صدر حديثًا عن "شركة الوراق للنشر" كتاب "العقل سيرتك الذاتية" لعالم الأعصاب الأمريكي ديفيد إنغلمان. الكتاب الذي ترجمه إلى العربية علي العتّابي بمثابة رحلة شيقة إلى أسئلة وجودنا: ما هو الواقع؟ من أنت؟ كيف تتخذ القرارات؟ لماذا يحتاج دماغك إلى أشخاص آخرين؟ كيف تستعد التكنولوجيا لتغيير ما معنى أن تكون إنسانًا؟
القدرة الحسابية المهولة التي نمتلكها داخل رؤوسنا هي ماكنة الإدراك الحسي التي تؤهلنا للبقاء على قيد الحياة والوجود في هذا العالم
وقد جاء في المقدمة: "نظرًا لأن علم الدماغ هو من المجالات الواسعة والمتشعبة التي تشهد نموًا سريعًا ونشاطًا متواصلًا في التحديث والتطور وذو صلة وثيق بالتطور والأداء البشري، فنادرًا ما نستوقف أنفسنا لفترة قصيرة لإلقاء نظرة فاحصة أو لمراجعة حساباتنا، وفهم ما تعنيه النتائج التي تقدمها الدراسات في ما يتعلق بهذا المجال المهم وما مدى تأثيرها على حياتنا، لمناقشة الأمور بطريقة مبسطة لإدراك ما يعنيه أن تكون مخلوقًا بيولوجيًا من دم ولحم. هذا الكتاب يهدف إلى القيام بهذه المهمة بالذات. إن القدرة الحسابية المهولة التي نمتلكها داخل رؤوسنا هي ماكنة الإدراك الحسي التي تؤهلنا للبقاء على قيد الحياة والوجود في هذا العالم، هي المصدر الأساسي الذي تنشأ منه القرارات، والمادة الخام التي تصاغ منها المخيلة. تنبثق كل أحلامنا في النوم وأفكارنا في اليقظة من نشاط بلايين الخلايا التي تعج بالنشاط العصبي المتواصل بلا كلل ولا ملل.
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "في معنى الأرض".. ذات تُستعاد في الأرض ومنها
إن الفهم الأفضل للدماغ والعلميات التي تجري فيه يلقي الضوء على ما نؤمن جميعنا بوجوده في علاقاتنا الشخصية وما نعتبره ضروريًا في سياستنا الاجتماعية: كيف إن علينا أن نكافح، ولماذا نحب، وما الذي نتفق عليه أنه حقيقي، وكيف يجب أن نتعلم صياغة علاقات اجتماعية أفضل، وكيفية تصميم أجسادنا في القرون القادمة للمستقبل. يتم نقش تاريخ ومستقبل جنسنا البشري في الشبكات العصبية الدقيقة الموجودة في الدماغ.
بالنظر إلى مركزية دور الدماغ في حياتنا، لطالما كنت أتساءل لماذا نادرًا ما يعير مجتمعنا هذا الموضوع الأهمية التي يستقها بحثا ومناقشة، مفضلًا بدلًا من ذلك ملء موجات الإذاعات والتلفزيون بشائعات وأخبار عن المشاهير وبرامج الواقع التافهة. لكني أعتقد الآن أن هذا النقص في الاهتمام بالدماغ لا يمكن أن يؤخذ على أنه تقصير، ولكن كدليل: نحن محاصرون داخل واقعنا لدرجة أنه من الصعب للغاية إدراك أننا محاصرون داخل شيء ما.
هناك شيء واحد مؤكد: جنسنا البشري لا يزال في بداية الطريق لتحقيق شيء ما، لا نعرف ماهيته تمامًا لحد الآن. نحن في لحظة غير مسبوقة في التاريخ، حيث يتطور علم الدماغ وتكنولوجيا بوتيرة متسارعة. إن ما يحدث عند مفترق الطرق هذا جدير أن يغير هويتنا ومن نكون.
يقدم دماغ كل منا سردًا للواقع كما يعتقده، ويؤمن كل منا بالرواية التي يسردها له دماغه
يقدم دماغ كل منا سردًا للواقع كما يعتقده، ويؤمن كل منا بالرواية التي يسردها له دماغه. سواء كنت تتعرض لخداع بصري، أو مؤمنًا بـن الحلم الذي رأيته قد وقع فعلًا، أو تمتلك إدراكًا للحروف ممتزجا بالألوان، أو تتقبل الوهم كما هو على انه حقيقي خلال نوبة من مرض انفصام الشخصية، كل منا يقبل الحقائق كما تعرض عليه مهما كانت طالما كانت أدمغتنا تؤلفها وتعرضها علينا".
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية".. الاحتلال من خلال قانونه
يذكر ان ديفيد إيغلمان أستاذ مساعد في علم الأعصاب في كلية طب بايلور، هيوستن، حيث يدير مختبر "الإدراك والاداء"، وكذلك يترأس مبادرة "علم الأعصاب والقانون”. نُشرت بحوثه في المجلات العلمية المرموقة، وكتبه في علم الأعصاب هي: "إعادة التشابك: تركيبة الدماغ"، و"الأربعاء ازرق غامق: اكتشاف دماغ الحس المرافق". وهو أيضًا مؤلف الكتاب الأكثر مبيعًا في مجال الخيال العالمي "الجمع"، وكتاب "المتخفي: الحيوات السرية للدماغ".
اقرأ/ي أيضًا:
كتاب "من تاريخ الحركة النسوية اليهودية".. النسوية الدينية
حوارات توني موريسون.. في حضرة الذاكرة التاريخية للأمريكيين السود