عمل ناثان هيلر في مجلة Slate منذ عام 2008 حتى عام 2011. وهو كاتب في مجلة New Yorker ومحرر مساهم في مجلة Vogue. هنا مقال مترجم لهيلر عن مجلة "سليت" يتناول فيه بعضًا من أعمال الروائي الياباني الشهير هاروكي موراكامي.
في مجلة "سليت" (Slate) الأمريكية لهذا الأسبوع ، أقدم تقييم لأعمال هاروكي موراكامي، الروائي الياباني المشهور عالميًا، الذي يتصدر كتابه الجديد "1Q84" حاليًاً قوائم أفضل الكتب مبيعًاً. عُرف هاروكي موراكامي، على مدى سنوات عديدة، بأسلوبه "غير الياباني" وحساسيته، مستلهمًا مساره من الثقافة الأمريكية بقدر ما نهل من ثقافة العالم الذي رسخ فيه جذوره. وهو معروفٌ أيضًا بالقصص التي تبتعد عن المألوف، وتنجرف نحو الاتجاهات الجامحة، والسريالية، التي غالبًا ما تتميز بطابعها الكوميدي.
يأتي كتاب هاروكي موراكامي الجديد "1Q84" إلى حدٍ ما كتتويج لهذه الاتجاهات. يتخذ الكتاب في شكله الأساسي نمط قصة حبٍ، ومع ذلك ينطوي سرده الطويل الذي ينقلنا إلى هذا الالتقاء الرومانسي على (سبيل المثال لا الحصر) التخاطر الذهني؛ والواقع البديل؛ و شرانق هائلة متوهجة؛ وكلاب متفجرة بطريقة عفوية؛ ونساء حوامل عفويًا؛ واغتيال بوخز الإبر؛ والموسيقار ليوش ياناتشيك والثنائي الموسيقي سوني وشير. إن محاولة تتبع منطق أسلوب موراكامي وتلميحاته، يجعل المرء في بعض الأحيان، يشبه شعور بالوقوع في شباك وصنارته المزودة بطعم، التي أعدها بنفسه لصيد السمك.
لهذه الأسباب وغيرها، قد يبدو أن التطرق لكتابات هاروكي موراكامي للمرة الأولى أمرٌ مروعٌ. يمتد كتاب "1Q84" الذي ظهر في اليابان في ثلاثة مجلدات منفصلة، على طول أكثر من 900 صفحة في نسخته الأمريكية، مما يجعله أكثر من مجرد وفاء عرضي بالنسبة لمعظم القراء.
من أين أبدأ التقييم؟ تجد أدناه بعض القراءة التمهيدية، قد تفيد القراء المبتدئين لمؤلفات هاروكي موراكامي.
هذه الرواية التي صدرت في عام 1987 تُعتبر الكتاب الذي عرف بالكاتب هاروكي موراكامي وأضفى عليه شهرةً عالميةً، واستمر في التألق منذ ذلك الحين. وعلى عكس رواياته الأربع السابقة، التي ضمت العناصر السريالية التي أصبحت منذ ذلك الوقت سمته المميزة، كانت رواية الغابة النرويجية بمثابة بداية مشوار هاروكي مواركامي للكتابة بأسلوب "واقعي".
الكتاب شعبي ليس من حيث الأسلوب والتلميحات فحسب وإنما من حيث المزاج أيضًا: في هذه القصة، يتذكر الراوي تورو واتانابي (الذي يبلغ من العمر بضع وثلاثين عامًا من العمر)، الأيام الجامحة بالكلية في طوكيو في أواخر الستينيات، من خلال نظرة حزينة. بعد انتحار صديقه، يقع واتانابي في حب الصديقة السابقة لصديقه، محبوبة هاروكي مواركامي الوفية، المضطربة، وقليلة الكلام التي ترافقه في مسيرة طويلة عبر المدينة.
في السنوات الأخيرة، قال هاروكي موراكامي إنه "توقع" أن يكون الكتاب من أكثر الكتب مبيعًا وهو ما تحقق بالفعل - أكثر من 4 ملايين نسخة بيعت في اليابان وحدها - وحاول بلباقة اعتبار روايته تلك، كوثبة في مساره المهني، أكثر من كونها عملًا كبيرًا. ومع ذلك، تصمد عاطفية مرحلة المراهقة المتأخرة المتضمنة في هذه الرواية: وهذا هو عمل هاروكي موراكامي، وأفضل ما ينجزه.
2. وقائع الرياح التي تحرك الطيور
ساعدت هذه الرواية المكونة من ثلاثة أجزاء - التي صدرت بشكل تدريجي في اليابان في عامي 1994 و 1995 وظهرت في الولايات المتحدة بعد عامين - في تكريس مكانة هاروكي موراكامي، بصفته أكثر من مجرد كاتبٍ مفضلٍ وسط شباب اليابان المولع بنمط العيش الغربي، وجلبت له بشكل ملفت، دعم كنزابورو أوي، عميد الأدب، الذي كان سابقًا أحد أشد منتقديه.
مثل العديد من قصص هاروكي موراكامي ، تمضي رواية "وقائع الرياح التي تحرك الطيور" قدمًا على خطى فرضية شبه هيتشكوكية تتعلق بمواطن غافل - تورو أوكادا في هذه الحالة، مساعد قانوني سابقٍ – يُستدرج نحو شبكة واسعة من الاكتشافات، وهذا من مميزات موراكامي الغريبة. يختفي قط المواطن تورو، الذي يحمل نفس اسم شقيق زوجته.
ثم تختفي زوجته. ويسمع تورو من ملازمٍ متقدمٍ في السن، قصصًا مقلقة حول دور اليابان في زمن الحرب في مانشوكو، وهي نقطة دخولها إلى الصين. لقد كتب هاروكي موراكامي هذه القصة أثناء إقامته في الولايات المتحدة، وهي تجربة قال إنها دفعته للعودة إلى الهوية اليابانية التي هرب منها في جهوده الكتابية السابقة. ومع ذلك، فإن طابع رواية تورو المقيدة، التي تتخذ أحيانًا بعدًا هزليًا متدنيًا، هو الذي جعل من هذه الرواية المتنوعة عملًا جيدًا.
على الرغم من أن هاروكي موراكامي معروفٌ بالدرجة الأولى كروائي، إلا أن العديد من القراء الأمريكيين اعتادوا على أعماله الأخرى من خلال رواياته القصيرة. جاء أول إصدار لكاتبنا هاروكي موراكامي في مجلة نيويوركر في عام 1990؛ ومنذ ذلك الحين، من خلال نشر أعماله هناك وفي مجلات أخرى، أصبح يشكل من زاويةٍ ما صوت القصص القصيرة اليابانية في الغرب.
تجمع رواية هاروكي موراكامي "صفصافة عمياء، امرأة نائمة"، التي تعتبر أحدث مجموعة قصصية قصيرة لموراكامي، بين أعماله المكتوبة على مدار 25 عامًا، بدءًا من أوائل الثمانينيات. إذ كان أسلوب هاروكي موراكامي الروائي في تلك الأيام يتميز بالحركية والطبقات، ومحبوك بشكل غزير، فإن جهوده في القصص القصيرة تميل إلى الاحتشام والهشاشة ، بدءًا من المآزق الفردية والغريبة ثم التنقل نحو الاستنتاجات غير المستقرة (وغير المرضية أحيانًا).
في قصة "قرد شين شيناغاوا- The Shinagawa Monkey"، وهي قصة نشرتها مؤخرًا النيويوركر والمدرجة في هذه المجموعة، تجد زوجة شابة نفسها لا تستطيع تدريجيًا تذكر اسمها – حالة وقعت لها، حسبما تكشفه الرواية، لأن القرد الناطق سرق بطاقة اسم مدرستها الثانوية من منزلها. ( فضلًا عن الموز).
اقرأ/ي أيضًا: