ثمة اعتقاد شائع بأن الرجل يحتاج إلى الجنس أكثر من حاجة المرأة له. ويذيع في هذا الصدد المثل القائل بـ"الجنس للرجل، وللمرأة الشوكولاه". غير أن هذا غير دقيق، بل يكاد لا يقترب من الصحة بأي شكل. فمن يحتاج إلى الجنس أكثر، ومن يطلب الجنس أكثر، الرجل أم المرأة؟ هذا ما سنكتشفه في السطور التالية.
للإجابة عن سؤال: "لماذا تحتاج المرأة إلى الجنس أكثر من الرجل؟"، علينا أن نبحث أكثر لمعرفة الفرق بين دماغ المرأة ودماغ الرجل. فدماغ المرأة، كما تحب كثير من النساء القول، فهو "أجمل جزء فيها"، لكن لماذا؟
فيما يرتبط الجانب الأيسر من الدماغ بالجوانب العملية والتخطيطية، يرتبط الجانب الأيمن بالمشاعر والعواطف
للدماغ البشري جانبان اثنان كما هو معروف: الأيمن والأيسر، وكل جانب يعمل بطريقة مختلفة عن الآخر.
اقرأ/ي أيضًا: الصحة العالمية تصنّف "إدمان الجنس" القهري ضمن الاضطرابات العقلية
الجانب الأيسر من الدماغ
الجانب الأيسر من الدماغ آليّ إلى حد كبير، ويرتبط بالمهام وأدائها، وهو إستراتيجي ورياضي وخطّي في النظر إلى الأمور وتحليلها. وهذا ما يجعل كثيرين، لأسباب اجتماعية واقتصادية أيضًا، يربطونه دومًا بالرجل، نظرًا لطبيعة الأدوار التي يتولاها في المجتمع، والنظرة النمطية للرجل والمرأة في الكثير من المجتمعات المعاصرة، والتي ترى أن الرجل هو الذي يعمل ويخطط وينجز المهام.
لكن هذا بطبيعة الحال، لا يعني هذا أبدًا أن نعتقد بأن المرأة لا تستطيع القيام بمهام الرجل بنفس الطريقة أو ربما أفضل، لكن علينا أن نتفق أنها سمات ترتبط عادة بالرجل أكثر من المرأة لأسباب غالبًا ما تكون فسيولوجية.
وفي الجانب الأيسر من الدماغ سنعثر على الدوبامين، وهو مادة كيميائية تتفاعل في الدماغ وتؤثر على الأحاسيس والتصرفات، وهو المسؤول كذلك عن مستوى التحفز والانتباه.
ويتولد الدوبامين لدى الإنسان في حالات عديدة، منها مثلًا حين يضع أحدهم إعجابًا على منشور لك في فيسبوك أو إنستغرام، أو حين تتمكن من الانتهاء من إحدى المهام في الوقت المطلوب.
وهذا هو تأثير الدوبامين، أي أنك عندما تنخرط في نشاط ما يرفع لديك مستويات الدوبامين، فإن ذلك يجعلك على الأغلب ترغب في العودة لأدائه مجددًا لتنال ذلك الشعور الذي حصلت عليه في دماغك.
الجانب الأيمن من الدماغ
في المقابل، هنالك الجانب الأيمن من الدماغ، وهو جانب مثير للاهتمام والفضول، كونه الأكثر ارتباطًا بالمشاعر والأحاسيس، وهو أكثر إبداعًا، وفيه مراكز الشغف والحب.
ولهذه الأسباب يميل كثيرون إلى اعتبار الجانب الأيمن لدى المرأة أكبر أو أنشط من الرجل، بعكس الجانب الأيسر، أو على الأقل أنه يحوز جزءًا أكبر من السيطرة. لكن مجددًا، هنالك ظروف اجتماعية واقتصادية تحكم هذه الصور النمطية، وتساعد في ترسيخها، مع أن ذلك لا يمنع حاليًا من الافتراض بأن المرأة تتفوق على الرجل عمومًا في هذه الجوانب.
في الجانب الأيمن سنجد هرمون السيروتونين، وهو هرمون السعادة لدى الإنسان. ويوجد هرمون السيروتونين في الجانب الأيمن من الدماغ، وهو هرمون يمكن زيادة إفرازه بمؤثرات خارجية فقط.
ويزداد هرمون السيروتونين عند تلقي تعليقات إيجابية على عملك من أشخاص تحبهم، أو عند الاستماع إلى عبارات إعجاب وإطراء ممن حولك. ومن المهم جدًا أن نفهم هذا الأمر، خاصة أن مستويات السيروتونين ترفع مستويات الدوبامين أيضًا.
ما علاقة ذلك كله بالجنس؟
الأمر المحير، هو أنه بالرغم من افتراض أن الجانب الأيمن معزز أكثر لدى المرأة مقارنة بالرجل، إلا أن مستقبلات السيروتونين لدى الرجل أعلى مما هي لدى المرأة بحوالي 50%!
وهذا يعني في سياق الحديث عن العلاقات والجنس، أن المرأة عمليًا تحتاج ضعف ما يحتاجه الرجل من الحب والعاطفة، والتعزيز الإيجابي من البيئة الخارجية.
أي أن المرأة تحتاج عادة إلى مستوى أعلى من الدعم والتشجيع، وإلا فإن مستويات السيروتونين لديها ستنخفض، ما سيؤثر أيضًا على مستويات الدوبامين، فتشعر بقدر أقل من السعادة والتحفز للعمل.
ما العلاقة بين الجنس ونشاط الدماغ؟
يؤثر الجنس بكل تأكيد على نشاط الدماغ، فالإنسان الذي يمارس الجنس بشكل منتظم ومتكرر، سترتفع لديه مستويات الإبداع والتفكير الإستراتيجي والتحليل، كما سترتفع لديه مستويات النشاط والطاقة والإنتاجية. وكل ذلك يتغير حتمًا بفضل النشاط الجنسي والحياة الجنسية السليمة.
أما تعريف الحياة الجنسية المنتظمة، فهو ممارسة الجنس مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، خاصة بالنسبة للمرأة، لأنها كما ذكرنا تحتاج بشكل أكبر من الرجل إلى التعليقات الإيجابية من شريكها من أجل رفع استقبال السيروتونين لديها، وزيادة مستويات الدوبامين، والجنس هو إحدى الطرق للتعبير عن مدى الإعجاب والتعلق بالمرأة والتواصل معها.
الإنسان الذي يمارس الجنس بشكل منتظم ومتكرر، سترتفع لديه مستويات الإبداع والتفكير الإستراتيجي والتحليل
فالجنس هو النشاط الذي يجتمع فيه، بالشكل المثالي، الشعور بالحب والإعجاب والعاطفة والترابط والثقة والحميمية. لذا لا تستمعوا إلى من يقول إن الرجل لا يريد سوى الجنس، والمرأة لا تفضل إلا الشوكولاه!