افتقرت المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة السورية منذ عام 2012 لمعظم المؤسسات الخدمية بعد أن أمر النظام السوري بتعطيلها، ومنع الموظفين من الاستمرار في العمل ضمنها، واضعًا هذه المناطق أمام خيار الاعتماد على مصدر بديل نتيجة فقدانها "المياه، الكهرباء، الاتصالات، الإنترنت" كما سائر متطلبات الحياة اليومية، وساعد على غيابها القصف اليومي الذي أدى لدمار البنية التحتية في معظم المناطق.
افتقرت المناطق التي سيطرت عليها المعارضة السورية لمعظم الخدمات بعد أن أمر النظام السوري بتعطيلها لكن الوضع تحسن مع الوقت
إلا أن الواقع أصبح جيدًا إذا ما تمت مقارنته بالسنة الأولى من سيطرة قوات المعارضة على عدد من المناطق، عندما أوجدت نظام الاشتراك "الأمبير" لتغذية المنازل بالكهرباء، وحصولها على شبكة انترنت من الشركات التركية أو الأردنية في المناطق القريبة من الحدود، ومنها من اعتمد على نظام "الانترنت الفضائي" لبعدها عن الحدود التركية، في محاولة لتعويض ولو جزء محدود من أبسط متطلبات الحياة المتواجدة في القرن الجاري.
اقرأ/ي أيضًا: حرب نظام الأسد على المعارضة.. بماء الشرب أيضًا
فريق "ألترا صوت"، في التحقيق التالي، يسلط الضوء على واقع شبكات "الكهرباء، الاتصالات، الانترنت" في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في أرياف درعا، حلب، سراقب، والآلية التي يتبعها سكان المناطق في تأمينها.
جنوب سوريا.. الماء مقابل الكهرباء
حسام محمود، مراسل راديو "الكل" في ريف درعا، يقول لـ"ألترا صوت" عن واقع شبكة الكهرباء في مناطق الريف، الذي تسيطر عليها فصائل المعارضة، إنه "يوجد برنامج دوري لساعات الكهرباء مقترنًا بساعات المياه"، وذلك وفق جدول زمني محدد "كل ثلاثة أيام، يخصص يومين للكهرباء بمعدل أربع ساعات، ويوم واحد للمياه"، مشيرًا أن ذلك يكون في "الحالات العادية إن لم يكن هناك عطل في مولدات الكهرباء أو التمديدات"، فيما يعتمد السكان في المنطقة على شبكة الانترنت الأردنية 3G أو 4G، نافيًا وجود أي شبكات انترنت لمؤسسات سورية في تلك المناطق.
إلا أنه بحسب محمود: "شركة MTN التي تعمل في مناطق سيطرة النظام، وتقول التقارير إن ملكيتها تعود لرجل الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي المقرب بشكل كبير من نظام الأسد، تقوم بـ"تغطية بعض مناطق ريف درعا بسبب قربها أو تماسها مع مناطق تخضع لسيطرة النظام السوري"، من بينها على سبيل المثال مدينة "طفس لقربها من مركز مدينة درعا"، أما فيما يرتبط بجباية الفواتير يؤكد محمود أنه "لا توجد أي فواتير يدفعها سكان المنطقة"، منوهًا إلى وجود شبه اتفاقية بين فصائل المعارضة في مناطق سيطرتها، وقوات النظام القريبة منها يقضي "بتغذية مناطق سيطرة النظام بالمياه مقابل تغذية النظام مناطق سيطرة المعارضة بالكهرباء".
شمال سوريا.. خيار نظام الأمبير يخلق عبءًا اقتصاديًا
في الشمال السوري يعتمد السكان على نظام الأمبير للحصول على الكهرباء وهو مكلف مقارنة بنظم أخرى
أما في الشمال السوري فإن الوضع مختلف، يقول محمد شاكردي، أحد أعضاء المركز المدني لمدينة "الأتارب" بريف حلب الغربي، عن واقع الكهرباء أنهم "يعتمدون على نظام تشغيلها عن طريق الأمبير، حيث يدفع المشتركون 1،200 ليرة سورية (كل دولار أمريكي يعادل 700 ل.س) للأمبير الواحد بمعدل سبع ساعات تشغيل يوميًا"، مضيفًا أن الاشتراك زاد من الأعباء الاقتصادية على السكان بسبب دفعهم اشتراكًا أسبوعيًا بقيمة 2,400 ليرة سورية حتى يتم تشغيل الكهرباء على أمبيرين يوميًا، ما يرتب عليهم التزامًا ماليًا لأصحاب المولدات الكهربائية الخاصة بـ10,000 ليرة سورية تقريبًا في الشهر الواحد، أما فيما يتعلق بشبكة الإنترنت، يوضح شاكردي أن المدينة تعتمد فيها على شبكة الإنترنت التركية، التي استطاعت أن تمدد خطوطًا أرضية (ADSL) للمدينة، إذ يتراوح سعر الواحد غيغابايت ما بين 500 إلى 600 ليرة سورية.
ويتفق أحمد حلوم، ناشط مدني من مدينة "سراقب" بريف إدلب الشرقي من ناحية اعتمادهم في تشغيل الكهرباء على نظام الأمبير، موضحًا أن "نظام الاشتراك ينقسم إلى قسمين، الأول يتبع لـ"المجلس المحلي في مدينة سراقب وريفها"، وهو هيئة تم تشكيلها في كافة مناطق سيطرة المعارضة لتسيير الشؤون الخدمية والإدارية بعد أن توقفت مؤسسات النظام عن العمل، وتتبع في هيكليتها لوزارة "الإدارة المحلية والإغاثة وشؤون اللاجئين" في الحكومة السورية المؤقتة للمعارضة، فيما يعتمد النظام الثاني على الاشتراك مع أصحاب المولدات الخاصة.
ويختلف سعر الأمبير بين المجلس المحلي وأصحاب المولدات الخاصة، فقيمة الاشتراك الشهري لدى المجلس المحلي بحسب حلوم يبلغ 3,000 ليرة سورية للشهر الواحد، أما في القسم الثاني من مدينة "سراقب" الذي يديره أصحاب المولدات الخاصة فتتراوح بين 4,000 إلى 4,250 للشهر الواحد أيضًا لمدة أربع ساعات يوميًا، وعن شبكة الإنترنت يقول حلوم في حديثه مع "ألترا صوت" إن أغلب السكان يعتمدون على "الإنترنت الفضائي"، ويتم الاشتراك به عن طريق المراكز المتواجدة في المدينة متيحًا إمكانية "استجرار" الخطوط للمنازل عبر أجهزة استقبال مختلفة بقيمة اشتراك شهري من 10 حتى 20 دولار أمريكي، لافتًا إلى أن الخدمة الحالية لشبكة الإنترنت أصبحت أفضل من السابق، بعد أن وفرت على سكان المدينة الذهاب لمقاهي الإنترنت.
اقرأ/ي أيضًا: