أنهت كندا انتظارًا دام 36 عامًا من الغياب عن نهائيات كأس العالم، بوصولها إلى مونديال قطر 2022 متصدرة تصفيات اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى ودول الكاريبي "الكونكاكاف".
التأهل الثاني لكندا خلال تاريخها الكروي جاء بفضل انتصارات مثيرة حققها المنتخب الكندي في المراحل الأخيرة من التصفيات، مستفيدًا من تعثر خصومه المباشرين في صراع قوي على قمة لم يكن متوقعًا من الكنديين التربع عليه في نهاية المطاف.
كندا لا تملك تاريخا كبيرًا في البطولات العالمية لكنها باتت في الفترة الأخيرة رقمًا صعبًا ويتوقع لها البعض أن تكون "الحصان الأسود" في مجموعتها، التي تضم أيضًا كرواتيا وصيفة النسخة السابقة "روسيا 2018"، وبلجيكا دائمة الحضور في المحافل الكروية الكبرى، إضافة إلى المنتخب المغربي الذي يُشارك للمرة السادسة.
صدارة عن جدارة
خاض المنتخب الكندي تصفيات "الكونكاكاف" من الدور الأول حيث تصدر المجموعة الثانية بـ 12 نقطة حصدها بتغلبه في جميع مواجهاته ضد كل من، برمودا (5ـ1)، جزر الكايمان (11ـ0)، أوربا (7ـ0)، وسورينام (4ـ0)، ثم هزم هايتي بهدفٍ دون مقابل في الدور الثاني.
لعبت كندا في الدور النهائي 14 مباراة، انتصرت في 8 منها وتعادلت في 4 وخسرت في مناسبتين، وأحرزت 23 هدفًا كأقوى خط هجوم وتلقت شباكها 7 أهداف فقط كأفضل خط دفاع، لتحتل الصدارة عن جدارة بـ 28 نقطة، أمام كل من المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية اللتان تأهلتا أيضًا إلى النهائيات العالمية بشكل مباشر، في حين حلت كوستاريكا رابعًا ولحقت بجاراتها فيما بعد من بوابة الملحق.
مشاركة واحدة قبل 36 عامًا
بدأت كندا رحلة البحث عن التأهل إلى نهائيات كأس العالم منذ عام 1958 لكنها خرجت من الدور الأول للتصفيات باحتلالها المركز الثالث خلف المكسيك وكوستاريكا، لتعود وتحاول في تصفيات مونديال 1970 بالمكسيك لكنها فشلت أيضًا في تجاوز الدور الأول، الأمر الذي تكرر في 1974، وفي 1978 و 1982 عندما احتلت المركز الرابع في الدور النهائي.
وفي نسخة 1986 اعتذرت كولومبيا عن احتضان الحدث العالمي لأسباب اقتصادية، لتأخذ المكسيك مكانها ويتم إعفائها من خوض غمار التصفيات الشاقة، الأمر الذي صب لصالح كندا التي استغلت عدم وجود منافس قوي، ونجحت في نيل البطاقة المباشرة والتواجد في النهائيات العالمية لأول مرة في تاريخها.
لم يكن المنتخب الكندي في ذلك الحضور يمتلك خبرة المشاركة في المواعيد الكبرى، وتكبد ثلاث هزائم مُتتالية من فرنسا (0ـ1) والمجر (0ـ2) والاتحاد السوفيتي (0ـ2)، ليودع البطولة من الدور الأول دون أي نقطة.
عام 1994 كانت كندا قريبة من بلوغ مونديال الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن حلت بالمركز الثاني خلف المكسيك في الدور النهائي، ليستمر غيابها طيلة الـ 36 عامًا الفائتة قبل العودة إلى العرس الكروي في قطر.
التحول الكبير
في ظل وجود منافسين بحجم منتخبات كرواتيا وبلجيكا والمغرب، يعتقد الكثيرون أن بطاقتي التأهل إلى دور الـ 16 ستكون محصورة بين هذه المنتخبات الثالث، وذلك عطفًا على تاريخ الكرة الكندية وما اعتادت أن تقدمه مع منتخباتها في المشاركات المختلفة السابقة.
بالنسبة إلى من تابع المنتخب الكندي في التصفيات المؤهلة إلى المونديال القادم، والمباريات التحضيرية التي جرت خلال الأشهر السابقة، فإنه على علم بالتطور الكبير الحصل تحت قيادة الإنجليزي جون هيردمان الذي عمل منذ أن تسلم مهمته في 2018 على تغيير هوية الكرة الكندية، وزرع روح النصر والقتال من أجل الفوز لدى عناصر المنتخب.
قبل قدوم هيردمان في 2018 كانت كندا تحتل المركز 94 عالميًا بحسب تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم، وإلى غاية شباط/فبراير 2021 استطاع المنتخب الكندي تسلق التصنيف حتى وصل إلى المركز 73 عالميًا، وخلال فترة قصيرة قفز ليُصبح بالمركز 33 في تصنيف "فيفا" لشهر آذار/مارس 2022.
تولي هيردمان الإدارة الفنية للمنتخب ترافق مع عمل ممنهج من قبل الاتحاد الكندي على تطوير الكرة في البلاد، وهو ما نتج عنه بروز جيل جديد من اللاعبين نجح بعضهم في التألق والاحتراف مع أندية أوروبية كبيرة، في مقدمتهم ألفونسو ديفيز مدافع بايرن ميونخ وجوناثان ديفيز مهاجم ليل الفرنسي وكايل لارين المنتقل حديثًا إلى صفوف كلوب بروج البلجيكي.
ويمتلك المنتخب الكندي حاليًا عناصر شابة تتسم بالسرعة والمهارة العالية، وأخرى خبيرة قادرة على تحويل مجريات اللعب، وإيصال أفكار المدرب لتُطبق على أرض الملعب، وهو أمر عادة يقوم به القائد أتيبا هوتشينسون، كل هذا جعل من كتيبة هيردمان مرشحة وبقوة لأن تكون رقمًا صعبًا في حسابات المجموعة السادسة، وخصمًا يُمكنه قلب التوقعات داخل المستطيل الأخضر.