تفاعل الوسط الفني في لبنان مع خبر رحيل الممثل زياد أبو عبسي، فامتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بصوره وكتاباته ومشاهد من مسرحياته، وساد جو من الحزن في الأوساط التي عرف داخلها، حيث نعي أبو عبسي من قبل العديد من الطلاب والأكاديميين والممثلين الذي عاصروه وعملوا معه وأشادوا بإبداعه وشخصيته المرحة، وفكره وثقافته وأعماله وأدواره المسرحية.
نُعي أبو زياد عبسي من قبل العديد من الطلاب والأكاديميين والممثلين الذي عاصروه وعملوا معه وأشادوا بإبداعه وشخصيته المرحة
وصدر بيان من نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان، جاء فيه: "ننعى إلى الشعب اللبناني والعربي الفقيد الكبير وأحد أبرز وجوه المسرح اللبناني الدكتور زياد أبو عبسي صباح الأحد 18 تشرين الثاني، عن عمر يناهز 62 عامًا بعد صراع مع المرض".
وكتب المخرج والكاتب المسرحي يحيي جابر في صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "زياد أبو عبسي لا أصدق خبر وفاته، مات أبو الزولف، خسرنا موهبة فنية وإنسانية، وداعًا يابو ضحكة جنان". أما الممثل بديع أبو شقرا فقد كتب على صفحته: "شو علمتنا بلا ما تعمل أستاذ". ونشر الممثل الإيمائي فائق حميصي فيديو مقابلة مع الراحل زياد أبو عبسي وعلق عليها بالقول: درس فني مع زياد أبو عبسي. رحل زياد وبقي الدرس.
في نفس سياق ردود الفعل، نعى المخرج المسرحي الدكتور بطرس روحانا الراحل زياد أبو عبسي بالقول: "السلام لروحك يا رفيقي". ونشرت المخرجة لينا خوري صورة للراحل وعلقت بالقول: "ما عندي كلام يعبر كفاية عن حلاك وقيمتك ومحبتك وإخلاصك وصدقك وعطاءك ومعرفتك وموهبتك وتواضعك وكتير اشيا بعد.. منحبك كلنا يا معلمنا".
اقرأ/ي أيضًا: 4 أفلام لبنانية مميزة عليك مشاهدتها
بينما كتبت المخرجة المسرحية لينا أبيض: يا زياد مبارح كنا عم نقدم مسرحية بمسرح "الإروين هول" بالجامعة. بتذكر قديه كنت تحب هالمسرح! حلمك كان تقدم كل أعمال شكسبير. وقبل ما بلش العرض، حبيت نحكي عنك مع الشباب والجمهور. حطينا صورة كبيرة إلك على حيط المسرح، وقلت: هيدا زياد أبو عبسي.
كان؟ وفجأة فهمت معنى كلمة "كان".
كان؟ كان زياد؟ كيف هيدا؟
وغصيت وما عاد طلع مني كلمة.
ما بعرف! ما عاد طلع مني ولا صوت وغرقت بدموعي.
والجمهور عم بزقفلك.
آخ يا زياد! آخ يا صديق..
وكذا نعى الأستاذ الجامعي الفنان وليد دكروب الراحل زياد أبو عبسي عبر مشاركة نص له قائلًا: هذا ما كتبه المخرج والممثل زياد أبو عبسي في شباط 2016 في مقالة تحت عنوان (نضال)، والنص هنا لعبسي: "النضال هو جهد في سبيل التغيير . التغيير هو انتقال من حال إلى حال. من المرجو أن يكون الانتقال من سيئ إلى جيد. لا يأتي التغيير من دون جهد، لذلك فإن الإنسان الذي يجهد في العمل على التغيير هو إنسان مناضل. وهنا أصر على أن التغيير شرط للنضال، ولا أعني إطلاقًا، أن التكيف مع الظروف هو نضال. إن التكيف مع الظروف هو خضوع لما هو حاصل، ولا يكون هذا الخضوع أمرًا مفرحًا إنما يأتي لأنه ليس في اليد حيلة. إن نظرت إلى نفسك ترى أنك مناضل باستمرار. ما يحبط المرء هو عدم وضوح الرؤيا، أو عدم وجود الحيلة، ولهذا فإن المعرفة أمر يجعل الحياة سعيدة".
