منذ أن وصل عبدالفتاح السيسي إلى رئاسة الجمهورية، ويخضع النظام الحاكم في مصر للسعودية والإمارات بشكل كبير، قد يدعو للخجل أحيانًا، خاصة في قضايا مثل اتفاقية تيران وصنافير، التي تنازل بموجبها السيسي عن سيادة مصر على الجزيرتين لصالح السعودية. وهي الاتفاقية التي قوبلت برفض شعبي كبير، تمثّل في تظاهرات لم تشهدها مصر منذ سنتين على الأقل، وصراع في المحاكم، حتى انتهى الأمر إلى جلسة برلمانية صورية حسمت الأمر بالتنازل عن الجزيرتين.
هناك أيضًا قضية جزيرة الوراق، أكبر الجزر المصرية في نهر النيل، والتي يحاول النظام تهجير أهلها قسريًا، وقد سبق وأن اعتدى عليهم وأسقط بينهم قتيلًا بُغية ذلك، بدعوى عودة سلطة الدولة على أراضي الجزيرة، في حين يتردد أن الأمر مرتبط بالإمارات التي تسعى لعقود استثمار فوق أراضي الجزيرة، وعلى حساب سُكانها.
منذ وصول السيسي للحكم، تكررت المرات التي أصدر فيها قرارات جمهورية بمعاملة أجانب كمصريين فيما يخص تملك الأراضي
وفي عددها الصادر أوّل أمس، الخميس 17 آب/أغسطس الجاري، نشرت الجريدة الرسمية عددًا من القرارات الجمهورية، من بينها القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2017، الذي ينص على معاملة أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، المعاملة المقررة للمصريين في تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981، والخاص بتملك الأراضي المصرية.
اقرأ/ي أيضًا: نهاية قصة تيران وصنافير.. برلمان السيسي يُعطي ما لا يملك لمن لا يستحق
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يمنح فيها السيسي حق امتلاك الأراضي لأمراء الخليج ورجال الأعمال، إذ صدر العام الماضي قرار مشابه خاص بملك البحرين، وتكرر الأمر أيضًا مع مستثمر سعودي، ما دفعنا إلى رصد أبرز الحالات التي قررت فيها السلطات المصرية الحالية، التعامل مع أجانب كمصريين فيما يخص تحديدًا تملّك الأراضي.
حمود الصالح.. أول أجنبي يتملك أرضًا صحراوية في مصر
لم تخف وطأة الإعلان عن اتفاقية تيران وصنافير في نيسان/أبريل من العام الماضي، حتى أصدر السيسي قرارًا جمهوريًا في 26 آيار/مايو من نفس العام، بمعاملة السعودي حمود بن محمد بن ناصر الصالح، المعاملة المقررة للمصريين في تطبيق نص المادة 12 من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن تملك الأراضي الصحراوية. ونشر القرار في عدد الجريدة الرسمية رقم 219 لسنة 2016، ليصبح بذلك حمود الصالح أوّل أجنبي له حق تملّك أرض في مصر، بحصوله على قطعتي أرض بمحافظة الجيزة على طريق الإسكندرية الصحراوي بالكيلو 41.
تعالت الأصوات المعترضة حينها، وطالب البعض بمعاملة السعودية للمصريين المقيميين على أراضيها بالمثل، وإلغاء نظام الكفيل الذي يعانون بسببه. كما اعترض العضو السابق في الحملة الانتخابية للسيسي، حازم عبد العظيم، على القرار، مُطالبًا بتوضيح أسبابه بشكل رسمي من قبل الحكومة المصرية.
تبيّن لاحقًا أنّها لم تكن المرة الأولى التي يحصل فيها الصالح على أراضٍ مصرية، وإن كانت الأولى فيما يخص الأراضي الصحراوية، ففي عام 1998، في عهد وزير الزراعة الأسبق، يوسف والي، الذي سبق وأن اتهم في قضايا فساد؛ حصل الصالح على 15 ألف فدان أرض زراعية في منطقة جرف حسين بأسوان، جنوب مصر، لم يبدأ الاستصلاح فيها وزراعتها إلا عام 2004.
وأثيرت ضجة وقتها حول هذا الأمر، ما إذا كان قانونيًا أم لا أن يتملك أجنبي أرضًا زراعية، حتى جاء عام 2010 ليصدر وزير الزراعة حينها، أيمن أبوحديد، قرارًا آخر بتمليك الصالح 1097 فدانًا زراعيًا في نفس المنطقة. وقد تسبب الأمر في تصريح أهالي النوبة بغضبهم، خاصةً وأنّهم محرومون من تملك الأرض التي عاشوا عليها قرونا، في حين يتملكها الأجانب.
ملك البحرين.. قرار رسمي برفاهيته!
بعد القرار السابق بشهور قليلة، أصدر السيسي قرارًا جمهوريًا آخر بمعاملة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، المعاملة المقررة للمصريين، طبقًا لأحكام القانون رقم 14 لسنة 2012 بشأن التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء. ونُشر القرار بالجريدة الرسمية في عددها رقم 40 في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2016. وطبقًا لهذا القرار تمكن ملك البحرين من امتلاك ثلاثة مبانِ بمنطقة خليج نعمة بمدينة شرم الشيخ السياحية جنوب سيناء، وذلك بغرض الإقامة الشخصية!
بيع محمية نبق بسيناء لمستثمر سعودي بثمن بخس
العام الماضي تحدث رجل الأعمال السعودي عبدالرحمن الشربتلي لصحيفة المصري اليوم، عما أسماها توجيهات العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الخاصة بضخ الاستثمارات في مصر، وأنّ النظام المصري "أنهى أزمات المستثمرين" خاصة العرب منهم. كان ذلك في آيار/مايو 2016.
بتسع جنيهات فقط للمتر، أُعطي مستثمر سعودي حق الانتفاع بمحمية طبيعية جنوب سيناء، بالمخالفة للقانون والدستور
ثم في شباط/فبراير العام الجاري، وافقت هيئة التنمية السياحية المصرية على منحد الشربتلي حق الانتفاع بأراضٍ في محمية نبق جنوب سيناء، ولمدة ربع قرن. المثير في الأمر هو ثمن حق الانتفاع، إذ كان بمتوسط تسع جنيهات للمتر الواحد، أي ما يساوي نصف دولار أمريكي فقط!
اقرأ/ي أيضًا: بكم اشترى النظام المصري شرعيته؟
فضلًا عن الثمن البخس، فيُرجّح عدم قانونية ودستورية هذا القرار، انطلاقًا من القانون 102 لسنة 1983 الخاص بالمحميات الطبيعية، والمادة 33 من الدستور المصري التي تُوجب على الحكومة حماية الملكيات بأنواعها، بينما يُعطي القرار حق الانتفاع لأجنبي على ملكية عامةن وفي نفس الوقت محميّة طبيعية، وبلا شك أنّ حق الانتفاع هذا سيتضمن أعمالًا وفقًا للقانون تعتبر تخريبية بالنسبة لمحمية طبيعية.
أمير الكويت على الخط
إذا سبق وحدث أمر ما عدة مرات، بالإمكان إذن تكراره إلى ما لا نهاية. وعليه إذا بيعت أرض مصرية لأجانب عدة مرات، بالإمكان تكرار الأمر مرة أُخرى، وهكذا كان الحال مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، الذي صدر له قرار جمهوري خاص بحق امتلاك 163 فدانًا في محافظة الشرقية، ومعاملته المعاملة المقررة للمصريين في تطبيق أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بخصوص تملك الأراضي الصحراوية، ونُشر القرار في الجريدة الرسمية، في عددها 33، الصادر أول أمس الخميس.
اقرأ/ي أيضًا:
ليس من بينها الرئاسة.. 5 مناصب محتملة للسيسي لو لم تحدث ثورة يناير!