وفقًا لتقرير مختص حديث من المنتدى الاقتصادي العالمي، القدرة على حل المشاكل المعقدة، والتفكير النقدي، والإبداع هي المهارات المطلوبة في الثورة الصناعية الرابعة، ولتطوير هذه المهارات لدى أطفالنا، تتعدد المعتقدات، فما الأصح علميًا؟ في هذا التقرير، المترجم عن الرابط التالي، تفاصيل أكثر.
كل طفل يبدأ رحلته في الحياة بإمكانياتٍ لا تُصدَّق: يمتلك الطفل عقليةً إبداعيةً يدفعها الفضول إلى مواجهة العالم واستكشافه، عن طريق طرح الأسئلة، والرغبة في معرفة المزيد عن أنفسهم وعن العالم من خلال اللعب. ومع ذلك، غالبًا ما تتدهور هذه العقلية، أو حتى تُمحى عن طريق الممارسات التعليمية التقليدية عندما يلتحق الأطفال الصغار بالمدرسة.
تُمحى العقلية الإبداعية لدى الطفل، تدريجيًا، عن طريق الممارسات التعليمية التقليدية عندما يلتحق بالمدرسة
يُستشهد باختبار تورانس للتفكير الإبداعي غالبًا، حول الكيفية التي يتناقص بها التفكير التبايُني للأطفال بمرور الوقت، وهو عمليةٌ تفكيرية تُستخدَم لتوليد الأفكار الإبداعية من خلال استكشاف العديد من الحلول الممكنة. وُجِد أن 98٪ من الأطفال في سن الروضة هم "عباقرةٌ مبدعون"، إذ يمكنهم التفكير في طرق واحتمالاتٍ لا نهاية لها لكيفية استخدام مشبك الورق.
وتنخفض هذه القدرة بشكلٍ كبير مع التحاق الأطفال بنظام التعليم التقليدي، وعند بلوغ سن الخامسة والعشرين لا يتبقى سوى 3٪ من هؤلاء في صورة "عباقرة مبدعين". يستطيع معظمنا أن يفكر في استخدام واحد فقط، أو على الأكثر استخدامات قليلة لمشبك الورق.
أكثر ما يثير القلق فيما يتعلق بمسألة الثروة البشرية، هو أنه على مدى السنوات الـ 25 الماضية، أظهر اختبار تورانس للتفكير الإبداعي انخفاضًا في القدرة على الإبداع المتميز بين الأطفال الصغار (من سن الروضة حتى الصف الثالث).
بالمناسبة، هل كنت تعلم أنه يمكنك تجميع ست لبنات قياسية من لعبة الليغو بأكثر من 915 مليون طريقة؟ هنالك ثلاث نقاط مهمة لضمان تجربة تعليمية لطفلك تؤهله للمنافسة في وظائف المستقبل.
اقرأ/ي أيضًا: "المنتسيوري".. فلسفة تعليمية جديدة
1. التركيز الخاطئ
أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي، مؤخرًا، تقريره عن الثروة البشرية بعنوان "إعداد الناس لمستقبل العمل". ويشير التقرير إلى أن: "العديد من نظم التعليم في الوقت الحالي غير مرتبطةٍ على الإطلاق بالمهارات اللازمة للعمل في أسواق العمل الحديثة". وتطرق التقرير إلى كيفية تركيز المدارس في المقام الأول على تطوير مهارات الأطفال المعرفية -أو المهارات ضمن مواضيع أكثر تقليديةً- بدلًا من تعزيز مهارات مثل، حل المشكلات، والإبداع، والتعاون.
حسب تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي فإن نظم التعليم في الوقت الحالي غير مرتبطةٍ على الإطلاق بالمهارات اللازمة للعمل في أسواق العمل الحديثة
وينبغي أن يكون هذا مدعاة للقلق عند النظر إلى مجموعة المهارات المطلوبة في الثورة الصناعية الرابعة: والتي تتطلب القدرة على حل المشاكل المعقدة، والتفكير النقدي، والإبداع، ووفقًا لتقرير مستقبل الوظائف، تُعتبر تلك المهارات الثلاث، هي الأكثر أهميةً والتي يحتاجها الطفل لمساعدته في تحقيق النجاح والازدهار.
دعونا نتوقف لحظة للتأكيد على أن الإبداع قد ارتقى من المركز العاشر إلى المركز الثالث في خمس سنوات فقط. وأن الذكاء العاطفي، والمرونة المعرفية، وأثرها في اكتساب المفاهيم، أُدرجت أيضًا في قائمة المهارات لعام 2020.
