"لقد انتهى ربيع اللاجئين في أوروبا"، هذا ما نشعر به أمام عشرات طلبات السفر المرفوضة شهريًا من قبل سفارات الدول الأوروبية، للسوريين ممن قرروا بعد نفاذ الصبر وانعدام الأمل بالتغيير أو تحسن ظروف الحياة في سوريا أن يسافروا إلى دولة أوروبية أملًا في حق اللجوء، ليكون لهم فيها أيام أفضل.
تتضاعف حالات الرفض لطلبات الإقامة أو الفيزا للاجئين السوريين من قبل سفارات الدول الأوروبية وهو ما يضاعف مخاوفهم من المستقبل
طلبات لـ"لم الشمل" وأخرى بغرض طلب الحماية لم تحظ بفرصة لدراستها حتى أو بتحديد موعد مقابلة قد يستطيع المتقدم من خلاله شرح ما يمر به للموظفين المعنيين في تلك السفارات، يبقى فقط الرفض، العنوان الأبرز لمعظم تلك الطلبات.
الأمر الذي بدا وكأنه بداية لمرحلة جديدة، بعد أن قدمت تلك السفارات في مرحلة سابقة تسهيلات للكثير من الفارين من الحرب نحو أوروبا بعيدًا عن مشقة وخطر ركوب البحر. حيث استقبلت السفارة الفرنسية وكذلك الألمانية والعديد من سفارات الدول الأوروبية الأخرى أعدادًا كبيرة في السنوات الماضية من الطلبات المقدمة لطلب الفيزا بغاية الحماية الإنسانية بشكل خاص بعيدًا عن برنامج الأمم المتحدة للتوطين، وحظيت معظم تلك الطلبات بالقبول، إلاّ أن الحال قد تغير كليًا.
اقرأ/ي أيضًا: حوالة مالية من أوروبا.. أجر شهري للسوريين
بعد الرفض أو فقدان الأمل بالسفر يمضي الكثير من الشباب والعائلات لإعادة ترتيب حياتهم من جديد والتفكير بطريقة للتأقلم والعيش في ظل الوضع الراهن. ما يحصل لا يتوقف فقط على من فكر حديثًا بالهجرة، بل حتى من يعيش دون أوراق رسمية أو قد دخل عن طريق التهريب، تصل للجميع عبارة "طلبكم مرفوض"، دون شرح واف للأسباب، مع العلم أن الطعن بالقرار متوفر، لكنه غالبًا لن يؤدي إلى أي نتيجة.
ربما هي سياسة جديدة للتعاطي مع الحالمين بأوروبا، فقد عزم الاتحاد الأوروبي مؤخرًا على تخصيص مبالغ مالية معينة لتحفيز خفر السواحل الليبية لمنع تدفق اللاجئين، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من اللاجئين العالقين في مخيمات اليونان ومن ينتظر فرصة للتوطين عبر الأمم المتحدة، التي وبالاتفاق مع السلطات الكندية تعمل على ما أسمته جسرًا جويًا لنقل اللاجئين السوريين من الأردن عبر مصر إلى كندا بمعدل ثلاث رحلات أسبوعياً.
وحدها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تنظم رحلات العمر تلك للمسجلين عندها، فترسلهم إلى فرنسا قادمين من الأردن أو لبنان، وهي أساسًا لحالات استثنائية قليلة يشفع فيها المرض والشيخوخة.
تراجع التعاون مع اللاجئين في أوروبا مع المتغيرات التي أفرزتها الانتخابات في عديد الدول إضافة إلى اتفاقيات عالمية للحد من تدفقهم
اقرأ/ي أيضًا: أبرز التحديات التي تواجه الطلبة اللاجئين في أوروبا
عن فرنسا مثلًأ، يقول المحامي جلال.ن لـ"الترا صوت": "هناك العشرات من الشباب والعائلات التي تقدمت بطلب اللجوء من السفارة الفرنسية وتم رفضها لأسباب مجهولة بعد أن كانت الأمور أسهل نسبيًا في السابق، البعض يحيل ذلك إلى قدوم الرئيس الجديد ايمانويل ماكرون وتبدل الأوضاع الداخلية في فرنسا".
تصف مروة، لـ:الترا صوت"، وهي ناشطة سورية تقيم في بيروت مقابلتها مع السفارة: "كل شيء كان على ما يرام لقد تحدثنا لساعتين متواصلتين، مليئة بالأسئلة، بوجود مترجمة لبنانية وفي نهاية اللقاء رافقني الموظف إلى الباب وطلب مني أن أنتظر حتى ثلاثة أشهر للحصول على رد، لقد انتظرت خمسة أشهر بعد تلك المقابلة، وأضفت خمسة أشهر أخرى قبل أن أفتح بريدي لأجد رسالة تعلن الرفض دون توضيح الأسباب. أشعر بخيبة أمل كبيرة الآن بعد حوالي عام من الانتظار".
هذا ما يبدو عليه الوضع منذ منتصف العام الفائت، حيث باتت أعداد الطلبات المرفوضة للحصول على الحق في الإقامة تتضاعف في أوروبا، في الأثناء عديدة هي التغييرات التي أفرزتها الانتخابات، إضافة إلى الاتفاقيات العالمية بين الدول للحد من تدفق اللاجئين، وغيرها من القرارات والسياقات التي ضيقت الحصار على اللاجئين أكثر فأكثر.
اقرأ/ي أيضًا: