ابنهما الأكبر يدرس اليوم في الجامعة بالعاصمة الجزائرية، أما ابنتهما الثانية فتدرس في الصف الثاني في ثانوية حسيبة بن بوعلي بالقبة، فيما الطفل الثالث والأخير لا يزال في الطور الابتدائي، وعمر ملف الحصول على مسكن في إطار صيغة البيع بالإيجار عن طريق الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره أو ما يسمى اقتضابا بوكالة "عدل" هو عمر الابن الأول، أي 17 سنة تمر على إيداع الملف، وقتها تلقى الزوجان كغيرهما من الجزائريين خبر إطلاق هذه الصيغة للحصول على سكن قار من طرف الحكومة بفرحة عارمة واستحسان كبير، خصوصًا وأن ثمن إيجار سكن في الجزائر مع مرور السنوات يعادل قيمة شراء سكن، أو كما يقال باللهجة الجزائرية "الكراء هو كمن يرمي الدراهم في البحر".
ثمن إيجار سكن في الجزائر مع مرور السنوات يعادل قيمة شراء سكن
اقرأ/ي أيضًا: عن الذكاء والسعادة في التظاهر السوري
وكالة "عدل" لحد اليوم لم تعدل بين الجزائريين، رغم أنها كانت حلًا للآلاف ممن استفادوا من السكنات، ولكن بعد انتظار وصبر لأزيد من عشر سنوات، فالعدل أن يكون للجزائريين حق سكن كما ينص عليه الدستور، بعيدًا عن التماطل والوعود التي تكبر بمرور السنوات، ومعها تتعاظم مأساة الأزواج، وتكبر مشاكلهم، وتتغير طموحاتهم وتذبل معها أحلامهم.
صيغة "عدل" تأتي لتضاف إلى مختلف الصيغ التي تؤطرها الحكومة من أجل الرد، على الكم الهائل، من طلبات السكن التي ملأت مكاتب الوكالات العقارية والبلديات عبر 48 ولاية جزائرية، كما أنها جاءت عقب فترة أمنية رهيبة عاشتها الجزائر، لكن اليوم العشرات، بل المئات، بل الآلاف.. ينتظرون الحصول على السكن، والعشرات منهم شكلوا لجانًا تتحدث باسمهم من أجل مقابلة المسؤولين في مواقع تجهيز السكن، ودفعهم نحو التسريع في وتيرة الإنجاز وتسليم المفاتيح لأصحابها، ذلك كان سببًا لخروج البعض في احتجاجات يطالبون بحقهم، ومعرفة أسباب تأخر استكمال البناءات، التي باتت لدى الجزائريين عبارة عن صك الغفران أو مفتاح باب جنة في الأرض.
كثيرون ممن حصلوا على شقة "عدل"، ممن وضعوا الملفات في 2001، هم غير راضين عن سكنهم
اقرأ/ي أيضًا: الحانوتي.. تاجر الموت
اليوم بعد مرور هذه السنوات، أجزم أن الكثيرون ممن حصلوا على شقة "عدل" ضمن البرنامج الأول أي ممن وضعوا الملفات في 2001، هم غير راضين على مواقع سكناتهم ومختلف الظروف التي أحيطت بهم، فهي اليوم أشبه بالمراقد حيث توفر لساكنيها النوم فقط، ولكن الكثيرين يرددون: "أن تحصل على شقة في الجزائر أفضل من البقاء في شقة تؤجرها بالملايين سنويًا"، فيما يتعلق الآلاف من الجزائريين بما يطالعهم وزير السكن الجزائري في مختلف المناسبات، بالجديد والوعود، لأنه في كل مرة يبعث مسكنات ظرفية، وجرعات خفيفة لتطمينهم بالحصول على السكن في الفترات المقبل.. فترات بدأت ما بين 2001 وما زالت مفتوحة في 2017، فأتمنى أن يبقى مفعول جرعات المسكنات التي تقدمها الحكومة للجزائريين صالحة، فالصبر جميل، ولكن أخشى أن يصبح المسكن عبارة عن إدمان يرهق الحكومة، في إيجاد أسلوب مبتكر لحمل المواطن على النفس الطويل، لكن الأخطر في كل هذا أن تصبح أزمة السكن في الجزائر حالة مرضية مستعصية، رغم أنه لكل داء دواء.
اقرأ/ي أيضًا: