27-سبتمبر-2017

نقص المياه الصالحة للشرب يهدد عددًا من الجزر حول العالم (رويترز)

ما أجمله من مشهد! تشرق الشمس متلألئة على جزر جميلة، تبرز بشكل رائع من البحر الفيروزي بينما تنعكس أشعة الشمس على مياهه الهادئة. لن تصدق أن هذه صور من جزر سليمان التي ألفناها في منشورات السفر.

جزر سليمان (Nature Picture Library)

يعتبر إمداد السكان بمياه شرب نظيفة تحديًا للجزر التي لا تملك مياهها العذبة الخاصة مع وجود مصادر محدودة فقط من المياه الجوفية

صور لا تثير في نفوسنا أي شك في احتمالية وجود نقص في المياه العذبة على هذه السلسلة من الجزر الواقعة شمال شرق أستراليا. لكن وفقًا لآخر الإحصاءات، التي جمعتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، فإن أربعة من كل عشرة من سكان جزر سليمان لا يحصلون على مياه شرب نظيفة، ما يجعل جزر سليمان واحدة من مجموعة البلدان التي لم تتحسن فيها حالة مياه الشرب، بل ازدادت سوءًا في السنوات القليلة الماضية، إذ أنه في مطلع الألفية كانت نسبة من لا يستطيعون الحصول على مياه صالحة للشرب من سكان الجزيرة هي 2 من 10 فقط.

اقرأ/ي أيضًا: تونس.. هل تتحقق انتفاضة العطشى؟

تحلية مياه البحر عملية شاقة ومكلفة

ارتفع عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على مياه نظيفة بشكل ثابت في جزر أخرى، بما في ذلك جزر القمر وميكرونيسيا. والواقع أن إمداد السكان بمياه الشرب الآمنة يمثل تحديًا كبيرًا للجزر التي لا تملك مياهها العذبة الخاصة مع وجود مصادر محدودة فقط من المياه الجوفية. لا تملك هذه الدول دائمًا خط أنابيب من اليابسة أو الجزر المجاورة وعملية تحلية المياه شاقة ومكلفة.

وفي بعض الحالات، يعتمد الناس اعتمادا كُليًا على مياه الأمطار، كما قد تزيد الكوارث الطبيعية الحالة سوءًا أحيانًا. على سبيل المثال، في جزر سليمان، دمر إعصار تسونامي في عام 2007 خزانات مياه لا تعد ولا تحصى ولوث آبار المياه العذبة بالمياه المالحة، حتى صار عشرات الآلاف غير قادرين على الحصول على مياه الشرب بشكل آمن.

الحق في مياه نظيفة

يحصل 89% من سكان العالم على مياه نظيفة، وفقًا للتعريف الذي تستخدمه منظمتي الصحة العالمية واليونيسيف يعني ذلك أن بوسعهم "الوصول إلى المياه غير الملوثة والقابلة للاستخدام دون غلي، والتي تأتي من أنابيب أو آبار موثوقة، بالإضافة إلى أنها متاحة في أي وقت سواء داخل ممتلكات الفرد أو في مكان قريب".

وعلى الرغم من الإخفاقات الأخيرة التي شهدتها بعض الجزر، إلا أن الحالة العامة تتحسن عامًا تلو الآخر. وفي الواقع، يبدو أن هدف الأمم المتحدة المتمثل في إمكانية توفير مياه الشرب النظيفة لجميع سكان العالم بحلول عام 2030، وفقًا لأهدافها التنموية الدائمة، هو هدف قريب المنال. إلا أن نظرة أكثر عمقًا على الإحصاءات تكشف الأماكن التي ينبغي إجراء التحسينات بها، والمشاكل لا تقتصر فقط على جنوب المحيط الهادئ.

