الذكاء الاصطناعي مصطلح شاع استخدامه في الآونة الأخيرة بكثرة، إذ انتشرت التطبيقات والبرامج التي تعمل بتلك التقنية الحديثة في جميع المجالات؛ الصحية، والتعليمية، والصناعية وغيرها العديد، حتى باتت تلك التطبيقات تحقق تقدمًا ونجاحًا ملحوظًا شاهدًا على التطور التكنولوجي المتزايد في العصر الحاضر، وفي هذا المقال تفاصيل حول أبرز المعلومات عن الذكاء الاصطناعي.
مفهوم الذكاء الاصطناعي
يطلق مصطلح الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence (AI على محاكاة الذكاء البشري عبر الآلات والأنظمة الحاسوبية لأداء مهام معينة، وذلك عبر برمجة تلك الأنظمة لتصبح قادرة على القيام بالعمليات الفكرية المميزة للبشر؛ كالقدرة على التفكير، وحل المعادلات الرياضية المعقدة، والتعرف على الأصوات أو النصوص المكتوبة، والتشخيص الطبي، وإنشاء وتعديل الصور وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من التطور الكبير في برامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا يمكنها مضاهاة الفكر والمرونة البشرية في بعض المجالات أو في أداء المهام التي تتطلب الكثير من المعرفة التي لم تتمكن البرامج من الوصول إليها حتى الآن، بالرغم من أن بعض برامج الذكاء الاصطناعي تمكنت من الوصول إلى مستويات الخبراء والمهنيين في أداء مهام معينة إلا أنها محدودة.
بالرغم من التطور الكبير في برامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا يمكنها مضاهاة الفكر والمرونة البشرية في بعض المجالات
ظهور الذكاء الاصطناعي وتطوره
تعود فكرة الذكاء الاصطناعي إلى سنوات طويلة حينما فكر الإنسان في صنع جهاز آلي يقوم بمهام بشرية معينة، إلا أن تلك الفكرة تطورت وازدهرت خلال القرن العشرين، إذ توسعت فكرة صناعة الروبوتات أو ما كان يسمى بالبشر الاصطناعيين في ذلك الوقت، وفيما يأتي مخطط زمني يوضح تطور مفهوم الذكاء الاصطناعي عبر السنوات حتى وقتنا هذا:
- عام 1929م: صنع البروفيسور الياباني ماكوتو نيشيمورا أول روبوت، وأطلق عليه اسم غاكوتنسوكو.
- عام 1950م: كان الوقت الذي وصل فيه الاهتمام بالذكاء الاصطناعي ذروته، إذ نشر عالم الحاسوب آلان تورنج كتابه "آلات الحاسوب والذكاء"، الذي اقترح فيه اختبارًا لذكاء الآلات.
- عام 1955م: عقد عالم الحاسوب جون مكارثي ورشة عمل حول مفهوم الذكاء الاصطناعي، وكانت تلك المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا المصطلح.
- عام 1958م: أصدر جون مكارثي أول لغة برمجة لأبحاث الذكاء الاصطناعي، وهي (LISP) والتي ما تزال مستخدمة حتى هذا الوقت.
- عام 1959م: ظهر مصطلح التعلم الآلي الذي ابتكره عالم الحاسوب الأمريكي آرثر صموئيل.
- عام 1961م: كان الانطلاقة لأول روبوت صناعي يعمل في شركة جنرال موتورز لنقل القوالب وأجزاء اللحام في السيارات.
- عام 1965م: ظهر أول نظام لديه القدرة على التفكير واتخاذ القرارات، والذي كان شكلًا من أشكال الذكاء الاصطناعي.
- عام 1979م: تم اختراع أول مركبة ذاتية القيادة، وتأسست الحمعية الأمريكية للذكاء الاصطناعي.
- الفترة بين عامي 1980 و1987م: كانت فترة النمو السريع للذكاء الاصطناعي، إذ ظهرت تقنيات التعلم العميق المستوحى من الدماغ البشري، فأصبحت أجهزة الحاسوب قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة.
- عام 1987م: انخفض تمويل الأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي نتيجة التكلفة المرتفعة مقابل العائد القليل منها، كما انهار سوق الأجهزة المعتمدة على نظام (LISP) نتيجة ظهور بدائل أرخص.
- عام 1988م: اختراع برنامج المحادثة الآلي (Jabberwacky) على يد المبرمج رولو كاربنتر.
- عام 1997م: أصدرت شركة مايكروسوفت برنامجًا للتعرف على الكلام المنطوق.
- عام 2000م: صنع أول روبوت يحاكي المشاعر البشرية عبر وجهه الذي يحوي عينين وحاجبين وأنفًا وأذنين.
- عام 2006م: بدأت شركات مثل؛ فيسبوك وتويتر ونتفليكس باستخدام الذكاء الاصطناعي في خوارزميات الإعلانات الخاصة بها.
- عام 2010م: أصدرت مايكروسوفت أول جهاز ألعاب مصمم لتتبع حركة الجسم وترجمتها لمعرفة اتجاهات الحركة في الألعاب.
- عام 2011م: أصدرت شركة (Apple Siri)، أول مساعد افتراضي.
- عام 2016م: ابتكرت شركة (Hanson Robotics) روبوتًا شبيهًا بمظهر البشر قادرًا على التواصل ومحاكاة المشاعر الإنسانية.
- عام 2017م: برمجت شركة فيسبوك اثنين من الروبوتات الخاصة بالدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتحدث مع الأشخاص والتفاوض معهم.
- عام 2020م: أصدرت شركة (OpenAI) الأمريكية برنامجًا يدعى (GPT-3) قادرًا على الكتابة والترجمة وإنشاء التعليمات البرمجية.
- عام 2021م: طورت شركة (OpenAI) برنامج (DALL-E) لمعالجة الصور وإنشائها، وما زالت التطورات على تلك البرامج مستمرة حتى الآن.
أنواع الذكاء الاصطناعي
فيما يأتي توضيح لأبرز أنواع الذكاء الاصطناعي:
- الذكاء الاصطناعي الضيق أو الضعيف
وهو عبارة عن نظام مصمم للقيام بمهام معينة بسيطة وغير معقدة؛ كألعاب الفيديو، والمساعد الافتراضي الذكي مثل؛ أليكسا من إنتاج شركة أمازون، وسيري من إنتاج شركة أبل، والذي يمكن سؤاله عن شيء معين وهو سيجيب عليه.
- الذكاء الاصطناعي الفائق أو القوي
وهو عبارة عن أنظمة مصممة لتقوم بمهام أكثر تعقيدًا شبيهة بمهام الإنسان، إذ تمت برمجة تلك الأنظمة للتعامل مع المواقف التي تتطلب حل مشكلة معينة دون تدخل بشري، ومن أبرز الأمثلة عليها؛ السيارات ذاتية القيادة، والروبوتات المستخدمة في غرف العمليات بالمستشفيات.
- الذكاء الاصطناعي العام
وهو أحد الأنواع المقترحة للذكاء الاصطناعي التي ما تزال قيد التطوير، ويتمتع هذا النوع بالقدرة على الفهم والتعلم وحل المشكلات تمامًا كالإنسان، وهو مصمم لأداء مهام معينة؛ كالتعرف على الصور وإنشائها، وترجمة اللغات، ولعب الشطرنج، إذ يجري العمل على تطوير هذا النوع بحيث يستطيع أداء أي مهمة فكرية يمكن للإنسان القيام بها.
أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي
تتعدد المجالات والتطبيقات التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، وفيما يأتي قائمة بأبرز تلك التطبيقات:
قطاع الرعاية الصحية
ساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الرعاية الصحية على نحو كبير، وذلك عبر دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي بالأجهزة الطبية للقيام بالعديد من المهام في هذا المجال، وفيما يأتي أبرز فوائد وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الطب والرعاية الصحية:
- تحسين إجراءات التشخيص وتمكين التطبيب عن بعد.
- المساهمة في تسريع اكتشاف الأدوية للعديد من الأمراض.
- الكشف المبكر عن الأمراض وإجراء تشخيصات طبية أكثر دقة.
- جمع بيانات المرضى عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ كمعدل ضربات القلب، وضغط الدم، ومستويات الجلوكوز؛ لمراقبة الحالة الصحية للمريض والتعامل معها بفعالية.
- إنشاء أنظمة من شأنها تحسين رعاية الصحة العقلية، عبر إشراك الروبوتات في المحادثات العلاجية مع المرضى، وبالتالي تخفيف أعراض القلق والاكتئاب والمشاكل العقلية الأخرى لديهم.
قطاع الصناعة
كان لتقنيات الذكاء الاصطناعي دور كبير في قطاع الصناعة، وذلك عبر عدة نقاط أبرزها:
- مراقبة جودة المنتجات واكتشاف العيوب فيها.
- استخدام الروبوتات لزيادة الإنتاجية والدقة في العمل.
- الصيانة التنبؤية لأعطال الآلات، وبالتالي التقليل من الوقت المستهلك لإصلاحها.
- تحسين خطوط الإنتاج الخاصة بالمصانع، وذلك عبر محاكاة أدائها باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، وبالتالي مراقبتها وتحسينها.
قطاع المواصلات
ساهم استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع المواصلات بما يأتي:
- صناعة السيارات والشاحنات ذاتية القيادة، التي من شأنها تقليل الأخطاء البشرية وبالتالي التقليل من الحوادث.
- تقليل الازدحام عبر أنظمة إدارة المرور الذكية.
- توفير الطائرات دون طيار، التي تعد بديلًا سريعًا وصديقًا للبيئة.
- الكشف عن المسارات الأقل ازدحامًا، وبالتالي تقليل الوقت واستهلاك الوقود.
قطاع الزراعة
برز استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الزراعي بما يأتي:
- استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لمراقبة المحاصيل والتنبؤ بكمياتها، وإبعاد الآفات عنها.
- تحسين أنظمة الري والتسميد وتقليل النفايات الزراعية.
- استخدام الآلات الزراعية ذاتية القيادة والمجهزة بأجهزة استشعار ونظام لتحديد المواقع العالمي والعديد من الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لأداء مهام زراعية؛ كالحرث، والبذر، والرش، وذلك بكفاءة ودقة عالية.
قطاع التعليم
ساهم استخدام أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم على نحو كبير، ويمكن توضيح ذلك في النقاط التالية:
- تخصيص المحتوى التعليمي بحيث يناسب احتياجات كل طالب عبر نظام التعلم التكيفي المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
- استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستوى الطلبة وأدائهم، وبالتالي التدخل لحل المشكلات التي تواجههم في التعلم.
- تمكين الطلاب من الوصول إلى المحتوى التعليمي من أي مكان في العالم، وذلك عبر أدوات الترجمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والتي كسرت الحواجز اللغوية التي كانت تحول دون تعلمهم.
- استخدام المعلمين الافتراضيين المعتمدين على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم دروس فردية، مما يقلل من الضغط الملقى على عاتق المعلم.
إيجابيات استخدام الذكاء الاصطناعي وسلبياته
لا شك بأن الذكاء الاصطناعي كان له دور فعال في العديد من المجالات في حياتنا اليومية كما أسلفنا سابقًا، إلا أن لانتشار استخدام هذا النوع من التقنيات بعض العيوب التي سببت بعض المخاوف للعديد من الأشخاص، وفيما يأتي توضيح لأبرز إيجابيات وسلبيات استخدام الذكاء الاصطناعي:
الإيجابيات
- فعال في المهام التي تحتاج إلى دقة عالية واهتمام بالتفاصيل خاصة في المجال الطبي.
- تقليص الوقت اللازم لأداء مهام معينة وتحليل مجموعات كبيرة من البيانات.
- التقليل من العمالة اللازمة وزيادة الإنتاجية، وهو ما يعود بنتائج جيدة على أصحاب الأعمال والمشاريع.
- توفير أفضل أدوات الترجمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وبالتالي إمكانية الوصول إلى نسبة أعلى من العملاء.
- تحسين رضا العملاء والوصول إليهم عبر تخصيص المحتوى والرسائل والإعلانات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم.
- المساعدون الافتراضيون العاملون بتقنيات الذكاء الاصطناعي متاحون بشكل دائم، إذ لا تحتاج أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الراحة والنوم، وبالتالي فهي تقدم خدماتها على مدار الساعة.
السلبيات
- تطوير أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى تكاليف باهظة وخبرات فنية عالية.
- قلة العمال المؤهلين لإنشاء أدوات الذكاء الاصطناعي وتطويرها.
- زيادة معدلات البطالة عبر تقليل العمالة اللازمة لأداء مهام معينة في بعض القطاعات.
- قلة المرونة مقارنة بالأيدي العاملة البشرية.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
مع التقدم التكنولوجي المستمر وانتشار استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي على نحو كبير في الوقت الحاضر، فيمكن توقع إنجازات أكبر في مجال الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب، إذ سيلعب دورًا مهمًا في بناء مستقبل مذهل لقدرته الكبيرة على أداء مهام ساعدت على تقليل الجهد والوقت على البشر، وبالتالي فمن المتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي مستقبل مذهل إذا تم التعامل معه على نحو صحيح وتم الاهتمام بالتخلص من العيوب والتحديات التي يواجهها.
وتجدر الإشارة إلى أن مستقبل الذكاء الاصطناعي لا حدود له، إذ سنرى أنه سيدخل في العديد من القطاعات بحيث سيلعب دورًا حاسمًا في تغييرها نحو الأفضل ومساعدة البشر على أداء مهامهم بسرعة ودقة، لذا فمن المتوقع رؤية المزيد من التكنولوجيا المتقدمة في المستقبل.
حقائق ومعلومات عن الذكاء الاصطناعي قد يهمك معرفتها
فيما يأتي مجموعة من الحقائق والمعلومات عن الذكاء الاصطناعي التي قد يهمك معرفتها:
- تستخدم ما يقارب 77% من الأجهزة اليوم تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أو بآخر.
- تسارع نمو الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي بمعدل 14 ضعفًا منذ عام 2000م، ومن المتوقع أن تزداد تلك النسبة في كل عام.
- يتوقع أن تصل إيرادات الذكاء الاصطناعي إلى حوالي 190.61 مليار دولار بحلول عام 2025م.
- سيضيف الذكاء الاصطناعي 15.7 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مما سيعززه بنسبة 14%.
- يتوقع أن يزداد عدد المساعدين الافتراضيين المعتمدين على تقنيات الذكاء الاصطناعي ليصل 8.4 مليار وحدة مساعدة، وهو ما يتجاوز عدد سكان العالم.
يتوقع أن تصل إيرادات الذكاء الاصطناعي إلى حوالي 190.61 مليار دولار بحلول عام 2025م.
ختامًا، لا بد من الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يلغي دور البشر في القطاعات المختلفة، وإنما وجد لكي يكون مساعدًا لهم لأداء المهام بصورة أسرع وأكثر دقة وكفاءة، وبلا شك لن تتوقف حدود الإبداع في هذا المجال، وستزداد التطبيقات التي يمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي فيها، مما يحقق تقدمًا للدول والمجتمعات والأفراد.