صخب كبير يصاحب الحراك السياسي الحالي حول سوريا سواء في أستانا أو ما سيأتي من مؤتمرات كالرياض 2، والدعوة الروسية لمؤتمر سوتشي لمناقشة مشروع دستور للبلاد، وكذلك من بعيد يطل جنيف، الذي اعتمد نواة للحل، برأسه خجولًا مهملًا مضافًا إلى كل هذه الثرثرة عصًا أمريكية تُرفع في وجه النظام وحلفائه من خلال تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة.
صخب كبير يصاحب الحراك السياسي الحالي حول سوريا سواء في أستانا أو ما سيأتي من مؤتمرات أخرى ولا يبدو أنها تصنع الحل السوري
من أستانا، يعلن رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما فلاديمير شامانوف أنه تم تنفيذ المهام الرئيسية للعملية العسكرية الروسية بسوريا حسب ما نقلته وكالة تاس الحكومية، ولمزيد من التفاؤل بأن ما يجري ليس فقط حرب، يروج أن هناك نتائج إنسانية وسياسية في عودة أكثر من مليون مواطن سوري إلى ديارهم منذ بداية العمليات العسكرية الروسية في سوريا في عام 2015، والسؤال ماذا عن بقية الملايين التي هربت؟ والآلاف الذين قتلوا في هذا الوقت؟
اقرأ/ي أيضًا: نفط سوريا النعمة.. النقمة
لروسيا أيضًا مشروعها في منتجع سوتشي، الذي أطلقت عليه مؤتمر الشعوب السورية ومن ثم عادت لتعديله لمؤتمر الشعب السوري، والذي سيخرج بدستور جديد يتوافق عليه جميع السوريين الذين ستتم دعوتهم من مختلف الأطياف، وهذا أيضاً يصب في خانة البوابات الجديدة المفتوحة على المجهول، وتجعل من التوافق الدولي في جنيف إحدى بوابات الحل وليست بوابته الوحيدة.
مصطلح الشعوب السورية، الذي تحدث عنه بوتين لم يكن مجرد هفوة لغوية أو سوء ترجمة ولكنها هدف سيتم العمل عليه في قادم الأيام
وسط هذه الحمى من الدعوات التي تطيل عمر الموت السوري فقط، وتجعل من الحل أبعد من المستحيل، يرى البعض أن مصطلح "الشعوب السورية"، الذي تحدث عنه الرئيس الروسي بوتين لم يكن مجرد هفوة لغوية أو سوء ترجمة، ولكنها هدف سيتم العمل عليه في قادم الأيام لرسم خارطة سورية متشظية تحكم وفق أجندات طائفية عرقية واضحة، فالأكراد شعب سوري، والمسيحيون شعب آخر، وكذلك المسلمون شعب أو أكثر، وهؤلاء جميعًا لهم رعاتهم وممولوهم من دول خارجية ستأخذ دور الوصي عليها لتكريس التقسيم والاستلاب.
اقرأ/ي أيضًا: فيزياء سياسية.. المعادلة التي دمرت سوريا
على الأرض هناك واقع مختلف عن كل هذه الثرثرة السياسية والصراعات الدولية في سوريا، والشعوب السورية مجتمعة تعاني من الفقر والحصار والتهميش والاستبداد، وثمة مئات الأطفال في غوطة دمشق ينتظرون دورهم في الموت جوعًا، وغلاء مستفحل بين من يسكنون مناطق النظام وتحت وصايته، وثروات منهوبة، وقواعد للدول المتصارعة، ورايات مختلفة وملونة ومؤقتة.. لكن على الأرض هناك شعب سوري واحد.
من أجل كل هذا على العالم الحر سواء أكان شرقيًا أم غريبًا، ومع أي طرف كان، أن يبحث عن الحل في سوريا ليس من بوابات الثرثرة والنهب والموت.. هوية واحدة ودون سلاح وتوافق سياسي يوصل السوريين إلى العدل والحرية وحده فقط يقود إلى النجاة.
اقرأ/ي أيضًا:
حصار مطبق على الغوطة الشرقية.. وأطفالها يموتون جوعاً
مناطق المعارضة السورية.. من أزمة الكهرباء إلى الأعباء الاقتصادية الجديدة