30-سبتمبر-2024
مصياف

(GETTY) سيارة متفحمة جراء الهجوم الذي استهدف مصياف

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن "إسرائيل" بدأت حملتها ضد "حزب الله" اللبناني، بالهجوم "الجريء" الذي استهدف منشأة عسكرية في مصياف، شمالي غرب سوريا، في الثامن من أيلول/سبتمبر الجاري، حيثُ يُعتقد أن الحزب كان يعمل على تطوير الأسلحة في المنشأة بدلًا من إيران لتجنب تعقيدات نقلها إلى لبنان.

وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن الهجوم الذي استهدف المنشأة بدا شبيهًا بالهجمات السابقة التي استهدفت المنشأة ذاتها، حيث كان يعتقد المسؤولون الإسرائيليون لفترة طويلة، أن "حزب الله" وإيران كانا يخططان لإنتاج جيل جديد من الصواريخ الدقيقة.

وتعيد "نيويورك تايمز" سرد تفاصيل عملية الإنزال الجوي الذي استهدف المنشأة، مشيرة إلى أن العشرات من قوات الكوماندوز في الجيش الإسرائيلي نفذوا عملية إنزال في الموقع، بعد تحليق الطائرات المروحية على علو منخفض، حيثُ سرعان ما هاجموا المنشأة التي كانت في بعض الأماكن على عمق نحو 60 مترًا.

عملية الإنزال الجوي في مصياف كانت الجولة الأولى من سلسلة الهجمات التي استهدفت "حزب الله" خلال أيلول/سبتمبر الجاري

وتصف الصحيفة الأميركية عملية الإنزال الجوي في مصياف في عمق الأراضي السورية، بأنها واحدة من أكثر العمليات "جرأة" للجيش الإسرائيلي منذ سنوات، مشيرة إلى أنها جاءت بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ما يعكس تحولًا في الاستراتيجية الإسرائيلية نحو استهداف "حزب الله" بشكل مباشر.

وتقول "نيويورك تايمز"، إنه بعد أسبوع من عملية الإنزال الجوي، وفي الـ17 من أيلول/سبتمبر الجاري، حدثت تفجيرات غامضة في أجهزة اتصالات النداء والاتصالات اللاسلكية التي يستخدمها "حزب الله" في لبنان، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء، وأكثر من ثلاثة آلاف مصاب، وفيما لم تعلن "إسرائيل" مسؤوليتها عن تلك الأحداث، فإنه تلت سلسلة الانفجارات حملة قصف مكثفة في لبنان.

وترى الصحيفة الأميركية، أن الرد المحتمل من "حزب الله" وإيران يبقى غير واضح، لكن المسؤولين الأميركيين يتوقعون أن الحزب يسعى للانتقام، ورغم أن الحزب لم ينفذ هجومًا مضادًا كبيرًا حتى الآن، إلا أن الوضع مرشح للتصعيد.

وتوضح "نيويورك تايمز" أن هذه الرواية استندت إلى مقابلات مع مسؤولين من الولايات المتحدة وأوروبا و"إسرائيل"، ممن طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المعلومات، مشيرة إلى أن العملية تمت بعد أن أبلغت "إسرائيل" كبار المسؤولين الأميركيين، بما في ذلك قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا، الذي كان في "إسرائيل" في ذلك الوقت.

وبحسب "نيويورك تايمز"، المنشأة التي تعرضت للهجوم تقع في شمال غرب سوريا، وتعرف باسم "مركز الدراسات والبحوث العلمية"، حيث يعتقد أن "حزب الله" وإيران يديرانها، وتكمن أهميتها في أنها قريبة من الحدود اللبنانية، ما يجعل عملية تصنيع الأسلحة لـ"حزب الله" أكثر فعالية، وأقل تعقيدًا مقارنة بإرسالها من إيران.

وكانت "إسرائيل" تستهدف هذه المنشأة منذ سنوات، حيث قتل عالم الصواريخ السوري، عزيز إسبر، في انفجار سيارة مفخخة في 2018، ويشتبه بأن "الموساد" هو المسؤول، كما تم استهداف المنشأة في غارات سابقة، لكن الهجوم الأخير يعتبر تطورًا جديدًا في جهود "إسرائيل" لوقف تطوير الأسلحة التي يمكن أن تستخدم ضدها، وفقًا للصحيفة ذاتها.

وتقول "نيويورك تايمز" إن عملية الإنزال الجوي في مصياف كانت الجولة الأولى من سلسلة الهجمات التي استهدفت "حزب الله"، فيما كان المسؤولون الأميركيون يضغطون على "إسرائيل" و"حزب الله" للتوصل لوقف لإطلاق النار على الحدود الشمالية لـ"إسرائيل"، وفي الوقت الذي كان يعتقد المسؤولون الأميركيون أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هو أفضل وسيلة لعودة الهدوء إلى الحدود الشمالية، اختارت "إسرائيل" تصعيد حملتها العسكرية ضد "حزب الله".

ووفقًا لـ"نيويورك تايمز"، فإن العملية التي نفذت في مصياف اعتمدت على اختراق استخباراتي لوحدة 8200 الإسرائيلية، التي حصلت على خرائط تفصيلية للمنشأة، بالإضافة إلى مواقع الحراس، حيث ساعدت هذه المعلومات قوات الكوماندوز على تنفيذ الهجوم بنجاح، وتدمير المعدات المستخدمة في تصنيع المتفجرات وتطوير الصواريخ، مما أعاق جهود "حزب الله" وإيران في تصنيع أسلحة دقيقة.

وكانت مقاتلات الجيش الإسرائيلي قد شنت هجومًا جويًا واسعًا طال مختلف الأراضي اللبنانية، بما في ذلك العاصمة اللبنانية بيروت، منذ الـ23 من الشهر الجاري، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، فضلًا عن نزوح مئات الآلاف إلى مناطق أكثر أمنًا، في الوقت الذي نعى "حزب الله"، أمينه العام، حسن نصر الله، الذي قضى بغارة جوية استهدفت مركز القيادة للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.