09-مايو-2016

صادق خان

لن يتغير شيء في لندن. لن تتحول إلى خلافة إسلامية، أو "درة تاج" بريطانيا بعد فوز صادق خان، المسلم، بمنصب عمدة لندن. أن يأتي حاكم جديد لأي ولاية أو دولة في العالم -ما عدا الشرق الأوسط- فهذا لا يعني أكثر من تغيير لوحة الاسم الموضوعة على مكتبه الجديد، بدلًا من "جون" اكتبوا صادق، وهذا كل ما في الأمر. 

أن يأتي حاكم جديد لأي ولاية أو دولة، فهذا لا يعني أكثر من تغيير لوحة الاسم الموضوعة على مكتبه الجديد

الذين تفاءلوا بفوز صادق ليسوا أقل سذاجة من أصحابهم، الذين تفاءلوا لأن باراك أوباما أصبح رئيس أمريكا، وهو عربي، وروَّجوا أنه أسلم، واسمه "حسين". تتغير الأسماء والأديان والولايات، وتظل القرارات واحدة، فلا أحد ساعد على خراب العرب أكثر من "حسين أوباما".

اقرأ/ي أيضًا: القنوات الجزائرية.. اليتيمة واللقيطات

هم، باراك وصديق وأمثالهم، لا يخدمون أديان، ولا تخرج الأديان -بالنسبة- لهم من سجادة الصلاة، أو الشمعة وصورة العذراء، وحدودها ليست حدود الدولة، إنما حدود المسجد أو الكنيسة أو المعبد.. وصباح الخير يا جاري، أنت في حالك وأنا في حالي.

فوز مسلم بمنصب في أوروبا لا يعني أن الإسلام انتصر، فالناس لا تتحدث باسم الدين، ولا تمثله إلا في البقعة السوداء "الشؤم" المسماة بالمنطقة العربية، وإن كان له معني فهو أنه لا اضطهاد ديني في لندن، لا دين ممنوع من دخول القصور، لا دين "مرفوض". اللعبة السياسية لا دين لها. 

صادق طرح اسمه، لم يفتش أحدهم تحت جلده، أو في نواياه، أو يسأل عن صلواته، درسوا برنامجه وتاريخه ومواقفه، ولم ينتخبوه لأنه مسلم (دينه آخر همهم) بل لأنه مواطن بريطاني صاحب رؤية وبرنامج. هم يبحثون عن رجل يحافظ على أمانهم، يتواجد بينهم، يدافع عن طموحاتهم ولا يسرقهم.. ولا يبحثون عن رجل يؤمهم في الصلاة.. فما معني أن تصلي مع رئيسك أو عمدة بلديتك صلاة واحدة؟

فوز مسلم بمنصب في أوروبا لا يعني أن الإسلام انتصر، فالناس لا تتحدث باسم الدين، ولا تمثله

اقرأ/ي أيضًا: غزة.. شرعية الدم التي لم تعد تجدي

بالنسبة إلى أي مواطن طبيعي، لا يعني أي شيء، فكلكم أمام الله سواء. بالنسبة إلى المصريين، فرح المسلمون لأن عمدة لندن مسلم رغم أنه لن يدافع عنهم، وفي أي قرار سيختار مصلحة مواطن لندني يعبد "جلدة الحنفية" -حق العقيدة مكفول للجميع!- ويجعلها فوق مصلحة أي مسلم عابر في العالم، أو حتى إذا كان مسلمًا بريطانيا. 

لماذا؟ لأنه لا يترشح لعمودية لندن لكي يدخل الجنة، إنما لكي يترشح لولاية جديدة وينجح مرة ثانية، ويتحول طريقه السياسي إلى جنينة مفروشة بالورود وليس الألغام والديناميت وأعلام داعش، فالرجل يريد مصلحته الشخصية، التي تفرض عليه أن يصطاد مصالح ناخبيه من فم الأسد، وناخبوه ليسوا مسلمين ولا يريدون من الإسلام شيئًا.. كل طموحهم أن يعيشوا بعيدًا عن خرابه وخرائبه وغربانه، ومدافع الجرينوف التي ارتبطت باسمه. 

في لبنان، رأى غير المسلمين نجاح صادق دليلًا على التسامح الذي يتمتع به غير المسلمين، أصدقائهم، والحقيقة أن الإخوة في بيروت، بلد العصبية والطائفية والدجل، يجب أن يخجلوا، ولا يلتفتوا إلى نجاحه في الانتخابات، فهم يخافون أن يحكمهم ابن طائفة أخرى، أو عائلة أخرى، وليس رجل من دين يعتبرهم "المغضوب عليهم والضالين". 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا انضم السوريون إلى داعش حقًا؟

ثعلبنا الشماليّ البهيّ