منذ يوم الثلاثاء الماضي، بدأ توافد عشرات الملايين من الهندوس، لغسل خطاياهم على ضفاف نهر الغانج، في مهرجان هندي ديني يُعرف باسم "كومبه ميلا".
خلال هذا الأسبوع تشهد الهند أكبر تجمع للحجاج الدينيين في العالم، حيث يحج نحو 150 مليون هندوسيٍ للمهرجان الديني "كومبه ميلا"
و"كومبة ميلا" هو تقليد ديني هندوسي يعود إلى ما يزيد عن ألف عام، ويعتبر "أكبر تجمع للحجاج الدينيين في العالم".
150 مليون حاجٍ هندوسي
وأضافت اليونسكو هذا المهرجان الديني إلى قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي، نظرًا إلى "دوره الروحي المركزي" في هذا البلد الذي يسكنه ما يزيد عن مليار و300 مليون إنسان.
اقرأ/ي أيضًا: أجمل 6 أعياد شعبية في أفريقيا
ويَتوقع المنظمون أن يتدفق هذا العام حوالي 150 مليون شخص من الهندوس، للاستحمام في ملتقى الأنهار المقدسة: نهر الغانج ونهر يامونا ونهر ساراسواتي.
وفقًا للميثولوجيا الهندوسية القديمة، يمتلك "كومبه ميلا" أو "مهرجان القَدَر"، جذورًا أسطورية تقول إن الإله فيشنو، الذي هو كبير الآلهة في الهندوسية، انتزع وعاءً ذهبيًا يحتوي على رحيق الخلود من الشياطين، خلال معركة استمرت 12 يومًا، وبعد أن حازه فيشنو أسقط أربع قطرات على الأرض في أربعة مواقع، في ناشيك وبراياجراج وأوجين وهاريدوار، وهي الأماكن التي يدور فيها المهرجان كل ثلاث سنوات تقريبًا.
ولإدارة التدفق الهائل للحجاج الهندوس، تفرض الشرطة الهندية على الوافدين ألا يتجاوز كل واحد مدة دقيقة واحدة فقط في الاستحمام في النهر، تفاديًا للتدافع المميت، وكي لا يتكرر حادث عام 2013 الذي أودى بحياة أكثر من 40 شخصًا.
ميزانية بنصف مليار دولار
وتقدر ميزانية مهرجان هذا العام بحوالي 400 مليون دولار، من أجل تمويل 122 ألف دورة مياه، وأكثر من 4200 خيمة، وتجهيز وسائل نقل مطورة، علاوة على النفقات اللازمة لتوفير 10 آلاف شرطي يعملون طوال اليوم لتأمين الاحتفال الديني الضخم.
ويتمثل الطقس الرئيسي لمهرجان "كومبه ميلا" في الاستحمام في نهر سانجام، إذ يُعتقد أن الغسل في مياهه "المقدسة" يُطهر أتباع الهندوسية من خطاياهم السابقة، ويقودهم إلى "الموكشا" أو التحرر من دورة الولادة والوفاة.
الحُجّاج العراة
وتبدو المشاهد أسطورية في طقوس كومبه ميلا، حيث يحتفل الوافدون العراة، مزينين بالأكاليل الزهرية؛ برش المياه على بعضهم، فيما يُغطِس آخرون أبدانهم في مياه النهر. "إنه شعور سوريالي، بعد كل هذا الوقت الذي قرأت عنه، إنهم يكادون يشبهون شخصيات خيالية خرجت إلى الواقع ومن ثم تقابلهم "، تقول زائرة لرويترز.
والمهرجان هو واحد من الفرص القليلة لرؤية "ناجا سادوس"، وهم مجموعة من الزهاد المنعزلين الذين يقضون حياتهم بالعيش في الكهوف والغابات بعيدًا عن الحياة الحضرية، بعد أن أخذوا تعهدًا بالبقاء في العزوبية والتخلي عن ممتلكاتهم الدنيوية، تاركين أصدقاءهم وعائلاتهم للتفرغ لممارسة التأمل واليوغا والطقوس الدينية الهندوسية.
ويلعب هؤلاء الزهاد دورًا أساسيًا في طقوس "كومبه ميلا"، ويمكن التعرف عليهم هناك من خلال شعورهم الشعثاء والرماد الذي يغطي أجسادهم العارية، فعلى الرغم من أنهم عمومًا يعيشون حياة العزلة، يأتي هؤلاء الرجال المقدسون بشكل جماعي خلال هذه المناسبة إلى النهر من أجل الوعظ وتدخين الحشيش، حيث يستقبلهم الأتباع بكثير من الاحترام والهيبة.
مهرجان كومبه ميلا، يمثل فرصة نادرة لرؤية ناجا سادوس، وهم زهاد عُراة منعزلون عن الحياة الحضرية، يعيشون في الكهوف والغابات
وتمتد طقوس المهرجان إلى أزمنة ضاربة في التاريخ، وأقدم إشارة إليه تأتي من قبل الرحّالة الصيني شيوانزانغ، الذي يصف طقوسًا نظمتها الملكة شيلاديتا، إمبراطورة مملكة "Prayagraja"، في ملتقى النهرين، ووفد نصف مليون حاج من الأديان المختلفة إلى المكان وأخذوا حمامًا هناك ليغسلوا ذنوبهم.
اقرأ/ي أيضًا:
خريطة "المؤمنين" وأصحاب الديانات في الأرض.. إلى أين يتجه الدين بالعالم؟
في اليوم العالمي للسكان الأصليين: تقاليد وطقوس زاهية تخفي الجوع والفقر