العملات الرقمية أصبحت ذات شعبية كبيرة في الآونة الأخيرة، بحيث ازداد استخدامها وتداولها والاستثمار فيها، وهي عبارة عن عملات تعتمد على التشفير؛ وهي تقنية لجعل البيانات غير قابلة للقراءة، الأمر الذي يجعل من المستحيل تزويرها، كما أنها عملات تعتمد على نظام لامركزي بحيث لا سلطة عليها ولا طرف ثالث يتحكم بتداولها بين المرسل والمستقبل، كما يمكن من خلالها تحقيق أرباح كبيرة خلال فترة قصيرة نظرًا لتقلب أسعارها السريع، الأمر الذي جعلها مصدر جذب لعدد كبير من المستثمرين، لكن ما هي أول عملة رقمية استخدمت على الإنترنت؟ هذا ما سنجيب عليه في مقالنا هذا.
أول عملة رقمية في التاريخ كانت عملة (eCash) التي أنشأتها شركة (Digicash) عام 1989
أول عملة رقمية تستعمل على الإنترنت
بالرغم من أن الشائع أن عملة بيتكوين (Bitcoin) هي أول عملة رقمية تستعمل على الإنترنت، إلا أن مفهوم العملات الرقمية كان موجودًا قبل ذلك بنحو 40 عامًا، إلا أن الفكرة أصبحت حقيقة واقعة لأول مرة في عام 2009م من خلال إنشاء عملة البيتكوين، والتي حازت على اهتمام الكثير من المستثمرين وأصبحت في الوقت الحاضر واحدة من أكثر الموضوعات المالية العالمية إثارة للجدل.
أما عن أول عملة رقمية في التاريخ فكانت عملة (eCash) التي أنشأتها شركة (Digicash) وهي شركة أسسها عالم التشفير الأمريكي ديفيد تشوم، والذي نشر في عام 1983م مفهومًا للنقود الإلكترونية المشفرة، إلا أن رؤيته لتلك النقود ظهرت على أرض الواقع في عام 1989م من خلال عملة (eCash)، إلا أنه فشل في جذب عدد كافٍ من المستخدمين لها، فقام بحل شركته في عام 1998م، إلا أن تلك الفكرة كانت البداية لإنشاء عملة البيتكوين.
أصبحت عملة البيتكوين في أوائل عام 2009م متاحة للجميع لأول مرة
تاريخ نشأة وتطور البيتكوين
فيما يأتي نبذة تاريخية عن نشأة وتطور البيتكوين:
-
ما قبل البيتكوين
كان هناك العديد من العملات قبل إنشاء عملة البيتكوين، إلا أن أي منها لم ينجح في جذب انتباه المتداولين والمستثمرين أو ترسيخ وجوده في الأسواق المالية، ومن أبرز الأمثلة على تلك العملات؛ عملة B-Money وعملة Bit Gold.
-
عام 2008م: ساتوشي والبيتكوين
في أغسطس من عام 2008م، تم تسجيل نطاق الإنترنت (bitcoin.org)، وهو الصفحة الرئيسية لعملة البيتكوين الأكثر استخدامًا في العالم في الوقت الحاضر، وفي 31 أكتوبر من نفس العام، نشر أحد الأشخاص أو المنظمات تحت اسم ساتوشي ناكاموتو، ورقة علمية حول البيتكوين، عرفت باسم الورقة البيضاء لساتوشي، والتي وضحت مفهوم نظام البلوكشين المؤمن بتقنية التشفير، ووصفت فيها عملة البيتكوين كمورد رقمي مفتوح المصدر؛ أي لا أحد يمتلكه، ويمكن للجميع استخدامه وتطويره.
-
عام 2009م: بدء تعدين البيتكوين
أصبحت عملة البيتكوين في أوائل عام 2009م متاحة للجميع لأول مرة، إذ قام ساتوشي ناكاموتو بتعدين أول عملة منها، وفي الوقت ذاته أطلق مفهوم تعدين العملات الرقمية، وقد شارك في ذلك فريق صغير فقط من المبرمجين والأشخاص الذين لديهم توقعات إيجابية تجاه تطور تلك العملة وانتشارها.
-
عام 2010م: بدء استخدام البيتكوين
بدأت معاملات البيع والشراء باستخدام البيتكوين في عام 2010م، إذ اشترى المطور البرمجي جيفن عملة بيتكوين بمبلغ مقداره 50 دولارًا وأنشأ موقعًا إلكترونيًا عرف باسم (Bitcoin Faucet)، إذ تبرع فيه بالبيتكوين من أجل المتعة، بينما اشترى أحد مطوري البرمجيات قطعتين من البيتزا مقابل 10,000 بيتكوين في ذلك الوقت، وقد كانت تلك المعاملات من أوائل المعاملات التي استخدمت فيها عملة البيتكوين.
وفي ديسمبر من عام 2010م، نشر ساتوشي ناكاموتو آخر رسالة له في المنتدى الشهير عبر الإنترنت المسمى bitcointalk، وقد كتب فيها بعض التفاصيل البسيطة حول أحدث إصدار من البرنامج، وبعد ذلك، ظل على اتصال ببعض المبرمجين عبر البريد الإلكتروني، لكنه اختفى بعد أبريل من عام 2011م.
تجاوز سعر عملة البيتكوين في يناير من عام 2013م الـ1000 دولار لأول مرة
-
عام 2011م: ظهور العملات الرقمية الجديدة
في ظل نجاح عملة البيتكوين، بدأت فكرة العملات الرقمية تتطور وتكتسب شعبية أكبر بين أوساط المبرمجين ومطوري الويب، ونتيجة لذلك، فقد بدأت أولى العملات الرقمية البديلة في الظهور، والتي كانت بدائل لعملة البيتكوين، لذلك أطلق عليها آنذاك اسم العملات البديلة، وتتميز تلك العملات عن البيتكوين بالسرعة الأكبر في التداول، وتحسين إخفاء الهوية وغيرها، وقد كانت عملة لايت كوين من بين أولى العملات البديلة.
-
عام 2013م: تقلب أسعار البيتكوين
تجاوز سعر عملة البيتكوين في يناير من عام 2013م الـ1000 دولار لأول مرة، وقد كان هذا الارتفاع مميزًا في تلك الفترة، وبعد ذلك بقي السعر راكدًا لمدة عامين تقريبًا قبل أن يتمكن من الوصول إلى 1000 دولار مرة أخرى، وتجدر الإشارة إلى أن المتداولين الأوائل للعملة عانوا من خسائر مالية كبيرة خلال فترة استقرار سعر البيتكوين، الأمر الذي سبب تأثيرًا سلبيًا على تلك العملة، وقد كان هناك الكثير من التغطية الإخبارية حول تقلب أسعار تلك العملة في ذلك الوقت، ومن خلالها تعرف الناس أكثر على العملات الرقمية.
-
عام 2014م: سرقة البيتكوين
كان موقع الويب Mt.Gox أكبر بورصة للعملات الرقمية في السوق، وفي يناير من عام 2014م، تم اختراق هذا الموقع، وتمكن المخترقون من سرقة ما يقارب 850 ألف عملة بيتكوين، وحتى ذلك الوقت لم يعرف المسؤول عن أكبر سرقة في تاريخ العملات الرقمية، وذلك بسبب أن العملات الرقمية تعتمد على عدم الكشف عن هويتها كما أنها تعتمد على النظام اللامركزي للعملة، بحيث لا يوجد جهة مسؤولة عنه، لذا فليس من المستغرب أن تتعرض للسرقة ومن الصعب تعقب السارقين لها.
-
عام 2015م: ازدهار العملات البديلة للبيتكوين
في عام 2015م أطلق مشروع عملة الإيثريوم، والتي أطلقت ما يعرف بالعقود الذكية التي مكنت المستخدمين من خلالها من تطوير تطبيقات معقدة ومفيدة في مجال التمويل والمجالات الأخرى، عبر السماح للبلوكشين باستضافة برامج وأموال التشفير، كما كانت الإيثريوم فكرة رائدة في استضافة عملات متعددة أخرى.
-
عام 2017م: ارتفاع ملحوظ لسعر البيتكوين
وصلت قيمة عملة البيتكوين في عام 2017م إلى حوالي 20,000 دولار، كما زادت عدد منصات التداول والبورصات المتاحة للمستخدمين تدريجيًا، مما جعل شراء وبيع العملات الرقمية أسهل بكثير مما مضى، مما أدى إلى تحقيق نمو سريع في سوق العملات الرقمية وتحقيق أرباح ضخمة، إذ تجاوز إجمالي القيمة السوقية للعملات المشفرة ما يقارب 800 مليار دولار بداية عام 2018م.
-
عام 2018م: انخفاض أسعار البيتكوين
كان نمو سوق العملات الرقمية غير مستدام، إذ بدأت الأسعار بالانخفاض بالتدريج، وانهارت العديد من المشاريع الخاصة بالعملات الرقمية لأنها كانت غير مدروسة.
-
عام 2019م إلى الوقت الحاضر: الوعي بالعملات الرقمية
بعد انهيار أسعار العملات الرقمية وعملة البيتكوين بالتحديد في عام 2018م، ازداد الوعي بكيفية تداول العملات الرقمية والاستثمار فيها، إذ يقوم المستثمرون في الوقت الحاضر بتحليل خطط الأعمال الخاصة بشركات التشفير بدلًا من مجرد الاستثمار في العملات الرقمية الجديدة، وقد اجتاحت مشاريع العملات الرقمية الكثير من المجالات في الوقت الحاضر بما فيها؛ ألعاب الفيديو، والرياضة، والتمويل وغيرها، كما أصبح خبراء العملات الرقمية قادرين على إيجاد طرق جديدة لتقديم منتجات وخدمات جديدة لا يمكن أن توجد دون وجود العملات الرقمية والبلوكشين.
وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أن العملات الرقمية أصبحت تلعب دورًا رئيسيًا في توفير الاستقلال المالي والأرباح للعديد من الأشخاص في العالم، كما وتمثل عملة البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية مستقبلًا ماليًا مزهرًا، إذ من المتوقع أن يتغير النظام المالي العالمي بشكل جذري مع تطور هذا النوع من العملات خاصة مع وجود ما يقارب 2 مليار مستهلك محتمل في جميع أنحاء العالم لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات المصرفية، وبالتالي ستكون العملات الرقمية وسيلة لهم للمشاركة في القطاع المالي في العالم.