28-سبتمبر-2024
قادة الحزب

صورة أرشيفية للبنانيين يشاهدون كلمة متلفزة لأمين عام "حزب الله" حسن نصر الله (رويترز)

يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة منذ، الإثنين الماضي، استهدفت كامل الحدود اللبنانية، بما في ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت، التي تشهد تصعيدًا غير مسبوق، كان أعنفها، أمس الجمعة، عندما شنت مقاتلات سلسلة غارات جوية استهدفت مبنى في الضاحية الجنوبية، قال جيش الاحتلال إن الهدف منه اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله.

وأعلن جيش الاحتلال رسميًا، اليوم السبت، اغتيال، نصر الله، إلى جانب قادة آخرين من الصف الأول، من بينهم قائد الجبهة الجنوبية لـ"حزب الله"، علي كركي، في سلسلة الغارات التي ضربت الضاحية الجنوبية، أمس الجمعة، مشيرًا إلى أن الغارة استهدفت "المقر المركزي لحزب الله الواقع تحت الأرض أسفل مبنى سكني في منطقة الضاحية الجنوبية"، وبعد ساعات أكد "حزب الله" اغتيال نصر الله في الغارة الجوية.

عمليات الاغتيال لم تكن بهذه السرعة

تقول صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية، إن الجيش الإسرائيلي استبق الغارات التي استهدفت الضاحية الجنوبية، أمس الجمعة، بـ"سلسلة من الضربات الاستباقية الدقيقة، بهدف شل القيادة العسكرية لحزب الله، وإضعاف صفوفه، وتقويض قدراته على التواصل الفعال، وزرع الخوف بين عناصره"، مشيرة إلى أن الاستهداف الأول لقادة "حزب الله"، كان في نهاية تموز/يوليو الماضي، عندما اغتالت القيادي العسكري البارز في الحزب، فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية.

على مدار تاريخه الممتد لأربعة عقود استطاع "حزب الله" الصمود أمام سلسلة من عمليات اغتيال قياداته العليا

وتشير الصحيفة البريطانية إلى تفجيرات أجهزة النداء والاتصال اللاسلكية لفت اهتمام العالم قبل نحو أسبوعين إلى لبنان، وتضيف بأن هذه "العملية كانت جزءًا من استراتيجية إسرائيلية أكبر، شرعت فيها القوات الإسرائيلية بالفعل في حملة اغتيالات واسعة استهدفت رأس الحزب، وأكبر عدد ممكن من قياداته العليا".

وبحسب "ذا تلغراف"،  الضربة الأكثر تدميرًا لـ"حزب الله" كانت باستهداف قائد "قوة الرضوان"، قبل أسبوع، ما أسفر عن اغتيال 16 مقاتلًا من وحدة النخبة، بينهم قياديان، لكن الضربة الأكثر أهمية، كما تقول الصحيفة ذاتها، كانت باغتيال، نصر الله، أمس الجمعة، في الغارة الجوية التي استهدفت الضاحية الجنوبية.

وعلى مدار تاريخه الممتد لأربعة عقود استطاع "حزب الله" الصمود أمام سلسلة من عمليات اغتيال قياداته العليا، كان من بينهم، الأمين العام السابق للحزب، عباس الموسوي، الذي اغتالته إسرائيل باستهداف موكبه في جنوب لبنان عام 1992، لكن عمليات الاغتيال لم تكن لتأتي بهذه السرعة سابقًا، وفقًا لـ"ذا تلغراف".

وترى الباحثة في مؤسسة "تشاتام هاوس" الفكرية، لينا خطيب، في حديثها لـ"ذا تلغراف"، أن "حزب الله لن يتمكن من التعافي من هذه الخسارة التاريخية. قد لا نرى آثار ذلك فورًا، لكن على المدى الطويل، أعتقد أن الضرر الذي لحق بالحزب سيكون غير قابل للإصلاح".

بحسب حديث الخطيب لـ"ذا تلغراف"، فإن "عددًا كبيرًا من القادة الذين يلعبون أدوارًا مهمة ما زالوا أحياء، في حين سيساعد الحرس الثوري الإيراني، الذي يشكل جزءًا من سلسلة القيادة في حزب الله، في تجديد الإمدادات القادة العسكريين"، وتضيف "على الرغم من أن حزب الله ليس على وشك الانهيار حاليًا، أعتقد أنه يواجه أكبر تحد في تاريخه".

"حزب الله تعرض لاختراق كبير"

يُعرف كبار القادة العسكريين داخل "حزب الله" بـ"الأشباح التي لا يمكن تعقبها" لشدة سريتهم، ومع ذلك يبدو أن "إسرائيل" تعرف بالضبط متى وأين يجتمعون وكيف تستهدفهم متى شاءت، حيثُ إنه من الواضح أنها استطاعت اختراق "حزب الله" أمنيًا، وفقا للصحيفة ذاتها.

وبحسب "ذا تلغراف"، يعتقد الخبير في شؤون "حزب الله" بالجامعة الأميركية في بيروت، هلال خشان، أن الجماعة "قد تعرضت لاختراق كبير"، ويضيف أن "المسألة ليست مجرد اختراق من قبل إسرائيل، بل هي مسألة تغلغل عميق".

وتعلق على ذلك الصحيفة بالقول، إن "حزب الله" الذي كان منظمة صغيرة ومتماسكة، توسّع بسرعة خلال العقد الماضي، بعد أن قدم الدعم العسكري لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، بإرسال مقاتليه إلى سوريا، مما جعله عرضة للتجسس.

يقول خشان لـ"ذا تلغراف"، إنه "كلما كبر حجم الجماعة، كلما زاد تعرضها للاختراق"، مشيرًا إلى دور الأزمة المالية العميقة في لبنان، والتي  فتحت الباب أمام الإغراءات المالية داخل "حزب الله"، موضحًا "أصبح الفقر في لبنان أرضًا خصبة للجواسيس للعمل لصالح إسرائيل".

وقال الصحفي المقرب من "حزب الله"، قاسم القصير، لـ"ذا تلغراف"، أن "إسرائيل تسعى إلى استفزاز إيران وحزب الله للتصعيد بما يسمح لها بطلب التدخل الأميركي. وحزب الله لا يرغب في الوقوع في هذا الفخ"، فيما يشكك الخبراء بالحجج التي ترجح أن "حزب الله لم يعد قادرًا على التصعيد حتى لو كان يرغب بذلك".