ومما يبعث على القلق أن هذه المهارات غالبًا، ما لا تكون بارزة في اليوم الدراسي للأطفال، حيث لا تزال القاعدة هي نهج التدريس من خلال الأساليب التقليدية، التي تركز على السبورة والعرض من قِبل المعلم والتي قد سادت لعدة قرون، بدلًا من التركيز على أساليب أكثر إبداعًا أو غير تقليدية.
اقرأ/ي أيضًا: ما لا يسعك جهله عن التعليم المنزلي
2. لعب الأطفال
قارنت دراسةٌ أجريت في نيوزلندا، الأطفال الذين تعلموا القراءة في سن الخامسة مع أولئك الذين تعلموها في سن السابعة. أظهرت كلتا المجموعتين من الأطفال نفس القدرة على القراءة، عندما كانوا في عمر الحادية عشرة. ولكن الأطفال الذين تعلموا كيفية القراءة في سن السابعة أظهروا بالفعل مستوى أعلى في الفهم.
أحد التفسيرات لذلك هو أنهم كانوا يقضون المزيد من الوقت لاستكشاف العالم من حولهم من خلال اللعب. ومن الواضح أن إعداد الأطفال للمستقبل يتطلب إعادة تركيز مفاهيم التعلُم والتعليم.
ومعرفة كيفية القراءة، والكتابة، والقيام بالعمليات الحسابية، لا تزال مهمة للأطفال لإطلاق العنان لإمكانيات العالم أمام أعينهم. إن عالمًا مترابطًا وفعالًا بشكلٍ متزايد، يعني أن الأطفال سيجدون أنفسهم يغيرون وظائفهم عدة مرات خلال حياتهم - والتحول إلى وظائف غير موجودة اليوم، والتي قد تضطرهم إلى إعادة تشكيل أنفسهم.
ويبقى السؤال هو، كيف يمكننا تعزيز استخدام المهارات المذكورة سابقًا على نطاقٍ واسع، والحفاظ على قدرة الأطفال الطبيعية على التعلم طوال حياتهم -بدلًا من تدهورها عند التحاقهم بالتعليم التقليدي؟. تحقيق هذا هو أبسط مما قد تعتقد: عن طريق إشراك الأطفال في تجارب إيجابية، وممتعة.
تُقدم الأنماط المختلفة من اللعب، الفرصة للأطفال لتطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية والجسدية والإبداعية بالإضافة إلى المهارات المعرفية.
القدرة على حل المشاكل المعقدة، والتفكير النقدي، والإبداع هي المهارات المطلوبة في الثورة الصناعية الرابعة، وفقًا لتقرير مختص حديث
3. اللعب مدى الحياة
إذا اتفقنا على الحاجة الملحة لتطوير مهارات حل المشاكل المعقدة والتفكير النقدي والإبداع، فمن الضروري أن ندرك أن هذه المهارات يتم بناؤها وتطويرها عن طريق التعلم من خلال اللعب على مدى الحياة.
ونحن نستثمر في مستقبل أطفالنا، دعونا نتأكد من حمايتهم من طرق التعليم الموجه، (التعليم المدرسي) أو الإصرار على تعليم الأطفال الذين تبلغ أعمارهم ثلاث سنوات، الأحرف الأبجدية والأرقام عن طريق الكتابة بينما لا يُوجَد دليل على أن ذلك سيعزز قدرتهم على القراءة بصورةٍ أفضل.
نحن بحاجةٍ إلى تحدي أنفسنا للتغلُب على منطق التعلُم، الذي يستند على البطاقات التعليمية والواجبات المنزلية لأطفالنا الصغار في المنزل، وإدراك أهمية الاستمرار في خلق لحظاتٍ من اللعب الممتع والهادف مع أطفالنا.
قد تكون القدرة الطبيعية للأطفال على التعلم من خلال اللعب، هي السر الدفين، والأقل تكلفةً من أجل تلبية الحاجة إلى تطوير المهارات بالإضافة إلى إمداد أطفالنا واقتصاداتنا بالقدرة على تحقيق النجاح والازدهار. بالإضافة إلى أن اللعب ممتع. إذًا، ما الذي يمنعنا؟ هيّا بنا نلعب!.
اقرأ/ي أيضًا:
4 مواقع تساعدك على تعلّم لغات جديدة
كيف تقوي الذاكرة والتركيز عند الأطفال؟