وختم دكروب بالقول: ضيعانك يا زياد..
بينما رثاه الكاتب المسرحي عبيدو باشا في جريدة الأخبار، قائلًا عن زياد أبو عبسي : "لا أزال أنسى أن أشبع من الحزن. لا أزال وحيد هذا القرن، وحيد تحيطه الكتائب والفصائل والأسنان، لأنّ بلادًا تلتهم أولادها بجوع كبير وسائب، بلاد أسنان، لا تعترف بصواب ولا بحياة. لا تعترف إلا بالموت. موت زياد أبو عبسي موت من فاته أن يعلن أنه ملاك، وحين أخفق مات. رجل حاضر على الدوام، رجل غائب على الدوام. رجل مبعثر على الطرقات وعلى قبة بلاد بلا قبة. زياد فكرة طيبة لإنسان طيب، لم يستطع أن يخبئ طيبته في الرمل، ما استطاع أن يحب التدجين، هكذا أصيب بالعطب الأول".
اقرأ/ي أيضًا: مهرجان كان السينمائي.. سنوات مضطربة
وقال وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري، إنه "برحيل المسرحي زياد أبو عبسي يفقد لبنان أحد أهم الشخصيات التي قدمت معالجات فلسفية للمسرح اللبناني، بالإضافة إلى تخصصه في المسرح الشكسبيري، عدا عن الأدوار التي قدمها وتركت الأثر في وجدان محبيه ورواد مسرحه".
واعتبرت اللجنة الثقافية- الفنية في الحزب الشيوعي اللبناني أن رحيل زياد أبو عبسي ليس خسارة لأهله ومحبيه فقط، بل إنها خسارة لكل من يحمل فكرًا تقدميًا حرًا. وعكست أعمال أبو عبسي المسرحية والإذاعية والشعرية التزامًا بمبادىء الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، فكان منشغلًا بمقارعة طمع الإنسان وعدوانيته وجنوحه نحو الخداع والشرّ.
ونعى أمين سر حركة "فتح"، وفصائل منظمة التحرير في لبنان فتحي أبو العردات، الفنان والمسرحي اللبناني زياد أبو عبسي، حيث أشاد بالدور النضالي والريادي الذي لعبه الراحل أبو عبسي في دعم القضية الفلسطينية في كافة مراحل حياته من خلال أعماله المسرحية والأدبية.
رحيل زياد أبو عبسي ليس خسارة لأهله ومحبيه فقط، بل خسارة لكل من يحمل فكرًا تقدميًا حرًا
يذكر أن الفنان زياد أبو عبسي قد ولد في 5 أيار/مايو عام 1956 في صيدا، جنوب لبنان، لعائلة أصلها من بلدة راشيا الفخار الجنوبية. كتب مسرحية "الشمع" عام 1979 وشارك في مسرحية بعنوان "فينيانوس بالضيعة". وشارك في جميع أعمال زياد الرحباني المسرحية منذ عام 1978، وقام بتأدية دور هارولد في مسرحية "بالنسبة لبكرا شو" عام 1978، ومسرحية "فيلم أميركي طويل" عام 1980، ومسرحية شي فاشل 1983، ومسرحية "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" 1993، ومسرحية "لولا فسحة الأمل" 1994.
وعمل زياد أبو عبسي مع يعقوب الشدراوي في مسرحية "جبران والقاعدة" 1981، ومع ربيع مروة في مسرحية المفتاح 1996، ومع فيصل فرحات في سقوط عويس آغا 1981، ومع المخرج رفيق حجار، إلا أن العمل المسرحي في الإطار الجامعي، الذي انكب عليه منذ عام 1986 أثمر العديد من المسرحيات كتابة وإخراجًا. فكانت ثمرة ذلك العمل الجامعي مسرحية "الأشباح" لهنريك إبسن (1989)، ومسرحية "روميليوس العظيم" لفريديريش دورنمات 1990، ومسرحية "رجع نعيم راح". ومسرحية "كما يحلو لك" ومسرحية "الليلة الثانية عشرة"، ومسرحية "زوجات ويندسور الفرحات"، و"ريتشارد الثالث" و"ماكبث".
اقرأ/ي أيضًا: