرك في يوميات عدنان أبو عودة".. في العلاقات الأردنية - الفلسطينية