ألترا صوت - فريق التحرير
يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.
حامد الناظر كاتب صحفي وروائي سوداني، مواليد 1975. يعمل منتجًا في غرفة الأخبار بتلفزيون قطر، بعد تنقلات في العديد من التلفزيونات. رواياته: "فريج المُرر"، و"نبوءة السقا"، و"الطاووس الأسود"، و"عينان خضراوان".
- ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟
علاقتي بالكتب قديمة، وهي بعمر وعيي تقريبًا. أحب الكتب منذ صغري وأجد فيها الكثير مما أفتقد في الواقع من حيوات وتجارب ومعارف لذلك فهي أكثر الأشياء التي أطمئن إلى رفقتها في رحلة الحياة. جربت أشياء كثيرة في حياتي من الرسم إلى الشعر إلى الصحافة والإعلام ولم أحقق شيئًا مما كنت أرجوه كما بدا لي، ثم دفع بي هذا القلق إلى تجريب الكتابة في السنوات الأخيرة، فصارت رفقة الكتب أكثر متعة وشغفًا. أقرأ وأكتب وأستمتع بالكتابة وما يكتب عن الكتابة، وندمت أنني تأخرت كل هذا الوقت عن هذا الفعل. صرت أدخل إلى مكتبتي بصفتين هما قارئ وكاتب، وهذا ما كان ليحدث لولا ذلك القلق الذي أشعر به دائمًا فيحملني عللى التجريب والمحاولة وأنا سعيد كل السعادة بما أفعله حتى الآن.
- ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟
التأثير لا يحدث عادة بفعل كتاب واحد أو كتابين، بل يحدث نتيجة لمزيج من الأفكار المختلفة التي تخلق تيارًا من التأثير داخل النفس، ثم يتقدم هذا التيار ببطء مع رحلة الحياة وتعدد القراءات حتى يصنع موقفًا أو مجموعة مواقف للقارئ من كل ما يدور حوله. على مستوى الذائقة الأدبية تأثرت بأدب أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص، لأنني شعرت بتشابه كبير بيننا وبين شعوب تلك القارة البعيدة. نتشابه في حركة تاريخنا، من حروب الاستقلال إلى تعاقب الانقلابات والدكتاتوريات والديمقراطيات الهشة والأيديولوجيات البراقة وفقدان الآمال والحيوات الغنية بالأساطير والمثل، لذلك لا أتردد في قراءة أي عمل مترجم من تلك القارة الساحرة. أحببت ماركيز ويوسا وأمادو وبورخيس ونيرودا وفرانكو وغاليانو وألليندي وبقية السحرة العظام. آمل أن أتعلم الإسبانية يومًا ما وأقرأ لهم بلغتهم الأصلية.
- من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟
لدي في الغالب كتابة مفضلة، وهي الكتابة الشريفة الممتعة، التي لها سحرها الخاص وأصالتها التي لا يمكن أن تخبو أبدًا، وفي هذا لدي الكثير من الكتاب الذين لم يخذلونني، فأجد نفسي -على مستوى الأدب المكتوب بالعربية- في الكثير مما كتبه نجيب محفوظ والطيب صالح وبهاء طاهر وعبد الرحمن المنيف وصبري موسى وأمين معلوف وربيع جابر وحنا مينة وجبرا إبراهيم جبرا وغيرهم. كل كتابة لها قاموسها الخاص وتأثيرها العابر للأجيال هي مفضلة لدي بكل تأكيد وأعيد قراءتها بين وقت وآخر.
- هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟
أكتب أحيانًا إذا توفر الوقت، سواء في الصحف أو المواقع أو على صفحتي في فيسبوك. أفعل هذا بين وقت وآخر بدافع الشغف لكن ليس عن كل ما أقرأ. أكتب عن الكتب الممتعة في الغالب، وكذلك تلك الكتب التي لا يمكن التخلص من تأثيرها المرهق إلا بالكتابة عنها وهي قليلة في العادة. أحب أن أشارك الأصدقاء بعض تجاربي في القراءة من أجل لفت انتباههم إلى بعض الكتب التي أتصور أنها تستحق الاهتمام لما تتضمنه من أفكار جديدة أو أسئلة جديرة بالتأمل.
- هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟
لا لم تتغير، ولا ألجأ في العادة إلى الكتب الإلكترونية إلا عند الضرورة لأن القراءة على الشاشات مرهقة وتتطلب استعدادًا خاصًا. أفضل الكتب الورقية في كل الأوقات لأن مزاياها كثيرة، ولدي طقوس في مسألة القراءة لا أحب تغييرها إلا لضرورة.
- حدّثنا عن مكتبتك؟
أحب مكتبتي جدًا، وهي متنوعة وتضم عناوين جيدة في الأدب والفلسفة وعلم النفس والتاريخ والصحافة والتراث والمذكرات والترجمات والقواميس وهدايا الأصدقاء ودور النشر، وبسبب تنقلاتي بين بلدان مختلفة بسبب ظروف العمل اضطررت للتخفف من بعضها في أكثر من بلد. منذ أن خرجت من السودان في خريف العام 2007 وحياتي قلقة وغير مستقرة وأحلم دائمًا بأن أستقر في مكان ما وأؤثث بيتًا ومكتبة وأتفرغ للقراءة والكتابة، لكن ذلك لا يبدو قريب التحقق.
- ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟
أحب قراءة الكتب الخفيفة والمؤنسة في رمضان، وبين يدي كتاب "مع المتنبي ورفاقه" لشيخنا الطيب صالح وهو من منشورات رياض الريس، وأظنها القراءة الرابعة أو الخامسة لهذا الكتاب الممتع، لست متأكدًا. للطيب صالح أسلوب خاص في المؤانسة عمن يحبهم من الكتاب والشعراء، ويستعرض في هذا الكتاب الممتع أراءه حول ما حوته كتب التراث والتحقيق بشأن أشعار المتنبي والمعري وأبي تمام وذي الرمة وغيرهم، ويقدم مرافعات ومساجلات نبيلة عن المتنبي ولا سيما مع عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي كان يرى فيه شاعرًا متكسبًا بشعره. أما الطيب فيقول: "بلى، مدح المتنبي كافورًا الإخشيدي، لا مراء في ذلك، ثم هجاه فيما بعد، فما كان صادقًا في مدحه ولا كان صادقًا في هجائه، ولكنه كان صادقًأ في شعره في الحالتين.. وقد ذهب المتنبي وذهب سيف الدولة وذهب كافور، ولم يبق إلا الشعر" رحمهم الله جميعًا ونفعنا بإبداعهم..
اقرأ/ي أيضًا: