04-أكتوبر-2024
الاقتصاد الإسرائيلي

صورة أرشيفية لمقاهي في القدس المحتلة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة (رويترز)

تجاهل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الضغوط التي مارسها ضده أقطاب الاقتصاد المحلي، بإعادة النظر بحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ولم يهتم بمطالبتهم له بالالتفات إلى الضرر الواقع على مفاصل الاقتصاد.

ويرى نتنياهو أن المجازر التي يرتكبها بقطاع غزة والعدوان العسكري على لبنان، بمثابة حرب وجود لـ"إسرائيل"، بحسب تصريحات سابقة له، أكد خلالها أن مختلف الأضرار ستكون بلا قيمة أمام حرب الوجود، وفقًا لوكالة "الأناضول" التركية.

السياحة الوافدة

اليوم، وبعد عام كامل على مواصلة إبادة الفلسطينيين في غزة، فقد الاقتصاد الإسرائيلي زخمه الذي ميزه عن غالبية الاقتصادات العالمية، وجعله قبلة للاستثمارات الأجنبية خاصة في صناعة التكنولوجيا الفائقة.

بعد عام كامل على مواصلة إبادة الفلسطينيين في غزة، فقد الاقتصاد الإسرائيلي زخمه الذي ميزه عن غالبية الاقتصادات العالمية

وبحسب الأناضول، فإن السياحة الوافدة إلى "إسرائيل" تراجعت بأرقام غير مسبوقة منذ "قيام الدولة" عام 1948، وفقًا لما تنقل عن تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، بفعل الحرب على قطاع غزة، والهجمات المتبادلة مع "حزب الله" في شمال الأراضي المحتلة.

وأفادت بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي عن فترة النصف الأول من العام 2024، بأن بلغ عدد السياح الوافدين نصف مليون، في مقابل مليوني سائح وافد خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2023، بنسبة تراجع بلغت 75 بالمئة.

وتشكل السياحة 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو ما قيمته 36 مليار دولار أمريكي، في وقت تتجه 10 بالمئة من الفنادق لغلق أبوابها نهائيا بحلول 2025، بحسب تقرير للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية.

ووصلت الأزمة، وفق مركز الدراسات الفلسطيني، إلى حد أن شركات تأمين عالمية، وخاصة أوروبية وأميركية رفضت في أكثر من مناسبة بيع بوليصات تأمين للمسافرين إلى "إسرائيل"، مضيفًا أنه "حينما يجري الحديث عن نصف مليون سائح، واستنادًا إلى تقارير وإحصائيات عبر السنين، فإنه بالإمكان الاستنتاج أن النسبة الأكبر من هؤلاء، هم إما أقارب مواطنين، أو سياحة دينية يهودية".

وكانت أخر مرة سجلت فيها "إسرائيل" ذروة بالسياحة الوافدة في 2019، حينما بلغ عدد السياح الإجمالي 4.5 ملايين، قبل أن تتلقى السياحة ضربة حادة أسوة بدول العالم في العامين التاليين، بفعل جائحة كوفيد-19 العالمية

عودة التضخم

وبينما كانت "إسرائيل" تتحضر لاتباع الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة، بعد هبوط التضخم دون ثلاثة بالمئة خلال الشهور الماضية، إلا أن أسعار المستهلك قفزت مجددًا، فيما قفز تضخم أسعار المستهلك السنوي في "إسرائيل"، عند 3.6 بالمئة خلال آب/أغسطس الماضي، صعودًا من 3.2 بالمئة في تموز/يوليو السابق له، مسجلًا أعلى مستوياته منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وعجزت السوق الإسرائيلية عن تلبية الطلب على سلع حيوية، بصدارة الخضار والفاكهة وبعض السلع المعمرة، بسبب أزمة البحر الأحمر، إلى جانب ارتفاع أسعار السكن، وأرقام التضخم هذه المسجلة في آب/أغسطس الماضي، تعتبر الأعلى منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما سجلت في ذلك الوقت 3.7 بالمئة، وهو أول شهور العدوان الإسرائيلي على القطاع.

