ألترا صوت – فريق التحرير
يخصّص "ألترا صوت" هذه المساحة الأسبوعيّة، كلَّ إثنين، للعلاقة الشخصية مع الكتب والقراءة، لكونها تمضي بصاحبها إلى تشكيل تاريخٍ سريّ وسيرة رديفة، توازي في تأثيرها تجارب الحياة أو تتفوّق عليها. كتّاب وصحافيون وفنّانون يتناوبون في الحديث عن عالمٍ شديد الحميميّة، أبجديتُهُ الورق، ولغته الخيال.
طارق إمام روائي من مصر من مواليد 1977. أصدر العديد من الروايات والمجموعات القصصية، من أبرزها "هدوء القتلة"، "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس"، "مدينة الحوائط اللانهائية"، "طعم النوم". تُرجمت أعماله إلى عدّة لغات، وحازت على العديد من الجوائز المحلّية والعربية.
- ما الذي جاء بك إلى عالم الكتب؟
الولع بالكتب عدوى يجب أن يكون منبعها شديد التأثير بحيث يستحيل الشفاء منها بعد ذلك. أول كتب تعلقت بها في طفولتي بعيدًا عن قراءة مجلات الأطفال كانت سلسلة "كتب الهلال للأولاد والبنات" التي كانت تصدرها مؤسسة دار الهلال العريقة شهريًا في ثمانينيات القرن الماضي حيث كنت طفلًا (أنا من مواليد 1977). كانت بمثابة مكتبة متكاملة من الكتب الممتعة الخلابة والمتنوعة وأذكر أنني تعرفت من خلالها على عالم ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وغيرهما من قصص التراث والتي صارت من روافدي الأساسية بعد ذلك حين أصبحت روائيًا. في الحقبة نفسها تعرفت إلى سلسلة "الأدب العالمي للناشئين" التي كانت تصدرها الهيئة المصرية للكتاب، ومثَّلت مكتبة متكاملة لأهم الروايات في تاريخ الأدب العالمي بترجمات مبسطة رفيعة منحتني أيضًا تأسيسًا مبكرًا للّغة الأدبية، والمرحلة الثالثة بين الطفولة والمراهقة هيمنت عليها سلسلة "روايات مصرية للجيب" وبالأخص أعمال د. نبيل فاروق التي جعلت من القراءة إدمانًا حقيقيًا. ربما هذه الحلقات الثلاث هي ما غذى ولعي بالقراءة، وكوّن أول مكتبة في حياتي.
- ما هو الكتاب، أو الكتب، الأكثر تأثيرًا في حياتك؟
كثيرةٌ هي الروافد، وهناك ما أسميه جذور النص الإنساني، التربة التي أنبتت نصوص الإنسانية الرئيسية، من كتاب الموتى ومتون الأهرام في الثقافة المصرية القديمة للمتن الإغريقي لألف ليلة وليلة فضلًا عن الكتاب المقدس.
- من هو كاتبك المفضل، ولماذا أصبح كذلك؟
يصعب اختزال الكتاب المؤثرين فيّ لكاتب واحد، الكاتب خليط دماء، ويمكنني العثور في عروقي الأدبية على هوميروس وأوفيد، شكسبير ودستويفسكي وإدغار ألان بو، كافكا وألبير كامو وسارتر، بيكيت ويونسكو وأرابال، نجيب محفوظ ومحمد حافظ رجب ومحمد المنسي قنديل، مايكل أونداتجي وامبرتو إيكو وساراماغو وتوني موريسون ومايكل كننغهام وخوان مياس وموراكامي.. لكن إذا كان لا بد من اختيار اسم فسأختار غابرييل غارسيا ماركيز، ربما هو الكاتب الذي مثَّل غرامي به دافعًا حاسمًا لأكتب. منذ قرأت قصة "أجمل رجل غريق في العالم"، انجذبت لعالمه المراوح بين الواقع والخيال، للغته الكاشفة بحمولاتها الشعرية، وفي القلب من ذلك الرؤية للوجود.
- هل تكتب ملاحظات أو ملخصات لما تقرأه عادة؟
أكتب ملاحظات داخل الكتاب نفسه، أستخدم أقلامًا متنوعة ملوّنة. أضع خطوطًا تحت العبارات التي تستوقفني وأُظلل المقاطع المهمة أو التي تعجبني بشكل خاص. لا أكتب ملخصات منفصلة للكتب، لكني أحيانًا ما أحوِّل فعل القراءة لكتابة نقدية لا سيما في النصوص الأدبية بالطبع.
- هل تغيّرت علاقتك مع الكتب بعد دخول الكتاب الإلكتروني؟
أجد صعوبة حتى الآن في قراءة كتاب إلكتروني، قرأتُ بعض الكتب القليلة في صيغ إلكترونية مضطراً لعدم توفرها لكنها لم تمنحني نفس المتعة. رغم ذلك أرى أن هذا أحد عيوبي التي يجب معالجتها فالكتاب الإلكتروني أصلح واقعًا خاصة وأن ظرف توزيع الكتاب في العالم العربي ما يزال فقيرًا رغم كل الطفرات الحثيثة الحاصلة، وكثير من الكتب المهمة لا تتوفر أو تحتاج وقتًا ليس بالقصير حتى تتوفر.. وعلينا ألا ننسى أن هناك نوعيات من الكتب لا ترحب المكتبات أصلًا باستضافتها كالمجموعات الشعرية وأنا أعتبر نفسي أحد قراء الشعر المخلصين.
- حدّثنا عن مكتبتك؟
مكتبة متنوعة جدًا. في الحقيقة لم أحص أبدًا عدد ما تضم من كتب، لكن الأكيد أن الأدب يمثل أحد جوانبها ولا يستأثر بها. أقرأ في الفلسفة والتاريخ وعلم النفس ومناحٍ أخرى، وأستمتع بالتجول في الطرق التي بها تحاول الإنسانية تعريف نفسها. دائمًا ما أقول إنه إن كان من سوء حظي أنني لا أستطيع كتابة شيء غير الأدب فمن حسن حظي أنني قادر على قراءة أشياء كثيرة خارج الأدب.
- ما الكتاب الذي تقرأه في الوقت الحالي؟
أقرأ رواية "قارئة القطار" للروائي المصري إبراهيم فرغلي. كنت قد قرأتها قبل ثلاثة أشهر وقت صدورها وأعيد قراءتها الآن بغرض الكتابة عنها. وفي الحقيقة هي التي حرضتني لإعادة القراءة، شأنها شأن كل عمل جميل يكشف لك جانبًا جديدًا فيه كلما عدتَ إليه.
اقرأ/ي أيضًا: