دعمت الاحتجاجات في المملكة المتحدة القضية الفلسطينية وساهمت في تغيير الرأي العام، وزيادة الضغوط على الحكومات، وإضعاف الاقتصاد الإسرائيلي، مع تحقيق تأثيرات دولية ملموسة في الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، مما منح الفلسطينيين الأمل والدعم في نضالهم.
يرفض إسماعيل باتيل توصيف الاحتجاجات المتضامنة مع القضية الفلسطينية ببريطانيا بأنها لم تحقق بعضًا من أهدافها. إسماعيل باتيل، الباحث الزائر في جامعة ليدز، ورئيس منظمة أصدقاء الأقصى غير الحكومية، ومقرها المملكة المتحدة، نشر مقالًا في موقع "ميدل إيست آي"، أبرز فيه أهمية نتائج الاحتجاجات المتضامنة مع فلسطين في بريطانيا.
وحسب المقال، فعلى مدار العام الماضي، شهدت المملكة المتحدة موجة من الاحتجاجات الحاشدة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، حيث شارك ملايين الأشخاص من مختلف الخلفيات والأعمار في مظاهرات تعبر عن رفضهم للجرائم المرتكبة في غزة. ورغم استمرار الهجوم الإسرائيلي على القطاع ودخوله عامه الثاني، إلا أن لهذه الاحتجاجات أثرًا يتجاوز مجرد التعبير عن التضامن، إذ إنها تسهم في تغيير ملامح الرأي العام والسياسات المرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
دور الاحتجاجات في تشكيل الرأي العام
أحد أبرز إنجازات هذه الاحتجاجات كان التحول الملحوظ في مواقف البريطانيين تجاه القضية الفلسطينية. ففي أيار/مايو 2024، أظهرت استطلاعات الرأي أن التعاطف مع الفلسطينيين ارتفع إلى 31% مقارنة بـ23% في العام السابق. كما أيد أكثر من نصف البريطانيين إنهاء مبيعات الأسلحة إلى الاحتلال الإسرائيلي، ودعا ثلثا المشاركين إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
ساهمت الاحتجاجات المناصرة لفلسطين في بريطانيا بتغيير الرأي العام، وزيادة الضغوط على الحكومات، وإضعاف الاقتصاد الإسرائيلي
هذه التحولات في الرأي العام تضغط على صناع القرار، مما يبرز التناقض بين مواقف الحكومة البريطانية، التي تدعم إسرائيل علنًا، وبين رغبات شريحة واسعة من المواطنين.
التأثير الدولي للاحتجاجات
لم يقتصر تأثير الاحتجاجات على الداخل البريطاني فحسب، بل تجاوز ذلك إلى الساحة الدولية. ساعدت هذه الحركات في تمكين دبلوماسيين وحكومات من الجنوب العالمي على تحدي الهيمنة الأمريكية ودعم حقوق الفلسطينيين، وشهدت الأمم المتحدة تحديًا غير مسبوق لإسرائيل وحلفائها، حيث صوتت غالبية الدول لصالح وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات لغزة، بينما انسحب دبلوماسيون من عشرات الدول أثناء خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
كما دفعت هذه الضغوط جنوب أفريقيا إلى تقديم دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية. وفي الوقت ذاته، تقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بطلب لإصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين، بمن فيهم نتنياهو.
التأثيرات الاقتصادية والسياسية
على المستوى الاقتصادي، أسهمت حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها في تراجع الاقتصاد الإسرائيلي، حيث شهدت إسرائيل أبطأ نمو اقتصادي بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وأغلقت آلاف الشركات أبوابها تحت وطأة الضغوط الدولية، وأصبحت الشركات المتعددة الجنسيات أكثر ترددًا في مواصلة أنشطتها داخل إسرائيل.
سياسيًا، أحدثت الاحتجاجات تغييرات ملموسة في المملكة المتحدة، فقد خسر سياسيون مخضرمون مقاعدهم لصالح مرشحين مستقلين تبنوا قضية غزة في حملاتهم الانتخابية. وأظهرت استطلاعات رأي أن تعاطف ناخبي حزب العمال مع الفلسطينيين يفوق تعاطفهم مع الإسرائيليين، مما يجعل موقف رئيس الوزراء كير ستارمر المؤيد لإسرائيل معزولًا وغير متماسك مع تطلعات الناخبين.
رسالة أمل
أعطت هذه الاحتجاجات رسالة واضحة للعالم وللشعب الفلسطيني على وجه الخصوص: "أنتم لستم وحدكم". فهي تقدم دعمًا معنويًا مهمًا للفلسطينيين في نضالهم من أجل العدالة والحرية، وتؤكد رفض الشعوب للتواطؤ مع الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في غزة.
ونوّه الكاتب إسماعيل باتيل، إلى أن الاحتجاجات على رغم من كونها لم توقف العنف على الأرض، إلا أنها أحدثت تغييرًا ملموسًا في الديناميكيات السياسية والاقتصادية والرأي العام على المستويين المحلي والدولي. وبهذا، أصبحت صوتًا للمضطهدين وأداة لتحدي الظلم، مما يعزز الأمل في تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.