وشملت الزيادات البارزة في الأسعار في آب/أغسطس الماضي، الخضروات الطازجة، التي ارتفعت بنسبة 13.2 بالمئة، بسبب استمرار أزمة الملاحة في البحر الأحمر، والنقل بنسبة 2.8 بالمئة، وزيادات في مجموعات أخرى بنسبة متباينة.

وتضامنًا مع غزة التي تواجه حرب إبادة جماعية يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، استهدفت جماعة "أنصار الله الحوثي" اليمنية بالصواريخ والطائرات المسيّرة سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر، فضلًا عن استهدافها البوارج الحربية الأميركية المتمركزة في البحرين الأوسط والأحمر للدفاع عن "إسرائيل".

ومع تسجيل نسب تضخم مرتفعة تتجاوز هدف بنك إسرائيل البالغ ثلاثة بالمئة، فإن البنك سيدخل في أزمة تحفيز الاقتصاد، والذي يعد أحد أبرز أركانه خفض أسعار الفائدة، وبين الحفاظ على تضخم ضمن السيطرة، والذي يتم برفع أسعار الفائدة.

أزمة عقار

أما أسعار المساكن التي زادت بنسبة 0.9 بالمئة على أساس شهري في مؤشر التضخم لشهر آب/أغسطس الماضي، فهي الزيادة الثامنة على التوالي، بينما بلغت الزيادة 5.8 بالمئة على أساس سنوي.

وارتفعت أسعار المساكن والإيجارات في عديد المناطق خاصة وسط "إسرائيل"، لأسباب عدة أبرزها عمليات النزوح من مستوطنات الشمال الحدودية مع لبنان، والنزوح من مستوطنات الجنوب المحاذية لقطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وإلى جانب النزوح من الشمال والجنوب وأثره على أسعار المساكن والإيجارات، فإن غياب أكثر من 90 ألف عامل فلسطيني في قطاع البناء منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أذكى المخاطر من نشوب أزمة نقص عقارات.

وتشير تقديرات لاتحاد المقاولين في "إسرائيل"، إلى أن سوق العقارات قبل الحرب كان يعاني نقصًا بـ40 ألف عامل، بينما اليوم فإنه يعاني نقصًا بـ130 ألف عامل، بسبب غياب العمالة الفلسطينية.

التصنيف الائتماني

إلى ذلك، خفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية، تصنيف "إسرائيل" على المدى الطويل "من A+ إلى A"، بعد أيام قليلة من تخفيض وكالة موديز تصنيف "تل أبيب" الائتماني، في ضربة قوية للاقتصاد.

وكالة "ستاندرد آند بورز"، التي تعتبر من أكبر شركات التصنيف الائتماني في العالم، غيرت نظرتها المستقبلية لاقتصاد "إسرائيل" من مستقرة إلى "سلبية"، وأرجعت القرار الصادر، الثلاثاء الماضي، إلى المخاطر الأمنية المتزايدة في ظل تصاعد الأحدث في الصراع مع "حزب الله"، بالإضافة إلى خطر اندلاع حرب مباشرة مع إيران.

وكانت وكالة "موديز" قد خفضت تصنيف "إسرائيل" الائتماني، الجمعة الماضية، قبل أسبوع من اليوم، "من A2 إلى Baa1" ، وأبقت على نظرتها المستقبلية السلبية حيال التصنيف، بحسب ما ذكرت الوكالة التركية.

وكتبت موديز في تقرير أن "المحرك الرئيسي لخفض التصنيف هو وجهة نظرنا بأن المخاطر الجيوسياسية قد تزايدت بشكل كبير، إلى مستويات عالية للغاية، مع عواقب سلبية مادية على الجدارة الائتمانية لإسرائيل في الأمد القريب والبعيد".