ألترا صوت – فريق التحرير
صدر قبل أيام، كتاب جديد للمفكر العربي عزمي بشارة، عن المركز العربي للأبحاث تحت عنوان "في الإجابة على سؤال: ما السلفية؟"، وهو جزء من مساهمة واسعة بدأها المؤلف في تعقب مفاهيم شائكة، متعلقة بشكل جدلي بالراهن العربي، على غرار الطائفية والإرهاب والتطرف.
يتميز هذا الكتاب في أنه ينظر إلى السلفية لا كمفهوم مجرد ذي معنى اختزالي، بل كمصطلح له تاريخ، وله سياق تاريخي
وفي حين حاز مصطلح "السلفية" مقدارًا كبيرًا من التعريفات والشروح والاستعمالات المختلفة، فإن كثيرًا من الدارسين والكُتّاب، لا يزالون كما يوضح التعريف المنشور عن الكتاب، يتداولون المصطلح إما بالتبسيط وإما بالاختزال وإما بالنقل المتواتر عن السلف؛ وما فتئ الفهم السائد للسلفية يدور على ثلاثية "الكتاب والسُنة" و"نبذ البدع" و"إنكار المُلحدات".
ويتميز هذا الكتاب في أنه ينظر إلى السلفية لا كمفهوم مجرد ذي معنى اختزالي، بل كمصطلح له تاريخ، وله سياق تاريخي أيضًا، خضع لتعديلات جوهرية في معناه ودلالته معًا. ثم إن مفهوم السلفية ليس واحدًا، بل متعدد؛ فثمة سلفيات لا سلفية واحدة.
إن صاحب "الطائفة، الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة" يدرس السلفية لا باعتبارها وحدة واحدة، يجوز عليها تعريف واحد، ولكن باعتبارها سلفيات؛ فمنها الإصلاحية والدعوية والجهادية والعلمية، علاوة على السنية والشيعية وغيرها، ويحفر عميقًا في التاريخ الإسلامي ليؤسس مدخلًا علميًا لفهم العلاقة بين السلفية والوهابية، ويقيم تفاعلًا معرفيًا بين سلفية "أهل الأثر" القدامى وسلفية ابن تيمية.
و يعود بشارة إلى الحفر في ثنايا التاريخ الإسلامي ليعالج السلفية في ظهوراتها المتعددة، ويستولد من ذلك فهمًا معاصرًا لها من خلال التصدي لإشكالية المصطلح على المستويين الفكري والتاريخي، ومن خلال دراسة حنبلية محمد بن عبد الوهاب وسلفية محمد رشيد رضا، فضلًا عن تمثلات السلفية في النطاق الفقهي، ومقارنة ذلك بالسلفيات المسيحية التي ظهرت في حقبة "الإصلاح الديني" الأوروبية.
وكما يتبين، فإن المفكر العربي المنشغل بالبحث في المفاهيم الراهنة باعتبارها قضايا نشأت في سياقات ومسارات تاريخية، وانبنت خلالها، يكمل مشروعه بصورة أكثر تخصصًا في التاريخ الإسلامي، ويلاحق مفهومًا يحظى برواج واسع، من دون أن يكون له معنى واضح.
اقرأ/ي أيضًا:
عزمي بشارة: "الجيش والسياسة" مدخلًا لفهم الدولة الوطنية العربية