كشفت وثائق جائزة نوبل للأدب الخاصة بعام 1962، والتي نشرت 2012 أنه تم منح الجائزة في ذلك العام للكاتب الأمريكي جون ستاينبك ليس لأن الأكاديمية السويدية معجبة بكتابته، بل لغياب من هو جدير بالجائزة. نقدم إليكم التفاصيل في هذا المقال المترجم عن "The Saturday Evening Post".
بعد إصدار رواية "شتاء السخط" عام 1961، تراءى للأكاديمية السويدية - بعد فترة قل فيها الإبداع الأدبي - أن جون ستاينبك ربما يكون مرشحًا رئيسًا لنيل جائزة نوبل في الأدب. وقد أُعلن عن فوزه بجائزة نوبل في عام 1962، بعد ما اكتُشف لاحقًا من خلاف شديد بين أعضاء اللجنة، إذ لم تعتبر الأكاديمية السويدية أن أيًا من مرشحيها الأدبيين جديرًا بالجائزة.
بحلول 2012 نُشرت وثائق جائزة نوبل لعام 1962، وكشفوا أن جون ستاينبك تم اختياره بسبب ضرورة اختيار فائز
هذه المعلومة لم تكن معروفة في ذلك الوقت، بطبيعة الحال. وذلك بسبب احتفاظ الأكاديمية بسجلات مرشحيها والمناقشات الخاصة لمدة 50 عامًا. وبحلول عام 2012 نُشرت وثائق عام 1962، وكشفوا أن جون ستاينبك قد اختير بسبب ضرورة اختيار فائز، وليس لإعجاب اللجنة بعمله. كانت الأكاديمية السويدية قد أعلنت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1962، أنها تمنح الجائزة لجون ستاينبك "لكتاباته الواقعية والخيالية، التي تجمع بين الفكاهة الحساسة والإدراك الاجتماعي الواعي". ولكن وفقًا لما ذكرته صحيفة سفينسكا داغبلادت السويدية، فقد كتب هنري أولسن عضو اللجنة عن الخيارات المتاحة، أن "ليس هناك أي مرشحين واضحين لجائزة نوبل، ولجنة الجائزة في وضع لا تحسد عليه". وكان المؤلفان البريطانيان لورانس داريل، وروبرت جريفز من بين المرشحين الآخرين.
اقرأ/ي أيضًا: صورة شخصية لكازو إيشيغورو
على الرغم من الاتهامات بأن عمل جون ستاينبك يصنف من "تفلسف الدرجة العاشرة"، فإن رواياته ومقالاته لا تزال تقرأ على نطاق واسع في الفصول الدراسية الأمريكية. الروايات المطولة مثل "عناقيد الغضب"، و"شرق عدن"، ودراسات أقصر مثل "الفئران والرجال" تحتل الوعي الأمريكي باستعاراتها الأصيلة من ماضينا.
وعلى الرغم من أن جون ستاينبك لم يكتب روايات لمجلة "Saturday Evening Post"، إلا أن آخر عمل نشر له، وهو مقال نشر عام 1966 بعنوان "أمريكا والأمريكيون"، كان بمثابة لائحة اتهام ثقافية، واحتفال فريد من نوعه بالشعب الأمريكي. في تقديم المحرر للمقال تحذيرًا من أن "عناقيد الغضب أثارت عاصفة من الجدل بسبب تعاطفها القوي مع البروليتاريا"، لكن المقال كان أقل يسارية من أعمال جون ستاينبك الأخرى وأكثر اقترابًا من "الإدراك الاجتماعي الواعي".
يُعد مقال جون شتاينبك، حتى في عام 2017، تحليلًا جيدًا لقضايا أمريكا مع الثراء، والتوترات العرقية، والبحث الجديد عن المعنى. "أمريكا والأمريكيون" يظهر قدرة جون ستاينبك على تشريح الأسرة والثقافة عبر الأجيال لتشخيص مشاكل القرن العشرين، وربما القرن الحادي والعشرين. يقول جون ستاينبك "حتى في ما يسمى بالفضائل نحن متطرفون. نستطيع أن نؤمن بأن حكومتنا ضعيفة، غبية، طاغية، غير شريفة، وغير فعالة، وفي نفس الوقت مقتنعون بشدة بأنها أفضل حكومة في العالم، ونود أن نفرضها على الجميع".
ويبدو أن نقده للمواقف والمفارقات الأمريكية الفريدة يدعم أسباب الأكاديمية في منحه أعلى درجات الشرف في الأدب، حتى لو كانت اللجنة السويدية ترددت في البداية في قرارها.
مقال "أمريكا والأمريكيون" لشتاينبك كان بمثابة لائحة اتهام ثقافية، واحتفال فريد من نوعه بالشعب الأمريكي
قدم جون ستاينبك خطاب قبول للجائزة في عام 1962 معبرًا عن رأيه في "طبيعة واتجاه الأدب"، ومقدمًا وجهة نظره بشأن احتياجات البشرية والتهديدات التي تواجهها. وقد توفي في عام 1968، بعد عامين من كتابة "أمريكا والأمريكيون".
اقرأ/ي أيضًا: رواية "الثعالب الشاحبة".. خراب يليق بفرنسا
ومن المفارقات أنه بعد أن ترك للعالم نقدًا مذهلًا للنزعة الاستهلاكية والترف، يستمر ورثته في رفع دعاوى قضائية تقدر بملايين الدولارات ضد بعضهم البعض للاستفادة من تركته. بطبيعة الحال، التقاضي الذي لا نهاية له هو من الخصائص الأمريكية الآن كما كانت الزراعة المهاجرة خلال الكساد الكبير. يعتبر إرث جون ستاينبك إرث مؤرخ وواعظ، يريد أن ينقذنا من أنفسنا "هل يمكن أن يكون شعبنا يشعر، في عقله الباطن، بخطر الغزو العارم الغاشم لأمريكا من قِبَل الأمريكيين؟"
اقرأ/ي أيضًا: