ألترا صوت – فريق التحرير
اشتهر المفكر الكاميروني أشيل مبيمبي (1957)، خلال العقد الأخير على الأقل، بكونه أحد أبرز المفكرين الأفارقة الذين تتمحور مشاريعهم الفكرية والبحثية حول التنظير للفكر ما بعد الكولونيالي، ونقد النيوليبرالية، والعمل على تفكيك آليات السيطرة في العالم المعاصر، إلى جانب البحث في تاريخ أفريقيا ودراسة سياساتها.
يضم كتاب"ما بعد الاستعمار: أفريقيا والبحث عن الهوية المسلوبة" مجموعة من المقالات التي تدرس الواقع السياسي والاقتصادي والفكري في المجتمعات الأفريقية ما بعد الاستعمار
في سياق اهتمامهما المشترك بترجمة مؤلفاته ووضعها بين يدي القراء العرب، أصدرت داري "الروافد الثقافية – ناشرون" و"ابن النديم للنشر والتوزيع"، حديثًا، النسخة العربية من كتاب أشيل مبيمبي "ما بعد الاستعمار: أفريقيا والبحث عن الهوية المسلوبة"، ترجمة أمين الأيوبي وتقديم خالد قطب، وهو ورابع مؤلفاته التي نُقلت إلى العربية بعد "سياسات العداوة"، و"الوحشية"، و"نقد العقل الزنجي".
اقرأ/ي أيضًا: كتاب "قلق الجندر".. مراجعة نقدية للمفردات الأساسية للحركة النسوية
يضم الكتاب الذي صدرت طبعته الأولى عام 2001 عن "منشورات جامعة كاليفورنيا"، مجموعة من المقالات التي يدرس مبيمبي فيها الواقع السياسي والاقتصادي والفكري في المجتمعات الأفريقية ما بعد الاستعمار، أو في "أفريقيا الجديدة" بحسب تعبيره. ويستعرض، في الوقت نفسه، آليات عمل الأنظمة السياسية في بعض دولها، لا سيما الدكتاتورية منها.
ويبحث المؤلف أيضًا في آليات القوة الاستعمارية، والترابط الوثيق بين العنف والبيروقراطية، ووسائل السيطرة والهيمنة، والطرق المتبعة للمحافظة عليها. وذلك بالإضافة إلى الإضاءة على تأثير جميع ما سبق على الحياة والعمل السياسيين في أفريقيا ما بعد الاستعمار، ومناقشته لتداعيات سوء إدارة الدولة ومواردها في بعض الدول الأفريقية، وفي مقدمتها الكاميرون.
ويخصص مبيمبي حيزًا من كتابه لدراسة جملة من العواقب بعيدة المدى، التي تمخضت عن التأثيرات النظرية والعلمية للعنف والتطرف، اللذين مارستهما القوى الاستعمارية ضد الشعوب الأفريقية في مراحل زمنية مختلفة.
يستند أستاذ التاريخ والعلوم السياسية، في "جامعة ويتواترسراند" في جنوب أفريقيا، في محاولاته هذه إلى وقائع تاريخية حقيقية وقعت للمجتمعات الأفريقية، وارتكبت فيها القوى الاستعمارية أفعال تدميرية يقول مبيمبي إنها تملك: "خاصية إخفاء معاناة البشر ودفنها في دائرة لا نهائية يقع مركزها في مكان آخر".
ويناقش المفكر الكاميروني في كتابه ما يسمى بـ "التأسيس المعرفي للعنف"، والحق في غزو الآخر واستعماره استنادًا إلى تنظيرات معرفية تقوم على مفهوم الاختلاف وثنائية الحر/ العبد، أو الأبيض/ الملون.
يبحث مبيمبي في كتابه في آليات القوة الاستعمارية، والترابط الوثيق بين العنف والبيروقراطية، ووسائل السيطرة، والهيمنة، والطرق المتبعة للمحافظة عليها
ويستعرض أيضًا الطرق التي يضفي المستعمر من خلالها الشرعية القانونية على ممارساته العنيفة، عبر دلالات لغوية ونماذج تشرحها وتبررها، بالإضافة إلى الإضاءة على مختلف الوسائل التي يلجأ إليها عادةً لضمان بقاء العنف وانتشاره بصورة قانونية.
اقرأ/ي أيضًا: نغوغي وا ثيونغو في "الكتّاب في السياسة".. الثقافة في المجتمع
ويفرد أشيل مبيمبي حيزًا واسعًا في كتابه للحديث عن استغلال المستعمر لجسد الأفريقي، واستخدامه في أعمال تعود عليه بالنفع وزيادة الإنتاج وجني الأرباح، وذلك بعد ضبطه وإخضاعه عبر تعنيفه، الضرب بالسياط غالبًا، بهدف ضمان طاعته.
اقرأ/ي أيضًا:
"بشرة سوداء.. أقنعة بيضاء" لفرانز فانون: عن كتاب لا يزال مظلومًا