يحلم البشر حوالي خمس مرات في اليوم تقريبًا كمعدّل وسطي، ويجد الإنسان صعوبة في تذكر أحلامه كلها بسبب توقف الذاكرة عن العمل أثناء النوم. استطاعت الأحلام أن تساهم في إبداع الفنون والموسيقى والروايات والقصص والأفلام السينمائية،
الأحلام قادرة على إبداع الحلول في مختلف المسائل، وتمكننا من النظر عبرها لأنها تأتي على شكل مشهديات سينمائية
من الناحية العلمية، تلعب الأحلام دورًا في مساهمات تخص المعادلات الرياضية والفيزيائية وغيرها العديد من الاختراعات. فالأحلام تنشط عمل الدماغ بفعالية أكبر من تلك الموجودة أثناء الصحو.
الأحلام قادرة على إبداع الحلول في مختلف المسائل، وتمكننا من النظر عبرها لأنها تأتي على شكل مشهديات سينمائية، لذا فالفنانون والأدباء، كالمخرجين والرسامين والنحاتين والكتَاب، يتأثرون بهذه المشهديات، كما تنعكس في عملهم الإبداعي فيأخذون- على سبيل المثال لا الحصر- فكرة من أجل لوحة، أو مشهدية من أجل فيلم.
اقرأ/ي أيضًا: ماذا تقول الأحلام "المثيرة" عن واقع حياتنا؟
الأحلام تعبّر عن طريقة تفكير خارج الصندوق، أو يمكن القول بأنها الطريق الإبداعية للتفكير المميز. فالشخص الذي يجد نفسه عالقًا وسط مسألة أو مشكة ما فإنه سرعان ما تتدخل أحلامه لتوجيهه في طريق مبتكرة. كتب الشاعر جون شتاينبك المقولة التالية: "إذا كانت المشكلة صعبة جدًا للحل أثناء النهار، فإنني أوكل أمرها للنوم في الليل، وفي صباح اليوم التالي يكون الحل جاهزًا". ويقول ديكارت: "لا يمكننا تمييز الأحلام عن الواقع".
ويقول العلماء الإنثروبولوجيين بأن رسومات الكهوف القديمة مستوحاة من الأحلام، والرسم السوريالي سخّر الأحلام من أجل التعبير الفني. أما الموسيقيون من بيتهوفن الى بول ماكارتني وبيلي جويل حلموا بالنغمات والرنات. وكذلك الأمر في دعوة المهاتما غاندي للاحتجاج السلمي غير العنيف ضد القوات البريطانية التي كانت حاكمة في الهند فكانت من وحي أحلامه.
يقول العلماء إن النائم يمر بمراحل ودورات من الأحلام أثناء نومه تتراوح مدة كل دورة 90 دقيقة، وكل دورة يتخللها حلم مما يمكننا من استنتاج عدد الأحلام في الليلة الواحدة، والذي عادة ما يكون 5 دورات/أحلام، إلا أن أغلب هذه الأحلام تضيع عند الاستيقاظ صباحًا. وتشير الدراسات الى أن هناك مناطق في الدماغ تصبح نشيطة كثيرًا بينما يضعف نشاط مناطق أخرى في الدماغ.
وتقول الدكتورة ديردري باريت Deirdre Barrett"في أحد أبحاثي في الجامعة قمت مع بعض الطلاب بتجربة حيث كان يتعين على الطلاب حل بعض المشكلات والمسائل التي كانت عالقة لديهم. استمر عملهم لمدة أسبوع في السرير قبل النوم وجاءت النتيجة كما يلي: 50 في المئة منهم حلموا بالموضوع، 25 في المئة منهم توصلوا الى حل المشكلة".
وتكمل الباحثة الحاصلة على دكتوراه في علم النفس من جامعة هارفارد ورئيسة منظمة الدراسات حول الأحلام، وتقترح التقنيات التالية: "اسأل نفسك ما هي طبيعة الأحلام التي تود أن تراودك أثناء نومك، ومن ثم حدد الموضوع الذي تريد أن تحلم به، حدّق به وتخيله، ثم أغمض عينيك وتأمله بشكل متواصل. اكتب المشكلة باختصار على ورقة، ضع الورقة الى جانب سريرك، راجع المشكلة قبل النوم لمدة دقائق، قل لنفسك أو أطلب من نفسك أن تحلم المسألة، ضع قلم وورقة الى جانب سريرك، رتّب كل محتويات المسألة والمستلزمات المطلوبة، ثم يمكن النوم بعدها. استيقظ بهدوء وخذ الوقت الكافي لتستعيد ذاكرتك وسجل أحلامك وحاول استرجاع كل ما رأيته خلال نومك".
وأما البروفيسور ميشيو كاكو فيتنبأ بقدرة العلم على رؤية أحلامنا وتسجيلها، عبر مخترعات مستقبلية تقنية متطورة جدًا قادرة على اكتشاف هذا العالم السري أثناء نومنا.
نماذج إبداعية
أوغست كيكوله (August Kekule) حلم بمعادلة البنزين. كان يحاول جاهدًا إيجاد العلاقات التي تربط الجزيئات ببعضها البعض. حين غفى شاهد الذرات ترقص، تنفصل وتنضم إلى بعضها البعض بشكل دائري، وشاهد حية تلتف وتضع ذيلها في فمها فاكتشف بذلك أن ذرات البنزين مترابطة بشكل دائرة مغلقة، وتجدر الإشارة إلى أنه حينها لم يكن هناك تلسكوبات مجهرية لرؤية تفاعل الذرات، وكانت معادلات الترابط بين الذرات بشكل مستقيم فقط.
اسأل نفسك ما هي طبيعة الأحلام التي تود أن تراودك أثناء نومك، ومن ثم حدد الموضوع الذي تريد أن تحلم به
أما المخترع بول أسويتز Paul Horowitz خريج جامعة هارفارد تراءى له تصميم التلسكوب في الحلم. وكان أسويتز يترك قلمًا وورقة إلى جانب سريره ليسجل الأفكار التي تتراءى له في أحلامه. وديمتري ميندليف Dimitri Mendeleev حلم بالشكل الأخير لكيفية ترتيب العناصر الموجودة في الجدول الكيميائي.
اقرأ/ي أيضًا: الكوابيس الأخيرة التي لن يحكيها الرجل لأحد
ونجد أن روبرت لويس ستيفنسون Robert Louis stevenson أيضًا اقتبس من أحلامه في فيلم "الدكتور جيكل والمستر هايد". وماري شيلي Mary Shelley حلمت بمشهدين من فرانكشتاين. ووليام ستايرون William Styron حلم باسم شخصيته "خيارات صوفي". أما أوتو لويوي Otto Loewi فاز بجائزة نوبل للدواء عن تجربة طبية شاهدها في أحلامه. والرسام تينيسي جين آن هواردز استوحى لوحة لرسم ذاتي بسبب حلم خانق راوده.
اقرأ/ي أيضًا: