بدأت الصين في فتح شركاتها المالية لمزيد من الملكية الأجنبية. قد تبدو الفرصة مغرية. ولكن قد يكون على المشترين في العالم الغربي الحذر فمن المحتمل أن يكون في الأمر فخًا. خاصة مع تباطؤ الاقتصاد الصيني وهو ما يشير إلى أن القطاع يعرف ضغطًا ويحتاج للمساعدة. في هذا التقرير، المترجم عن الرابط التالي، نتبين خلفيات هذا الانفتاح.
فى 10 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أعلن نائب وزير المالية الصيني، تشو غوانغ ياو، تغييرات في القواعد التى تحِد من الملكية الأجنبية للشركات المالية الصينية. سيسمح للمستثمرين الأجانب الآن بالمشاركة بشكل أكبر في شركات الأوراق المالية الصينية، وشركات التأمين، وإدارة الأصول، وتجارة العقود الآجلة. وقد تتبعها البنوك قريبًا.
بدأت الصين في فتح شركاتها المالية لمزيد من الملكية الأجنبية. قد تبدو الفرصة مغرية. ولكن يروج الكثيرون أن في الأمر فخًا نظرًا لتعدد صعوبات البلد المالية
وهذا يبدو وكأنه تحرك نحو مزيد من الانفتاح لأكبر اقتصادٍ في العالم. إذا كان الأمر كذلك، فهو معاكس تمامًا للاتجاه الذي ظهر مؤخرًا في الصين لزيادة الحمائية والقومية الاقتصادية. لماذا ستفتح الصين نظامها المالي على الاستثمار الأجنبي في الوقت الذي تغلق فيه ببطء أسواقها الاستهلاكية؟ أشك أن هذا التحرك نحو الانفتاح والعولمة قد يكون مختلفًا عما يبدو عليه.
لا يزال النظام المالي للصين في حالةٍ هشة منذ عامين على الأقل. والسبب الجذري هو تباطؤ النمو الاقتصادي السريع للبلد.
اقرأ/ي أيضًا: تعرف إلى المعهد الأضخم في العالم.. الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية
لقد كان هذا تباطؤًا طبيعيًا ومتوقعًا، ونجم عن تناقُص العمالة الفائضة في المناطق الريفية، وشيخوخة السكان، وارتفاع تكاليف العمالة، وذروة إنتاج الفحم. ولكن حتى مع تباطؤ الاقتصاد، حافظت أسعار المساكن والأسهم على الارتفاع. ومع استمرار ارتفاع قيمة الأصول بینما تراجعت العوامل الأساسیة، کان من المتوقع إجراء تصحیح. لفترةٍ من الزمن. بدا وكأن هبوط سوق الأسهم في عام 2015 كان بداية انفجار أزمة ضخمة:
واضطرت الحكومة إلى بيع جزء كبير من احتياطيات النقد الأجنبي لدعم اليوان. وفي نهاية المطاف تمكنت من التضييق على هروب رؤوس الأموال. ولكن هناك شعور واضح بأن النظام المالي في الصين لا يزال يقف على أرضيةٍ هشة. ومن ناحيةٍ أخرى، ارتفع مستوى الدين الكلي للبلد كثيرًا.
قد يشير مقدار كبير من إجمالي الدين إلى هشاشةٍ مالية. عندما يدين الجميع بأموال للجميع، فإن صدمةً سلبيةً للاقتصاد -أو حتى مجرد ذُعر عفوي -قد يُربك أو يُزعِج النظام من خلال التسبب في تعثر الكثير من المقترضين في نفس الوقت. وعندما تلجأ الشركات المالية إلى الرفع المالي بدرجة كبيرة، فإنها تُسهل حدوث أزمة مصرفية أو أزمة سيولة مماثلة.
اقرأ/ي أيضًا: فهم الاستراتيجية الصينية عن طريق ثقافتها
ولا يزال نمو الصين يتباطأ، في حين لا تزال مستويات ديونها -وقيم الإسكان في ارتفاع. ويعتقد كثيرون أن سوق العقارات في مرحلة الأزمة. وقد تحمّل قطاع الأعمال في البلاد الكثير من الديون، وقد لا يكون قادرًا على سدادها إذا تباطأ النمو أكثر من ذلك.
ربما حذر محافظ بنك الشعب الصيني، تشو شياو تشوان، مؤخرًا من "لحظة مينسكي" في القطاع المالي للبلاد، وهي اللحظة التى يطلق عليها اسم الاقتصادي الأمريكي هيمان مينسكي، عندما يؤدي فرط الاقتراض إلى انهيار أسعار الأصول.
لم يلتفت العديد من المراقبين إلى تحذير تشو، فقد ادعى الكثير من الأشخاص أنهم يتوقعون حدوث "أزمات" في الصين في السنوات القليلة الماضية ولكنهم كانوا مخطئين. ولكن رئيس البنك المركزي يُثبت أقواله بالأفعال، وذلك بضخ مبالغ كبيرة من النقد في النظام المالي، وهو ليس شيئًا من المرجح أن تفعله الحكومة إلا إذا كانت تعتقد أنها بحاجة إليه.
احتمال حدوث أزمة مالية في الصين يلوح حقًا في الأفق هذه المرة وأفضل وسيلة لإنقاذ شركات التمويل هي بضخ المال الأجنبي
وبالتالي فإن احتمال حدوث أزمة مالية في الصين قد يلوح حقًا في الأفق هذه المرة. وإذا كان قادة البلاد يشعرون بالقلق إزاء انهيار وشيك، يبدو أن الشيء الذكي الذي يجب القيام به هو تنفيذ خطة إنقاذ وقائية. وأرخص وسيلة لإنقاذ شركات التمويل هي بضخ المال الأجنبي.
قد تكون رؤوس الأموال الغربية "مجرد أموال حمقاء" تحتاجها الشركات المالية المنهكة في الصين. مع ارتفاع أسعار الأسهم والعقارات وكل الأصول الأخرى في العالم الغني، يتوق المستثمرون في البلدان المتقدمة بشدة إلى بعض الأرباح. الصين، بسوقها الضخمة ونموها السريع، تُمثل دائمًا رهانًا مغريًا، والآن على وجه الخصوص، حيث يوجد عدد قليل من الخيارات الاستثمارية الجيدة.
ومن المؤكد أن اندفاع الاستثمارات الأجنبية إلى شركات التمويل الصينية سيساعدها في تأمينها ضد انفجار أي أزمة إسكانية أو أزمة سيولة أو موجة من إفلاس الشركات. وستظل الحكومة الصينية تقوم بالكثير من عمليات الإنقاذ، ولكن الآن البنوك الأجنبية سوف تساهم في حل المشكلة. وعلى غرار البنوك الأوروبية التي استثمرت في سندات الولايات المتحدة المدعومة بالإسكان قبل أزمة عام 2008، قد ينخدع المستثمرون الغربيون في الشراء في الصين.
لذلك، قبل إلقاء المال في شركات التمويل الصينية، يجب على المستثمرين الغربيين -وخاصةً المستثمرين المؤسسيين المهمين من الناحية النظامية- التفكير مليًا. لقد تمكن العالم المتقدم بالكاد من التعافي من آثار الأزمة العملاقة الخاصة به- ومن المؤكد أنه يجب أن يكون حذرًا من زيادة تعرضه للفقاعة الصينية.
اقرأ/ي أيضًا: