شهد الأردن مؤخرًا افتتاح متحف البترا الجديد، وذلك بعد خمس سنوات من أعمال الإنشاء، حيث شُيّد المتحف الجديد بالقرب من مدخل المدينة الأثرية، بمنحة تفوق قيمتها سبع ملايين دولار من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي.
متحف البترا الجديد في الأردن يقع على مساحة 1800 متربع مربع وفيه 300 قطعة أثرية على الأقل
ويضم المتحف الجديد، الذي يعدّ الأبرز في الأردن، الاكتشافات الأثرية من عاصمة الأنباط التي يعود تاريخها إلى ألفي عام، والتي تم العثور عليها في المدينة نفسها، ونقلت إلى متاحف غير ملائمة وبعيدة عن الزوار والسياح.
إعادة إحياء السياحة في البتراء
أما الموقع الجديد لمتحف البترا، المصمم من قبل شركة معمارية يابانية، فيقع على مساحة 1800 متر مربع، من صالات العرض المكيفة والتي تقدم حوالي 300 قطعة أثرية تعود إلى بدايات العصر الحجري تم اكتشافها في مدينة البترا والمناطق المجاورة لها، وستزداد أعداد المعروضات الأثرية عند استعادة القطع المعارة إلى معرض "العالم بين الإمبراطوريات" في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك الأمريكية.
وتشتهر مدينة البترا بواجهات مقابرها المنحوتة في منحدرات الحجر الرملي. وشهدت هذه المدينة الأثرية بعض التعافي كوجهة سياحية مهمة في البلاد، وذلك بعد تراجعها بشكل حادّ في السنوات الماضية، حيث تعدّ البتراء الأردنية من أهمّ الوجهات التي تعتني بها الجهات المعنية بتطوير السياحة في الأردن.
متحف للجميع
ومع افتتاح هذا متحف البترا الفريد، فإن تراث البتراء الغني أصبح الآن في متناول زوار المدينة وساكنيها المحليين في منطقة وادي موسى والمدن المجاورة.
هذا وأنشئ المتحف بحيث يتمكن ذوو الاحتياجات الحركية الخاصة من الوصول إليه والتجول فيه. كما يوفر المتحف مساحة عامة ومتنفسًا لسكان المدينة، فقد تم تصميمه ليكون مناسبًا للجميع، وليس للسياح الأجانب فقط.
وكان لليابان دور رئيسي في إنجاز أعمال بناء المتحف، عبر الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا). وشارك المختصون الأردنيون بشكل فاعل في اختيار المعروضات وتوفيرها، وإعداد المواد العلمية الشارحة للزوار، إضافة إلى مساهمة المصممين الأردنيين في أعمال التصميم الداخلية للمتحف، وإعداد الفيديوهات التعليمية، وذلك عبر 22 شاشة تفاعلية تسرد إرث المدينة الوردية وتاريخها الثريّ.
وهكذا كان العنصر المحليّ حاضرًا بشكل واضح في متحف البترا، بخلاف ما كان سائدًا في مشاريع سابقة في البلاد، حيث يكون الاعتماد بشكل شبه حصري على المؤسسات الأجنبية، حيث تدير متحف البترا سلطة إقليم البترا التنموي السياحي بالتنسيق مع دائرة الآثار العامة الأردنية.
صالات عرض التاريخ
وتهتم صالات العرض في المتحف بشكل واضح باستكشاف النظم الهندسية المعقدة التي قامت في المدينة، لتوفير المياه في هذه المنطقة الصحراوية النائية، وذلك في قاعة دائرية تشتمل على 20 معروضة من المنحوتات الحجرية وإسقاط ضوئي على أرضية القاعة لتعقب تاريخ الأنباط وإبراز أنشطتهم في المدينة.
كان العنصر المحلي حاضرًا بشكل واضح في إنشاء المتحف، بخلاف ما كان سائدًا في مشاريع سابقة اعتُمد فيها على المؤسسات الأجنبية حصريًا
كما تسلط القاعات الأخرى لمتحف البترا الضوء على فلسفة الحياة والموت لدى الأنباط القدماء، ولاسيما فيما تم اكتشافه في الخزنة والأرضيات الفسيفسائية العديدة، والطبيعة الكوزموبوليتانية للمدينة بفضل وقوعها على خط تجاري مهم واتصاله بالعالم القديم. كما يشتمل المتحف على حوالي 50 قطعة أثرية تعرض للعامة لأول مرة، مثلها تمثال أفروديت، آلهة الحب عند الرومان، الذي تم اكتشافه في العام 2016 في منطقة الحمامات في مدينة جرش شمال الأردن.