16-نوفمبر-2024
غزة

الطفل إسلام النبيل عمره 3 أعوام ويعاني من سرطان الدم في أحد مستشفيات غزة (الترا فلسطين)

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، يعاني مرضى السرطان في القطاع من أزمة صحية خانقة تتفاقم يومًا بعد يوم. فقد أصبحوا في مواجهة حرب مزدوجة؛ حرب ضد المرض، وحرب أخرى ضد نقص العلاج والظروف القاسية التي فرضها العدوان.

 وباتت معاناتهم أكثر تعقيدًا بسبب نقص الأدوية، وتدمير المنشآت الطبية، وانقطاع التحويلات الطبية إلى الخارج، إلى جانب الأضرار الجسيمة التي خلّفها الاحتلال، وفقًا لتقرير نشره موقع "ألترا فلسطين".

التحديات التي يواجهها مرضى السرطان

يُظهر العديد من المرضى في التقرير قصصًا مأساوية تُحاكي معاناتهم اليومية في القطاع. على سبيل المثال، يروي عبد الحق المحلاوي (70 عامًا) معاناته مع سرطان الرئة الذي اكتشفه قبل بدء العدوان. حالته الصحية ازدادت سوءًا بسبب تدمير المستشفيات، مما جعل العلاج بالكيميائي شبه مستحيل. ومع انقطاع العلاج والغذاء الجيد، أُصيب المحلاوي بزيادة في السوائل داخل جسده وأصبح غير قادر على الحركة بشكل طبيعي.

أصبح مرضى السرطان في غزة في مواجهة حرب مزدوجة؛ حرب ضد المرض، وحرب أخرى ضد نقص العلاج والظروف القاسية التي فرضها العدوان.

وكتجسيد حقيقي لمعاناة مرضى السرطان في غزة، تأتي قصة الطفل، إسلام النبيل، كواحدة من أكثر القصص إيلامًا، فالطفل صاحب الثلاثة أعوام بحاجة ماسة للسفر من أجل العلاج، حيث اكتشف قبل أربعة أشهر إصابته بسرطان الدم بشكل مفاجئ، وأطلقت عائلته مناشدات للسماح لطفلها للسفر من أجل العلاج.

يكابد إسلام ما يكابده من آلام المرض، لكنه يعاني أيضًا من سوء في التغذية، ويمضي غالبية وقته على سرير المستشفى بلا تفاعل ودون كلام، ودرجة حرارته غير منتظمة، بالإضافة لانتفاخات في جسمه وقروح بسبب المرض، عدا عن معاناته من مشاكل في الكبد والطحال، كما أن مناعته ضعيفة، ويستقبل أي عدوى ممرضة.

بالإضافة إلى المحلاوي والطفل إسلام، هناك إيمان أبو زعيتر، الشابة التي تعاني من سرطان الرئة، وقد تفاقمت حالتها الصحية نتيجة الغازات السامة المتفجرة التي يستخدمها الاحتلال، والتي تسببت في صعوبة بالتنفس وزيادة الأعراض. كما توضح إيمان أن المستشفيات في غزة أصبحت غير قادرة على تقديم الرعاية المطلوبة، وقد أغلقت العديد من المنشآت الطبية بعد تعرضها للقصف من قوات الاحتلال.

المعاناة في العلاج والمرافق الطبية

تواجه غزة نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج مرضى السرطان، ما يعرقل تقديم العلاج المناسب لهم. وقد ذكر عوض الهلول، استشاري الأورام في وزارة الصحة بغزة، أن 60% من التحويلات الطبية قبل العدوان كانت مخصصة لمرضى السرطان، لكن بعد إغلاق المعابر واستمرار العدوان من الاحتلال، أصبح من المستحيل الحصول على العلاج اللازم. وتسبب هذا في تفشي المرض وزيادة الوفيات بين المرضى، نتيجة عدم توفر الأدوية والمعدات الطبية الحديثة.

كما أفاد الهلول بأن البيئة الملوثة في غزة تُسهم في انتشار السرطان بين السكان، خصوصًا النساء. إضافة إلى ذلك، أشار إلى أن العديد من المرضى لا يتمكنون من الوصول إلى المستشفيات، بسبب تدمير الطرقات والمرافق الصحية في القطاع، الأمر الذي يزيد من الأعباء على المرضى وأسرهم.

الظروف الاجتماعية والاقتصادية

تزداد معاناة مرضى السرطان في غزة نتيجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة. فلا يستطيع المرضى الحصول على الغذاء الكافي أو المياه النظيفة، مما يؤدي إلى تدهور صحتهم بشكل أسرع. زوجة المحلاوي، هدى، ذكرت أنها تقضي أيامها في البحث عن الطعام في الأسواق، حيث الأسعار باهظة للغاية. في وقتٍ يعاني فيه الكثير من المرضى من نقص في المناعة بسبب سوء التغذية.

الحالة النفسية للمرضى

تضاف معاناة العدوان إلى معاناة المرض، ليعيش المرضى في غزة تحت ضغط نفسي هائل. فقد أصبحوا يواجهون الخوف من الموت نتيجة تفشي المرض والعدوان. إيمان أبو زعيتر، على سبيل المثال، تقول إنها تشعر بالخوف الدائم من فقدان أفراد عائلتها بسبب الظروف المحيطة، كما أن غياب الدعم النفسي والتوجهات الإنسانية من قبل المنظمات الدولية يزيد من صعوبة الوضع.

الاستجابة الدولية وغياب الدعم

في هذا السياق، انتقدت هدى المحلاوي المواقف الدولية، حيث طالبت المنظمات الإنسانية والمؤسسات الدولية بمساعدة مرضى غزة. وقالت: "أين أنتم من حقوق مرضى غزة؟ لقد أعنتم الاحتلال على المرضى يا دعاة الإنسانية".

يعيش مرضى السرطان في غزة تجربة مريرة تتفاقم يومًا بعد يوم بفعل حملة الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع. في ظل انعدام الأدوية، وتدمير المستشفيات، وضيق الإمكانيات، يواجه المرضى تحديات هائلة في محاربة المرض الذي لا يرحم. إن غياب الدعم النفسي والعلاج الطبي العاجل يفاقم من معاناتهم، ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية كبيرة لرفع الحصار عن القطاع وتقديم المساعدة الفورية للمرضى الذين يخوضون معركة حياة أو موت.