بدأت لجنة المالية في مجلس نواب الشعب التونسي النظر في قانون المالية الجديد بعد أن قدمته حكومة يوسف الشاهد. القانون أثار الكثير من الجدل، بعد عرض أهم خطوطه الكبرى في الإعلام، لما يتضمنه من فصول تستهدف القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والضعيفة، على حد تعبير بعض الخبراء الذين حضروا اللقاء الأخير، الذي جمع وزيرة المالية لمياء الزريبي وجمعية الاقتصاديين التونسيين. وقد بُني قانون المالية التونسي لسنة 2017 على فرضيتين، في حال غياب إحداهما ستصبح التوازنات المالية التونسية في مهب الريح.
يبلغ عدد موظفي القطاع العام في تونس أكثر من 630 ألف موظف، تمثل أجورهم 40% من الميزانية ما يجعلها من أضخم النسب في العالم
اقرأ/ي أيضًا: "قوانين صندوق النقد الدولي" تؤرق البرلمان التونسي
الفرضية الأولى: تجميد الزيادة في الأجور
الاتفاقيات التي أمضت عليها حكومة الحبيب الصيد مع الاتحاد العام التونسي للشغل بشأن الزيادة في الأجور جعلت الأمور تبدو صعبة جدًا على حكومة يوسف الشاهد حيث اعتبر قانون المالية الجديد أن الزيادة في أجور القطاع العام/الحكومي ستبقى مجمدة إلى سنة 2019 دون التشاور مع الاتحاد العام التونسي للشغل، أهم منظمة نقابية في تونس، وهو ما دفع بالحكومة إلى الدخول في مفاوضات بعد نشر القانون مباشرة لإقناع المنظمة الشغيلة بالاقتراح.
ويبلغ عدد موظفي القطاع العام في تونس أكثر من 630 ألف موظف، تبلغ كتلة أجورهم أكثر من 13.7 مليار دينار تونسي، وهو ما يمثل 40% من الميزانية التي تبلغ 32.4 مليون دينار، ما يجعلها من أضخم النسب في العالم. حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أعلن موقفه المبدئي الرافض للمشروع قبل الدخول في مفاوضات مع الحكومة معللًا ذلك بأنه يخل بالاتفاقيات الممضاة سابقًا.
الفرضية الثانية: تأجيل خلاص قرض قطر
من جهة أخرى، قالت وزيرة المالية في حكومة يوسف الشاهد لمياء الزريبي أن الحكومة لم تتوصل إلى اتفاق بشكل رسمي مع الحكومة القطرية بشأن تأجيل سداد القرض القطري، رغم أن خانة تسديد الديون في قانون المالية الجديد لا تتضمن القرض القطري والذي يبلغ ما يقارب 1125 مليون دينار وهو ما يضع الحكومة التونسية في مأزق في حال رفضت الحكومة القطرية التأجيل.
نسق الديون الخارجية في تونس ارتفع من 25 مليون دينار سنة 2010 إلى ما يقارب 63 مليون دينار في 2016
تبلغ ميزانية الدولة التونسية ما يقارب 32.7 مليار دينار، أكثر من 5800 مليون دينار منها مخصصة لتسديد أصل وخدمة الدين وهو ما يمثل ميزانية أكثر من 5 وزارات. كما يبلغ إجمالي الديون التونسية ما يقارب 62.660 مليون دينار وهو ما يمثل 63% من الناتج الداخلي الخام. يُذكر أن نسق الديون الخارجية في تونس بدأ يرتفع بعد الثورة مباشرة لينتقل من 25 مليون دينار سنة 2010 إلى ما يقارب 63 مليون دينار في 2016.
في حالة عدم توفر هاتين الفرضيتين، ستضطر الحكومة التونسية إلى القبول بالزيادة في الأجور في القطاع الحكومي أو تسديد قرض قطر، ما سيخلق عجزًا في الميزانية التونسية تصل نسبته إلى 8% بعد أن كان 5.4% وهو ما اعتبره وزير المالية الأسبق حسين الديماسي "كارثة".
اقرأ/ي أيضًا: مجلة الاستثمار.. خفايا القانون الأكثر ريبة في تونس
عدا هاتين الفرضيتين، قوبل القانون الجديد بالرفض من جميع الطبقات السياسية والمجتمع المدني حيث قالت لبنى الجريبي، المقررة السابقة للجنة المالية البرلمانية، إن "قانون المالية الجديد لا يتناسب والوضعية الاقتصادية لتونس"، مضيفة أنه "تم عرضه دون تقييم الفترة السابقة.
فيما قال رئيس هيئة الخبراء المحاسبين إن "القانون يهدف إلى ضرب الطبقات المتوسطة وأساسًا أصحاب المهن الحرة والذين يصل تعدادهم في تونس إلى 400 ألف". للتذكير، تبلغ المداخيل المتأتية من الضرائب ما يقارب 21700 مليون دينار سنة 2016 ولقد ارتفعت بـ 15.2% مقارنة بسنة 2015.
الملفت للانتباه أن مشروع القانون تضمن فخًا آخر وهو إحداث مساهمة ظرفية لفائدة ميزانية الدولة تقطع من الشركات بنسبة 7.5% وهو ما سيفتح جبهة ثالثة على الحكومة، من خلال اتحاد الأعراف الذي رفض هذا الإجراء بالكامل واعتبره غير عادل.
اقرأ/ي أيضًا: