كنا ندخن الشيشة، وكان النقاش محتدمًا حول السلالة الهاشمية، رد حسن شرف الدين الذي أصبح وزيرًا في حكومة ما بعد ثورة 2011: لدينا وثائق تثبت انتماءنا لسلالة رسول الله عمرها مئات السنين، قلت: وما هي هذه الوثائق.. رد: شجرة العائلة!
النبي الذي دفعنا وآباءنا وأجدادنا لنصرة دينه، أصبح في اليمن "جدَّ" فئة محددة من الناس
تعاطفت مع صديقي وقلت: بصرف النظر عن سخرية ابنة عمكم أمل الباشا التي سئلت ذات يوم "أنت من آل البيت؟" فردت: "الله أعلم.. قلد الله جداتي.."، أي على عهدة وأمانة الجدات! إلا أنه لا مشكلة لدينا مع مزاعم الانتماء للنبي، ولكن مشكلتنا مع الطبقية والعنصرية من وراء ذلك كرفضكم تزويج أي شخص من خارج "السلالة الهاشمية".
صديقي حسن، الثورجي المنفتح، قال إن هذا تخلف أصبح من الماضي وأنه لا يمانع من تزويج أي شخص محترم وعلى خلق ما لم يكن من "المزاينة"، أي الجزارين والحلاقين وأصحاب المهن التي كانت منبوذة في عهد الحكم الإمامي "الهاشمي" لليمن. كان هذا في مثل هذه اﻷيام، قبل أربع سنوات، أي في أيام الاحتفال بمولد النبي محمد، كانت أعلام الحوثي الفسفورية تملأ الشوارع، وتحث على طاعة الرسول وآله والصلاة عليهم، وتتوعد مخالفي "اﻵل"، الذين يتقاسمون مع القرآن الدين بالمناصفة: "كتاب الله وعترتي آل بيتي"، أو كما يقول الحديث المنسوب للنبي محمد.
اتضحت لي الصورة أكثر: "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله وخاتم المرسلين"، نعم يا رب.. ولكنه وجد الملايين من رجالهم المنادين بوراثة الدين والسلطة والنفوذ واﻷمة..! هكذا، النبي الذي دفعنا وآباءنا وأجدادنا لنصرة دينه أصبح "جدَّ" فئة من الناس فيهم القتلة واللصوص والبلطجية، ونحن المساكين الذين ندعوا كل يوم وفي كل صلاة "اللهم صل على محمد وآل محمد".. أرجو أن توفروا اعتراضاتكم ﻷنفسكم، يقول صديق "فوجئت بأن زوج قريبتي مختلس كبير ونصاب، وبأنه يتاجر في المخدرات والسلاح، وحين احتججت حذرني أقرباؤه ودعوني لمراجعة إيماني بالله.. قالوا بأني لن أشم حتى رائحة الجنة ﻷني مبغض لواحد من آل البيت" كما تقول أدبياتهم..!
بطبيعة الحال ليس كل الهاشميين عنصريين، كما أن ليس جميع اليهود صهاينة، وليسوا جميعًا مغتصبين للأرض والحق، لكن بالنظر إلى ما تحققه العصبية الهاشمية في مثل هذه اﻷيام الفاسدة من عمر التاريخ، مهول بحق. كل هاشمي من "أحفاد" النبي محمد في اليمن، وريث حتمي للسلطة المطلقة، ولخمس الثروات المعدنية والنفطية كالنفط والغاز والذهب فيما يسمى دينيًا بـ"الركاز"، كما أفتى لهم شيخ الإخوان المسلمين في اليمن عبد المجيد الزنداني قبل عامين، أما المعتاد في كل اﻷنظمة اليمنية فإن للهاشمي اﻷولوية في الثروات، والفرص، والمناصب، إذ يتمركزون في النخاع الشوكي من كل مصلحة أو مؤسسة في اليمن، مضافًا إلى هذه المواريث التي تركها النبي محمد ﻷحفاد ابنته فاطمة في اليمن الحق في القتل واﻷسر والاستعباد والعتق.. إن شاؤوا.. ولهم كل ما شاؤوا..!
المعتاد في كل اﻷنظمة اليمنية أن للهاشمي اﻷولوية في الثروات، والفرص، والمناصب
لست اﻵن في وارد استعراض جرائم العصبة الهاشمية منذ قدومهم إلى اليمن أواخر اﻷلفية الميلادية اﻷولى وحتى منتصف القرن اﻷخير من اﻷلفية الثانية، لكني وقوفًا على مقتل عشرات آلاف اليمنيين خلال عقد ونصف منذ التمرد المسلح للحوثيين، ومن خلفهم العصبة الهاشمية المتحكمة باليمن، التي قدمت لهم ولشركائهم الطائفيين كل التسهيلات وسلمتهم الجيش والدولة ليخوضوا حربهم هذه التي قتلوا وجرحوا وشردوا فيها مئات اﻵلاف من اليمنيين، فجروا منازلهم بالديناميت، أو قصفوها بالمدفعية والصواريخ، وقتلوا عشرات اﻵلاف في ساحات القتال والشوارع والمشافي والأسواق باذلين طاقتهم القصوى في الفتك بأبناء هذا اليمن الذي استضافهم وأكرمهم، وإسقاط دولته وإهانته والتسبب بانتهاك سيادته وجعله ساحة لحرب إقليمية ودولية.
في ظل هذا كله وبمناسبة إحياء أبناء السلالة يقودهم قتلة ولصوص لميلاد جدهم محمد وتعهدهم له بمواصلة حروب الوراثة إلى يوم القيامة حد قول الحفيد "عبد الملك الحوثي"، أجدني متضامنًا مع صديقي الإخواني التعزي الذي كفره زملاؤه وتلاميذ الزنداني لأنه قال "يا محمد فك الحصار عن مدينتي"، ﻷقول معه يا محمد قل لـ"أحفادك" من القتلة واللصوص ليتركوا اليمنيين وشأنهم، فأنتم لم تروا منا إلا المروءة الشهامة.
اقرأ/ي أيضًا: