غمرت الأمطار الغزيرة منذ يوم الأحد الماضي أجزاء من مدينة لوس أنجلوس وأرغمت السلطات الأمريكية على إصدار أوامر إجلاء لنحو 50 ألف ساكن في أنحاء مختلفة من ولاية كاليفورنيا، وذلك في ظل استمرار ارتفاع منسوب الأنهار وتنامي مخاوف حدوث الانهيارات الطينية المدمّرة. وقد أدت الظروف الجويّة العاتية في الولاية في الأيام العشرة الماضية إلى مصرع ما لا يقل عن 17 شخصا، منذ أن بدأت العواصف تضرب الولاية.
سمع السكان المجاورون صرخات الأم في السيارة وتمكنوا من الإمساك بها وإنقاذها، لكن كايل جرف بعيدًا وهو ينادي على أمّه ويقول "لا تقلقي يا أمّي"
وفي آخر التطوّرات في الولاية، واصل رجال الإنقاذ يوم أمس الثلاثاء البحث عن طفل حضينٍ يبلغ من العمر خمس سنوات، كان في سيارة مع والدته وجرفته مياه الفيضانات في مقاطعة سان لويس أوبيسبو في الولاية، حين كان الاثنان في طريقهما لأول يوم للصبيّ الصغير في الحضانة بعد عطلة أعياد نهاية العام.
وبحسب ما نقلت نيويورك تايمز الأمريكية عن والد الطفل، كايل دوان، فإن الطفل كان يتعافى من عملية جراحية في ساقه أجراها في تشرين الثاني\نوفمبر الماضي، وكان كايل متحمسًا للعودة إلى المدرسة لاستئناف اللعب مع أصدقائه في بداية العام الجديد، إلا أن مياه الفيضانات غمرت السيارة التي كانت تقودها والدته، ووقعت الكارثة خلال دقائق قليلة. وقد سمع السكان المجاورون صرخات الأم في السيارة وتمكنوا من الإمساك بها وإنقاذها، لكن كايل جرف بعيدًا وهو ينادي على أمّه ويقول "لا تقلقي يا أمّي".
وقد عثر المنقذون على السيارة التي كان بها الطفل، بعد بضع ساعات، مقلوبة على رأسها، وقد غطاها الطين والحطام، دون العثور على أي أثر للطفل، الذي واصلت فرق الإنقاذ من الغواصين ورجال الإطفال مدعومين بطائرات هليكوبتر وطائرات مسيّرة بالبحث عنه ومشط منطقة واسعة، إلا أن عمليات البحث لم تتواصل بسبب تدهور الظروف الجويّة التي أعاقت عمل المنقذين وهددت حياتهم. وما يزال البحث مستمرًا حتى اليوم.
كما دمّرت الرياح الشديد عشرات المنازل الفارهة على شواطئ الولاية الشهيرة، كما جرفت مئات السيارات، وتعرضت البنى التحتية إلى مستويات مختلفة من الدمار والضرر بسبب الانهيارات الأرضية وسقوط الأشجار وأعمدة الكهرباء. هذه الظروف غير المسبوقة قد أرغمت أكثر من 22 مليون مواطن في المنطقة إلى التنبه من خطر الفيضانات والسيول المفاجئة، كما اضطر الآلاف إلى الإخلاء إلى مناطق آمنة.
ولا يبدو أن الظروف الجوية ستتحسن خلال الفترة المقبلة في الولاية، إذ يتوقع حدوث المزيد من العواصف في نهاية هذا الأسبوع وحتّى الأسبوع التالي، وهو ما يعني استمرار وقوع المزيد من الأضرار المادية والخسائر البشرية، ولو على نحو أقل فداحة مما حصل منذ بداية العام.
في المقابل، فإن الأمطار الغزيرة التي شهدتها الولاية لم تخل من بعض الأمل، إذ كانت مبشّرة بموسمٍ أقل جفافًا في العام الجاري مقارنة بالعام 2022، والذي شهد تسجيل خامس أعلى درجة حرارة عالميًا على الإطلاق. فقد تزايد تساقط الثلوج على سلسلة جبال سييرا نيفادا ، التي تتدفق مياهها الذائبة عبر صنابير يستخدمها 23 مليون شخص في ولاية كاليفورنيا، كما تظهر المراقبة التي أجرتها وزارة الزراعة الأمريكية أن كميات الثلج في جميع أنحاء سييرا نيفادا أصبحت الآن أكثر من ضعف المعدّل المسجّل، وأن بعض السدود والأحواض قد شهدت زيادة في منسوبها بمقدار أربعة أضعاف المتوسّط المسجّل خلال السنوات الماضية.