تفاوت شاسع بين وضع المدن والمناطق الريفية

في عديد البلدان في أفريقيا وأوقيانوسيا، يحصل أقل من ثلث السكان في المناطق الريفية على مياه صالحة للشرب على عكس المناطق الحضرية

تتضحُ الفوارق جلية إذا نظرنا إلى البيانات المتوفرة عن المناطق الريفية والحضرية، فإذا تفحصنا أوضاع سكان الحضر والريف بشكل منفصل ستكون الهوة أعمق بالنسبة لبعض البلدان في أفريقيا وأوقيانوسيا. فبينما يحصل ثلثا سكان مناطق الحضر على الأقل، على المياه النظيفة المأمونة، تنخفض هذه النسبة إلى أقل من الثلث في المناطق الريفية حيث يعيش غالبية السكان.

من الضروري جدًا مراقبة وصيانة الآبار وخطوط أنابيب المياه، لكنه من الصعب عمليًا تنفيذ هذه المهام الحيوية في المناطق الريفية؛ بسبب غياب أو قلة توفر الخبرة التقنية اللازمة في كثير من الأحيان محليًا. فضلًا عن الاضطرابات والحروب الأهلية الناشبة في تلك المناطق؛ ما يزيد من خطورة الوضع من خلال تدمير أنابيب المياه أو عدم القدرة على صيانتها بشكل مقبول.

يحصل 95% من سكان المدن، على مستوى العالم، على مياه نظيفة. في حين لا تتجاوز هذه النسبة 80% وسط السكان الذين يعيشون في المناطق الريفية. وقد شهدت السنوات الأخيرة تحسنًا مستمرًا في الوضع، بينما لم يُنجز سوى تقدم ضئيل في المدن. وإذا استمر الوضع في هذا الاتجاه من المرجح تحسن حالة المناطق الريفية لتلحق بالركب وتحقق نفس مستوى المناطق الحضرية من حيث التزود بالمياه النظيفة، في غضون السنوات العشرين المقبلة.

اقرأ/ي أيضًا: "احتجاجات العطش".. المغاربة بين شحّ المياه والقمع الأمني

[[{"fid":"88486","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"نقص حاد للمياه في الصومال (رويترز)","field_file_image_title_text[und][0][value]":"نقص حاد للمياه في الصومال (رويترز)"},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"نقص حاد للمياه في الصومال (رويترز)","field_file_image_title_text[und][0][value]":"نقص حاد للمياه في الصومال (رويترز)"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"نقص حاد للمياه في الصومال (رويترز)","title":"نقص حاد للمياه في الصومال (رويترز)","height":315,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

مليارات بلا مرافق ولا صرف صحي

إن حصول السكان على مياه شرب مأمونة ليس كافيًا وحده، فلا بد من توفيرها أيضًا داخل المراحيض بحيث يمكن التخلص من الفضلات بشكل سليم وآمن للحد من انتشار الأمراض. ولهذا الغرض يحتاج الناس إلى الصابون لتنظيف أيديهم وأجسادهم عمومًا، وتحتاج النساء أيضًا إلى حفاضات قطنية أو أغراض مماثلة. وتعتبر هذه المتطلبات الصحية حقًا لحفظ الكرامة الإنسانية الشخصية، وهي مدرجة أيضًا ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة تحت فئة "المياه". ويسعى برنامج الأمم المتحدة في هذا الشأن، بحلول عام 2030، إلى  إمكانية استفادة جميع سكان العالم من المرافق الصحية الملائمة.

لكن يبدو هذا الجزء من التوقعات بالغ التفاؤل، وغير واقعي إلى حد كبير إذا أخذنا في الاعتبار أنه في الوقت الراهن لا يحصل سوى 68% من سكان العالم على مرافق صرف صحي تلبي معايير الأمم المتحدة. أما في المناطق الريفية فتنخفض هذه النسبة إلى واحد فقط من بين اثنين، وهذه ليست مجرد قيم سلبية هامشية، بل تشكل المتوسط العالمي.

أما بالنسبة لمرافق الصرف الصحي، فيشهد الوضع أيضًا قدرًا من التحسن. وإن كان بمعدل أبطأ بكثير. وعمليًا قد يستغرق الأمر عدة عقود قبل أن يتمكن جميع سكان العالم من الحصول على المرافق الصحية الملائمة.

 

المقال مترجم عن الرابط التالي

 

قرأ/ي أيضًا:

حرب نظام الأسد على المعارضة.. بماء الشرب أيضًا

مصر.. إنها حرب المياه