أطلقت شركة ميتا، المالكة لكل من فيسبوك وإنستغرام وواتساب، مؤخرًا منصتها الجديدة "ثريدز" التي ستنافس موقع تويتر المملوك لإيلون ماسك. وقد حازت المنصة الجديدة اهتمامًا عالميًا واسعًا، تمثل في تسجيل أكثر من 100 مليون مستخدم فيه من أكثر من 100 دولة حول العالم خلال أقل من أسبوع على انطلاقه. ولكن المستخدمين الجدد كانوا من جميع القارات عدا القارة الأوروبية. فلماذا لم يصل ثريدز إلى أوروبا بعد؟
تنقل البوليتيكو عن الناطق باسم ميتا، مات بولارد، أن الشركة أجلت إطلاق الموقع في دول الاتحاد الأوروبي "بسبب حالة اللايقين بجوانب تشريعية مقبلة"، وهو تصريح يشير إلى خوف ميتا من القوانين الجديدة التي شرع الاتحاد الأوروبي بوضعها مؤخرًا، وخاصة قانون الأسواق الرقمية DMA، الذي وضع لمنع شركات التقنية الكبيرة من جمع البيانات ومراكمتها لتصبح "أكبر من أن تأبه" للمستخدمين، كما يقول تيري بريتون، المفوض الأوروبي للأسواق الداخلية.
مالك تويتر، إيلون ماسك،الذي ثبت أن موقعه يجمع بيانات المستخدمين المتعلقة بالموقع ومعلومات الأجهزة والتفاعلات، كان قد أبدى مخاوفه حيال موضوع جمع "ميتا" للبيانات، فنشر تغريدة ينبه فيها إلى أن تطبيق ثريدز يعترف بأن بعض البيانات، مثل الموقع وتاريخ البحث، "قد تُجمَع".
نُقل عن الناطق باسم ميتا، مات بولارد، أن الشركة أجلت إطلاق الموقع في دول الاتحاد الأوروبي "بسبب حالة اللايقين بجوانب تشريعية مقبلة"، وهو تصريح يشير إلى خوف ميتا من القوانين الجديدة التي شرع الاتحاد الأوروبي بوضعها مؤخرًا.
أما جاك دورسي، مالك تويتر السابق ومبتكر "بلو سكاي"، فنشر صورة لتطبيق ثريدز مع عبارة "منشوراتكم على ثريدز جميعها لنا".
شركات التقنية الكبيرة من ناحيتها، كانت قد انتقدت قانون الأسواق الرقمية ووصفته بأنه يقف عائقًا أمام الابتكار، إذ إنه يفرض قيودًا مشددة بهدف حماية المستخدمين. ورغم أن القانون لا يمنع ميتا من تقديم منتجات جديدة للسوق، فقد قررت الشركة أن تؤجل طرح منصتها الجديدة في دول الاتحاد الأوروبي فيما يعتقد أنه نموذج على تفادي شركات التقنية الكبيرة لمتاهة التشريعات وما يمكن أن تتسبب به من تعقيدات ومشاكل.
ميتا كانت قد واجهت عقبات قانونية في الاتحاد الأوروبي، مما أدى إلى تعقيد عملياتها في المنطقة. وفي الآونة الأخيرة، أكدت محكمة العدل الأوروبية على حق المراقبين في الاتحاد الأوروبي بالتحقيق في ممارسات لميتا يعتقد أنها تشكل خرقًا للخصوصية. وشدد حكم المحكمة على ضرورة موافقة المستخدم قبل استخدام البيانات الشخصية، وفي حكم آخر، أًدرت المحكمة أمرًا بوقف نقل بيانات المستخدمين إلى الولايات المتحدة، وهو ما أدى إلى إغلاق خدمات ميتا في أوروبا.
وفي سياق مشابه، أجلت شركة غوغل الشهر الماضي إطلاق روبوت الدردشة المعتمد على الذكاء الاصطناعي بارد Bard بعد محادثات مع مراقب الخصوصية في إيرلندا. أما في إيطاليا، فشعرت شركة أوبن إيه آي OpenAI، التي أنشأت روبوت المحادثة تشات جي بي تي ChatGPT، بشدة التشريعات الأوروبية عندما حُظِرت خدماتها مؤقتًا في آذار/ مارس من قبل مراقب الخصوصية في البلاد بسبب انتهاكات خصوصية مزعومة.
كتب روب شيرمان، مسؤول الخصوصية الرئيسي في ميتا، على ثريدز، إن التطبيق يفي حاليًا بمتطلبات الخصوصية وفقًا لقانون حماية البيانات العام GDPR في الاتحاد الأوروبي، "ولكن طرح منتج جديد بطريقة تخالف متطلبات تنظيمية أخرى لم توضح بعد قد يستغرق وقتًا طويلاً، وفي ظل انعداد اليقين هذا، فإن أولويتنا هي تقديم هذا المنتج الجديد لأكبر عدد ممكن من الأشخاص."
وفي مقابلة له اقترح آدم موسيري، رئيس إنستغرام، أن ميتا ستحتاج إلى إنشاء أنظمة جديدة بخلاف تلك المعتمدة في في تطبيقاته الأخرى لإثبات أن ثريدز كان يتبع جميع قواعد الاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه الجدل دائرًا حول مدى شدة القوانين التي باتت دول الاتحاد الأوروبي تعتمدها، أو نجاعتها، يستخدم كل طرف إحجام ميتا عن إطلاق "ثريدز" في أوروبا مثالًا على قوة حجته. فيقول النائب في الهولندي في البرلمان الأوروبي، كريستل شالديموس، الذي ترأس المجموعة التي أعدت قانون الخدمات الرقمية DSA الموازي لقانون الأسواق الرقمية، إن "حقيقة أن ثريدز لا يزال غير متاح لمواطني دول الاتحاد الأوروبي يؤكد أن قوانين الاتحاد الأوروبي نافعة… أنا آمل أن ميتا ستتأكد من اتباع جميع القوانين قبل انفتاحها على مواطني الاتحاد الأوروبي.