العشرات من الاختراعات الشبابية اليمنية تتم بإمكانات بسيطة، وبجهود ذاتية، لكنها تفتقر إلى الدعم الحكومي والدولي لكي تخرج إلى النور، حتى يتمكن أصحابها من ابتكار المزيد.
ولأن الحاجة أم الاختراع، خصوصًا في الوقت الذي ارتفعت أسعار الواردات من المعدات الصناعية، وحتى المواد الغذائية، اتجه الشاب اليمني كمال عبد الله دودة إلى صنع سيارته بنفسه وبإمكانيات بسيطة.
نتيجة الحاجة والظروف القاهرة، اتجه الشاب اليمني كمال عبد الله دودة إلى صنع سيارته بنفسه
اضطره الفراغ والظروف المعيشية الصعبة الى ابتكار سيارة من ألواح الزنك، وماكينة لدراجة نارية (واحد بستون)، وفتحة سقف، وزجاج وكهرباء، بالإضافة إلى مسجلة وشاشة فيديو، وصندوق قلاب.
اقرأ/ي أيضًا: اليمن وهواجس "كورونا".. خوف ضمن مخاوف
كمال لم يكمل تعليمه الجامعي في كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء بسبب ظروفه المالية الصعبة، ويقطن في منطقة دودة بمديرية همدان، التابعة للعاصمة صنعاء، لكنه يهوى الهندسة منذ طفولته، فوالده عبد الله دودة كان مهندسًا ومبتكرًا في مجال المضخات المائية.
يشرح كمال سبب صناعته للسيارة، في حديثه مع "ألترا صوت": "كل شخص يحتاج إلى سيارة خاصة به لكي يتنقل بها، لكن أسعار السيارات مرتفعة والحالة المادية متدنية، وبالكاد يتمكن السكان هنا من توفير الاحتياجات الضرورية".
ثم يلفت كمال إلى أن طفله عندما يكبر سوف يطلب منه إما دراجة نارية أو طقم (عربة عسكرية)، لكن الدراجة النارية ستكون خطرة على حياته، حيث إن معظم مصابي الحوادث المرورية هم من سائقي الدراجات النارية، ناهيك أن سعر العربة يصل إلى 15 مليون ريال يمني (نحو ثلاثين ألف دولار).
ولكي يجمع بين هواه في امتلاك عربة، وحتى لا يضطر إلى شراء دراجة نارية، جمع كمال بين هيكل السيارة العسكرية وبين الدراجة النارية، حيث شكّل سيارته غير المكلفة والاقتصادية أيضًا، من الحديد العادي وأضاف إليه محرك دراجة نارية، لتسهم في تأمين تنقلاته.
يقول لنا: "دفعتني الظروف الصعبة إلى الابتكار نظرًا لانعدام قدرتي على شراء سيارة، كما أنني تركت الجامعة بسبب عدم امتلاكي وسيلة مواصلات، وأيضًا عدم وجود المال لدفع إيجار السيارة التي تقلني إلى جامعة صنعاء".
عكف كمال دودة مدة ستين يومًا على صناعة وتوليف سيارته بجانب منزله، بمعدات بسيطة، حيث كان مقص الحديد هو أداته الأبرز في صنعها، بالإضافة إلى جلخ صغير وماكينة لحام. "لو توفرت الإمكانات سوف أتمكن من صنع سيارتين في اليوم الواحد، بحيث تكون أسعارها منخفضة، واقتصادية تلائم الحالة المادية للسكان".
تصل سرعة سيارة كمال التي يستخدمها في تنقلاته، إلى 60 كم في الساعة، كما أن لها القدرة على المشي في الطرق الفرعية والوعرة، بحسب شرحه لمواصفاتها.
وعن الصعوبات يقول: "لا تتوفر المكونات المستخدمة في صنع السيارة من دواليب أو صبرات وبنكات، ناهيك أن الأدوات المستخدمة في التصنيع غير موجودة، الأمر الذي أدى إلى تأخري في صنع السيارة".
في اليمن الذي يستورد كافة معداته من خارج البلاد، ولا يجد المبتكرون أي دعم سواء أكان حكوميًا أم من جهات خاصة، تكون سيارة كمال أعجوبة بالنسبة لهم، ففي أي مكان يوقف كمال سيارته سرعان ما يتحلق الناس حولها منبهرين بها فيما الكثير لا يصدق أنها من صنع محلي".
يتابع كمال: "الشعب اليمني شعب مشجع للمواهب كثيرًا، ويتوق للإنتاج المحلي، فعندما أمشي بالشارع أرى الأنظار تتجه نحوي وكأنني نجم سينمائي ما يجعلني أشعر بالفخر والاعتزاز".
في اليمن الذي يستورد كافة معداته من خارج البلاد باتت السيارة التي صنعها كمال عبد الله دودة أعجوبة
كمال الذي حفر على هيكل سياراته اسمه بالأحرف الإنجليزية كماركة لها، تتلخص طموحاته في فتح مصنع صغير للسيارات حتى يتمكن من إنتاج المزيد، كما يطمح إلى إنشاء مجمع صناعي لصناعة المعدات والأدوات الخاصة بصناعة السيارات، حتى تعتمد اليمن على الإنتاج المحلي، حد تعبيره.
اقرأ/ي أيضًا: سميحة المتوكل.. أول امرأة تعمل في تصدير البن اليمني
كمال مثال على نوابغ اليمن، الموجودين في مجالات كثيرة، لكنه رغم كل ما يعانيه من غياب المحفّزات يأمل في تطوير وصناعة السيارات، ولعلنا لا نستهجن ذلك على الإطلاق، فالعالم ما كان له أن يكون ما هو عليه لولا الحالمون.
اقرأ/ي أيضًا: