توصل قوات الدعم السريع ارتكابها للعديد من الجرائم بحق المدنيين، في خضم الحرب التي تعيشها السودان، والتي أدت لمقتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين، إضافة إلى نزوح الملايين من منازلهم.
صحيفة "العربي الجديد "استعرضت بعضًا من شهادات الناجين من جرائم الدعم السريع في السودان، التي اجتاحت مدن شرقي ولاية الجزيرة وقراها، واستهدفت مباشرة المدنيين بحجة أنهم موالون لأحد أمرائها، أبو عاقلة كيكل، الذي كان انشق عنها، والتحق بالقتال في صفوف الجيش.
وينحدر كيكل من مناطق شرقي ولاية الجزيرة الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، والتي نفذت حملة انتقامية واسعة وصل مداها إلى نحو 70 قرية في ريفي مدينة رفاعة، أكبر قرى المنطقة، كما طالت المدينة نفسها، ومدينة تمبول و130 قرية في ريفها، و30 قرية في ريف الجنيد.
نزح معظم سكان قرى في ولاية الجزيرة سيرًا على الأقدام إلى القضارف وحلفا والفاو، في رحلات استمرت أيامًا، واجهوا فيها العطش والجوع والمرض والموت
وبحسب "العربي الجديد"، نزح معظم سكان هذه القرى سيرًا على الأقدام إلى القضارف وحلفا والفاو، في رحلات استمرت أيامًا، واجهوا فيها العطش والجوع والمرض، وفقد العديد من الأسر التواصل مع عشرات الأفراد، الذين لم يُعرف مصيرهم نتيجة لقطع الاتصالات.
واتهم سكان هذه القرى الدعم السريع بنهب سيارات وممتلكات ومحاصيل، وتهجيرهم قسرًا وطردهم من منازلهم، وتحدث بعض الناجين للعربي الجديد عن هول ما رآه من الدعم السريع، فقد هرب، خضر الخضر، من قرية ودغلوقة بريف تمبول، والتي كانت أيضًا تستضيف نازحين من سبع قرى.
وقال الخضر: "هاجمت المليشيا القرية ونهبت السيارات واقتحمت المنازل بحثًا عن الذهب والمال، وفي قرى أخرى قتلت هذه القوات العشرات، وجلدت النساء بالسياط فاضطررن على غرار سكان آخرين إلى المغادرة".
وتحدث الخضر عن كونه محظوظًا أكثر من غيره بعدما نجا بنفسه، فقال: "فعليًا غادر بعض النازحين سيرًا على الأقدام إلى المجهول، في حين استخدم آخرون وسائل نقل بدائية جرتها الدواب، ومن حسن حظي أنني وجدت سيارة نقلتني مع أسرتي مقابل مبلغ 4 ملايين جنيه سوداني (نحو 1500 دولار)، ووصلت إلى مدينة الفاو مع 4 آلاف آخرين من القرية نفسها. وأقيم مخيم خاص بأهل القرية في الفاو. وبعض الأشخاص الذين ساروا على الأقدام واجهوا ظروف العطش وماتوا، ومن بينهم ابن أخي البالغ 17 سنة".
وأبدى خضر أسفه الشديد "لأن آلاف الأسر في مناطق الطندب وود الفضل لم يستطيعوا الخروج من العذاب، كونهم لا يملكون المال، فسعر التذكرة الواحدة وصل إلى 120 ألف جنيه سوداني (200 دولار). ويعتمد أفرادها في غذائهم على البلح والبسكويت، في حين لا وجود لكهرباء واتصالات، وآخر الأخبار تشير إلى مقتل عشرة منهم".
كذلك نزح، جابر جبارة، مع أسرته سيرًا على الأقدام أحيانًا، وعلى متن شاحنات أحيانًا أخرى، في مسير استغرق ثلاثة أيام للوصول إلى مدينة القضارف، بعدما هاجمت قوات الدعم السريع قرية أب جلفة، ويقول لـ"العربي الجديد": "نفذت مع عائلتي رحلة صعبة عبر قريتي أم عكش الفولة وصولًا إلى القضارف، وشاهدت فيها اقتراب الموت من النازحين عبر الجوع والعطش، إذ كان العيش على وجبة واحدة والقليل من المياه غير الصالحة للشرب".
يضيف جبارة: "في بداية الرحلة اعترض عناصر من مليشيا الدعم السريع بعض النازحين، وأخذوا كل ما لديهم، وهو ما حدث لأشخاص كانوا في شاحنة اضطروا إلى النزول منها، قبل أن تؤخذ الشاحنة بالقوة ويتركوا في العراء. وقبل ذلك تعرّض النازحون لمختلف الانتهاكات من نهب وجلد واعتقالات، ولا يُعرف مصير أشخاص فقِدوا منذ أيام، في حين باتت قريتي التي كان يقطنها نحو 10 آلاف شخص خالية تمامًا".
نازحٌ آخر اسمه خضر عبد الرحمن، نزح مع أسرته من قرية الهبيكة إلى مدينة القضارف، شرح معاناته لـ"العربي الجديد" قائلًا: "لم أتصوّر يومًا أن يحصل ما مرّ بنا، وأنا غير قادر على استيعاب ما حدث. مليشيا الدعم السريع قتلت أشخاصًا وأجبرت أفراد أسرهم على عدم دفنهم، ووجهت إهانات وإساءات عنصرية لهم، والجميع معرّضون للاعتداءات، وإذا قاوم أحد فمصيره طلقة".
وأشار عبد الرحمن إلى أنه استطاع الخروج من قريته مع أسرته الصغيرة عبر عربة "كارو" يجرّها حصان، واستمرت رحلة النزوح يومين، مضيفًا "كنا نسير في الخلاء، ولا نعلم إلى أين نحن مساقون، مات بعض الناس عطشًا، وجرت تصفية شبان داخل مسجد".