قالت "هيومن رايتس ووتش"، في بيان صحفي، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجزت آلاف العمال من غزة لعدة أسابيع عازلة إياهم عن العالم الخارجي في ظروف غير إنسانية ومهينة بعد عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأخضعت بعضهم لمعاملة غير إنسانية ومهينة. وما يزال آلاف آخرون عالقين في الضفة الغربية المحتلة بدون تصاريح إقامة قانونية وعُرضة للاعتقال.
احتُجِز المعتقلون بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر في إسرائيل وقواعد عسكرية في الضفة الغربية، وأفادت تقارير أنه تم استجواب بعضهم بشأن صلاتهم بالهجمات أو معرفتهم بها. أُطلق سراح أكثر من 3,000 شخص ونُقلوا إلى غزة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر.
ولم تعلن السلطات الإسرائيلية عن عدد عمال غزة الذين كانوا في إسرائيل يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وعدد المحتجزين، وعدد المتهمين بارتكاب جرائم أو الذين ما زالوا محتجزين.
قالت ميشال رندهاوا، مسؤولة أولى لحقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: "احتجزت السلطات الإسرائيلية آلاف العمال لأسابيع بمعزل عن العالم الخارجي بدون توجيه تهم إليهم، وأخضعت بعضهم على الأقل لسوء المعاملة المهينة. البحث عن أولئك الذين نفذوا هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر أو ساعدوا عليها لا يبرر الاعتداء على عمال كانوا قد حصلوا على تصاريح للعمل في إسرائيل".
بحلول 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان لدى 18,500 عامل من غزة تقريبًا تصاريح للعمل في إسرائيل، رغم أن عدد من كانوا في إسرائيل يومها ليس واضحًا. للحصول على تصاريح، يخضع المتقدمون من غزة لتدقيق أمني صارمة.
قالت "هيومن رايتس ووتش"، في بيان صحفي، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجزت آلاف العمال من غزة لعدة أسابيع، عازلة إياهم عن العالم الخارجي في ظروف غير إنسانية ومهينة، وذلك بعد عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أربعة عمال من غزة اعتقلتهم السلطات الإسرائيلية بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر. ثلاثة منهم كانوا ضمن مجموعة صغيرة أُطلق سراحها إلى الضفة الغربية قبل 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وأُطلق سراح العامل الآخر في 3 نوفمبر/تشرين الثاني إلى غزة.
حاول أحد الرجال الذهاب إلى الضفة الغربية بعد معرفته بإلغاء تصريح عمله وحذفه من "المنسِّق"، وهو تطبيق الهاتف الذي تُخزَّن تصاريح العمل فيه. قال إنه أوقف عند نقطة تفتيش في الطريق، وعُصبت عيناه وقُيّدت يداه بإحكام، ثم نُقل إلى قاعدة "عوفر" العسكرية. أضاف: "[أجبروني على خلع] كل ملابسي... والتقطوا صورا لي... ضربوني ضربًا مبرّحًا، وبقيت عاريًا أثناء ذلك، وكان الأمر مهينًا... وكان الجزء الأسوأ عندما كانت الكلاب تهاجمني. كنت معصوب العينين ومكبلًا، ولم أكن أعرف ما إذا كان ثمة شخص ما يسيطر على الكلاب أم تُركت طليقة لمهاجمتي. شعرت بالرعب".
استُجوِب وطُلب منه تحديد منزله على خريطة جوية لغزة، وكذلك تحديد أشخاص معيّنين يعيشون في الحي الذي يسكن فيه، ثم أُطلق سراحه في 3 تشرين الثاني/نوفمبر عند معبر كرم أبو سالم الذي يوصل إلى غزة.
قال رجل آخر إن الشرطة الإسرائيلية في مدينة رهط في جنوب إسرائيل اعتقلته مع عمال آخرين غزاويين بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول واقتادتهم إلى قاعدة عسكرية في أوفاكيم في إسرائيل. وأضاف: "أجبرونا [القوات الإسرائيلية] على خلع ملابسنا. [كنا] عراة تمامًا. أعطونا حفاضات لنرتديها وأفرولات بيضاء رقيقة.. بقينا معصوبي الأعين ومقيدين [بأربطة بلاستيكية على أيدينا وأرجلنا] لمدة 10 أيام... ظللنا نسأل عن سبب احتجازنا، لكن لم نتلقَّ أي رد، بل فقط اعتداءات لفظية وتهديدات بالقتل".
قال إنه تعرض للضرب لساعات، وسُحب على منطقة حصوية ووجهه إلى الأسفل، ثم رُبطت يداه المكبلتان بجدار أو سياج وضُرب مجددا. أضاف، "كل مرة كنت أسقط أرضًا، أُجبر على الوقوف، وأُضرب ثانية لأسقط على الأرض. ومع كل ضربة وسقوط، كانت الأربطة البلاستيكية التي تربط يدي تصبح أكثر إحكامًا وإيلامًا".
أمضى أربعة أو خمسة أيام أخرى في قاعدة عوفر العسكرية، ثم أُطلق سراحه ليتوجه إلى الضفة الغربية.
قال رجل آخر يعمل في رهط إنه قُبض عليه مع عمال آخرين ونُقل معهم إلى مركز شرطة رهط في 9 تشرين الأول/أكتوبر أو نحو ذلك. وبينما كانوا معصوبي الأعين وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، "كانت القوات الإسرائيلية تشتمنا باستمرار... وتهددنا بالقتل... احتُجزنا 12 ساعة. لم يُسمح لنا بالحصول على الماء أو [استخدام] الحمام".
نقلته القوات الاحتلال الإسرائيلية إلى قاعدة عوفر العسكرية، حيث قال إنه استُجوِب بشأن حماس في غزة. في 22 تشرين الأول/أكتوبر، أفرجت السلطات الإسرائيلية عنه وسُلّم إلى مسعفي "الهلال الأحمر"، الذين نقلوه بسيارة إسعاف إلى "مستشفى رام الله"، حيث عالج طاقم المستشفى جراحه.
في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، صوّت مجلس الوزراء الإسرائيلي لصالح إعادة "عمال غزة الذين كانوا في إسرائيل يوم اندلاع الحرب" إلى غزة. وفي اليوم التالي، أطلقت السلطات الإسرائيلية سراح 3,026 عاملًا فلسطينيًا إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم. وفي 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، رفضت المحكمة الالتماس، نظرًا للإفراج عن العمال في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر.
أدلى العمال الفلسطينيون المُفرج عنهم بمقابلات صحفية، وصفوا فيها الانتهاكات والظروف المهينة أثناء الاحتجاز، بما في ذلك التعرض للصدمات الكهربائية، والتبول عليهم، وهجوم الكلاب، والبقاء لعدة أيام بدون طعام أو شراب.
ما يزال وضع آلاف العمال من غزة الذين فروا أو أطلق سراحهم إلى الضفة الغربية غير واضح. يقيم عديدون في ملاجئ مؤقتة توفرها السلطة الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية. وثمة تقارير تفيد بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية اعتقلت عمالًا من غزة كانوا يحتمون في منازل خاصة.
في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر، نقلت إسرائيل إلى غزة، عبر معبر كرم أبو سالم وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، مجموعة تتألف من 982 عاملًا من غزة كانوا يحتمون في الضفة الغربية.
في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، أطلقت السلطات الإسرائيلية سراح 300 عامل فلسطيني إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم.
احتجاز في أقفاص
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قد كشفت في وقت سابق، عن استشهاد عاملين من قطاع غزة أثناء احتجازهما في قواعد عسكرية بالضفة الغربية، كان يعتقل فيها الآلاف من عمال غزة الذين ألغيت تصاريح عملهم عندما بدأ العدوان في غزة.
وأضافت الصحيفة: "في حين أنه يتم الإبلاغ عادة عن وفاة السجناء والمعتقلين، فإن الجيش لم يصدر إشعارًا بالوفيات خلال الأسابيع الثلاثة التي انقضت منذ وفاة أحدهم في قاعدة عناتوت" بالقرب من القدس المحتلة.
وبحسب مصدر "هآرتس"، فإنه قبل وقت قصير من استشهاد العامل المعتقل في "عناتوت"، حذر من أنه بحاجة إلى علاج طبي. أما العامل الآخر الذي توفي فقد كان محتجزًا في عوفر. ولم تفتح الشرطة العسكرية تحقيقًا، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنه يجري فحصًا لملابسات ما حصل.
واحتُجز المعتقلون في ظروف قاسية، ووفقًا للروايات التي حصلت عليها "هآرتس"، كان العمال المحتجزين في عناتوت ينامون على حصائر موضوعة على الأرض في مرافق تشبه الأقفاص. وعند وصولهم، كان عليهم الوقوف في الشمس لساعات، مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين قبل نقلهم إلى الشاباك للاستجواب. كما تم تقديم وجبات طعام دون المستوى المطلوب، والذي كان يتكون بشكل أساسي في الأيام الأولى من سمك التونة.