22-أغسطس-2024
أنفاق المقاومة في غزة

حصلت إسرائيل على معلومات من أجهزة عثرت عليها في غزة (رويترز)

سلّطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الضوء على الطريقة التي تتبعها دولة الاحتلال الإسرائيلي في جمع المعلومات الاستخبارية، من أجل العثور على أسراها في غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وبحسب تقرير وول ستريت جورنال، فإنّ المهندسين العسكريين الإسرائيليين "مكثوا طوال ساعات من الليل وهم ينبشون داخل نفقٍ يبلغ طوله 650 قدمًا في خانيونس حتى عثروا على جثث 6 رهائن، كانوا من بين من اختطفتهم حركة المقاومة الإسلامية- حماس في هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي".

ووفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن العثور على جثث الأسرى "جاء بعد أن أخبر أحد الأسرى الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، الجنود بالمكان الذي يجب أن يبحثوا فيه".

معظم الجثث التي حصلت عليها إسرائيل تعود لرجالٍ من كبار السن تتراوح أعمارهم بين 75 و80 عامًا، وكان من الممكن أن يستوفوا شروط الإفراج عنهم في إطار صفقة لوقف إطلاق النار

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن العمليات من هذا النوع أصبحت أكثر تواترًا إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه انتشل جثث 6 أسرى من مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، في عمليةٍ مماثلةٍ لتلك التي جرت في تموز/يوليو الماضي، وفي المجمل، عثرت إسرائيل حتى اللحظة على 30 جثةً لأسراها".

ومع ذلك، تلفت وول ستريت جورنال في تقريرها إلى أنه "نادرًا ما يتم إنقاذ رهائن وهم أحياء لأنها عمليةٌ تتطلب معلوماتٍ استخباراتية أكثر دقةً، وذلك تجنبًا لحدوث خطأ ما".

ورغم ذلك، فلا يزال معظم المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية يصرون على أن التوصل إلى اتفاق مع حماس هو السبيل الوحيد لتحرير الـ105 أسرى الباقين، وكثير منهم هلكوا بالفعل.

الحواسيب والهواتف المحمولة والوثائق

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن إسرائيل حصلت على كمٍّ كبير من المعلومات القيّمة الخاصة بحركة حماس، من أجهزة الحواسيب المحمولة والهواتف النقالة والوثائق التي عثرت عليها في غزة، مستعينةً بالذكاء الاصطناعي في تصفحها".

وتضيف وول ستريت جورنال أنّ المساعدات التقنية الأميركية مكنت إسرائيل "من تعزيز إشاراتها الاستخبارية. كما لعبت المعلومات الاستخباراتية التي تحصل عليها من الفلسطينيين الذين تحتجزهم داخل غزة وغيرها من الأماكن، دورا أساسيا"

وأوضحت الصحيفة أن معظم الجثث التي حصلت عليها إسرائيل تعود لرجالٍ من كبار السن تتراوح أعمارهم بين 75 و80 عامًا، وكان من الممكن أن يستوفوا شروط الإفراج عنهم في إطار صفقة لوقف إطلاق النار، الذي جرى التفاوض عليها لعدة أشهر بدون نجاح.

وقد ظهر بعض هؤلاء في مقاطع فيديو للرهائن بثتها حركة حماس، وشوهدوا في الأنفاق من قبل الرهائن المفرج عنهم الذين تحدثوا إلى صحيفة وول ستريت جورنال.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في حزيران/يونيو أن 3 من الرهائن قُتلوا قبل أشهرٍ أثناء عمليات نفذها في خانيونس.

وفي ذات السياق، لفتت وول ستريت جورنال إلى أن إسرائيل كانت قد "كلّفت لجنةً من خبراء في مجال الصحة، بعد أسبوعين من هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بمهمةٍ الاطلاع على معلوماتٍ استخباراتية سرية وتحديد ما إذا كان الرهائن أمواتًا أم أحياء لإخطار عائلاتهم وإبلاغ المفاوضات".

ونقلت الصحيفة عن المدير العام لمركز "شعاري تسيديك" الطبي في القدس، عوفر ميرين، أن اللجنة توصلت حتى الآن إلى أن أكثر من 40 رهينةً لقوا حتفهم حسبما ظهر في لقطات كاميرات المراقبة في إسرائيل، ومقاطع الفيديو التي التقطها نشطاء من حركة حماس والتي عُثر عليها في غزة، وأدلة الحمض النووي.

يشار إلى أنّ إسرائيل أنشأت أيضًا مديرية استخباراتٍ خاصة برئاسة الجنرال نيتسان ألون، وهو أحد أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي في المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار، وذلك بغرض جمع وتحليل المعلومات عن الرهائن وأماكن وجودهم ووضعهم، وفي بعض الأحيان تزويد العائلات بدليلٍ يثبت أنهم على قيد الحياة.

مساعدة أميركية على اعتراض المكالمات الهاتفية

كشف ضابط مخابراتٍ أميركي متقاعد أنّ إسرائيل تلقت مساعداتٍ من الولايات المتحدة ساهمت في تعزيز قدرتها على اعتراض المكالمات الهاتفية في غزة في الأيام التي تلت اندلاع الحرب، وبحسب وول ستريت جورنال، فإن ما جمعته إسرائيل من معلوماتٍ مكَّنتها من تحديد أماكن احتجاز الرهائن.

زادت إسرائيل أيضًا من استخدامها تقنية الذكاء الاصطناعي في معالجة وتحليل الكم الهائل من المعلومات المرئية والإشارات والاستخبارات البشرية الصادرة من غزة، لأنها أدركت أنها لا تستطيع معالجتها يدويًا، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر لوول ستريت جورنال.

وتستفيد إسرائيل في هذا المجال من تقنيات المراقبة والتخزين المتطورة، التي حصلت عليها من خلال شراكات مع جوجل وأمازون ومايكروسوفت. لكن على الرغم من تحسن القدرات الإسرائيلية في مجال التتبع والتجسس، فإن إسرائيل، حسب التقرير، لا تزال تواجه بعض التحديات في جمع المعلومات الاستخباراتية؛ من بينها أن حركة حماس تتوخى الحذر الشديد في اتصالاتها خشية أن تلتقطها أجهزة المخابرات الإسرائيلية.

الاعتماد على الرسائل البريدية فحسب

نقلت وول ستريت جورنال عن من سمّتهم "وسطاء عرب لم تكشف عن هوياتهم، قولهم إن زعيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" يحيى السنوار يستخدم الرسائل البريدية فقط في التواصل مع الآخرين.

وبحسب ذات "المصادر"، فإن السنوار "قطع اتصالاته مع قيادة حماس بسبب عدم الثقة والاعتقاد بوجود جاسوسٍ في صفوفها بعد مقتل مروان عيسى، نائب قائد الجناح العسكري لحماس في آذار/مارس 2023".

وأشار تقرير وول ستريت جورنال إلى وجود عقبةٍ أخرى تواجهها إسرائيل، تتمثل في توزيع الرهائن على أنحاء مختلفةٍ داخل قطاع غزة، ونقلهم من مكانٍ إلى آخر لجعل تحديد مواقعهم أكثر صعوبةً. وفي هذا الصدد نقلت الصحيفة عن رهينةٍ إسرائيلية مفرج عنها تدعى أفيفا سيغل، قولها إنها "احتُجزت في 13 موقعًا مختلفًا فوق الأرض وتحتها خلال 51 يومًا قضتها في غزة".

وتخلص وول ستريت جورنال إلى أنّ "إنقاذ الرهائن أمرٌ صعب للغاية، كما أن تحديد مكان جثث الأسرى قد يكون هو الآخر أمرًا معقدًا نظرًا لأنه غالبًا ما يكون مخفيًا.