في الوقت الذي تشهد فيه بعض دول العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، نقاشات حادة حول الحق في الإجهاض؛ تبنّى مجلس الشيوخ الفرنسي، أمس الأربعاء، مشروع قانون لتكريس حق المرأة في الإجهاض بوصفه حقًا دستوريًا.
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد أعلن في اليوم العالمي للمرأة تقديم مشروع قانون لإدراج حق النساء في الإجهاض ضمن الدستور الفرنسي، وذلك في إطار المراجعة الشاملة للدستور الفرنسي التي وعد بإجرائها العام الفائت.
وتبنّى مجلس الشيوخ مشروع القانون بأغلبية 267 صوتًا مقابل 50 صوتًا لصالح "الحق في الإنهاء الطوعي للحمل" دون أن يُدرج في نص الدستور. ولم تخلُ الجلسة من التوتر بسبب موقف بعض الأعضاء من اليمين والوسط.
يكرّس مشروع القانون الحق في الإجهاض عبر تضمنيه في الدستور الفرنسي الذي يعتزم ماكرون مراجعته
ويأتي قرار مجلس الشيوخ بعد أن تبنّى مجلس النواب الفرنسي، الجمعية الوطنية، الاقتراح بأغلبية ساحقة في نهاية كانون الثاني/يناير الفائت. ومن المقرّر أن يُعرض الإجراء على البرلمان الذي سيجتمع في فرساي، الإثنين المقبل، لاعتماده.
وعقب التصويت، قال ماكرون إن حكومته ملتزمة: "بجعل حق المرأة في الإجهاض لا رجعة فيه من خلال تكريسه في الدستور". وأضاف، في منشور على منصة "إكس"، أنه سيعقد جلسة مشتركة للبرلمان من أجل التصويت النهائي يوم الإثنين المقبل.
واعتبر وزير العدل الفرنسي، دوبوند موريتي، أن: "هذا التصويت تاريخي". وأكمل قائلًا: "لقد كتب مجلس الشيوخ صفحة جديدة في مجال حقوق المرأة".
وتسعى حكومة ماكرون إلى تعديل المادة 34 من الدستور لتنص على أن: "القانون يحدد الشروط التي تمارس بها المرأة حرية اللجوء إلى الإجهاض، وهي مكفولة".
ولم يعارض أي من الأحزاب السياسية الرئيسية الفرنسية الممثلة في البرلمان الحق في الإجهاض، والذي جرى إلغاء تجريمه في فرنسا عام 1975. وفي ظل اعتماد البرلمان والشيوخ لمشروع القانون، فإنه من المتوقع أن تكون الجلسة المشتركة الإثنين في قصر فرساي، شكلية إلى حد كبير.
وقالت الحكومة الفرنسية في مقدمتها لمشروع القانون إن الحق في الإجهاض مهدد في الولايات المتحدة، حيث ألغت المحكمة العليا في عام 2022 حكمًا عمره 50 عامًا كان يضمنه.
وجاء في مقدمة التشريع الفرنسي: "لسوء الحظ، هذا الحدث ليس معزولًا: في العديد من البلدان، حتى في أوروبا، هناك تيارات رأي تسعى إلى إعاقة حرية المرأة في إنهاء حملها بأي ثمن إذا رغبت في ذلك".
وشهدت بولندا، خلال العام الفائت، احتجاجات واسعة ضد قانون الإجهاض الذي يحظر، بشكل شبه كامل، عمليات الإجهاض إلا في حالات استثنائية مثل الاغتصاب أو سفاح الأقارب أو بهدف حماية حياة الأم.
وفي حزيران/يونيو من العام الفائت، ألغت المحكمة الأمريكية العليا الحق الدستوري للمرأة في الإجهاض بإلغائها حكمًا جعله قانونيًا صدر عام 1973، قبل 50 عامًا.