06-مايو-2018

سمنة الوالدين من أكثر ما يؤثر سلبًا على صحة الأبناء (Getty)

"بإمكان النظام الغذائي ونمط الحياة في فترة ما قبل الحمل أن يؤثرا تأثيرًا عميقًا على نمو الطفل"، وفقًا لما جاء في بحث علمي حديث، يُسلط تقرير لصحيفة الغارديان الضوء عليه. في السطور التالية ننقل لكم التقرير مترجمًا.


من الممكن أن يعرض الزوجان اللذان يعانيان من السمنة وكذلك أولئك الذين يدخنون بشراهة أو يدمنون الكحوليات، صحة أطفالهم المستقبليين للخطر، وذلك بحسب الخبراء الذين يدعون لنشر المزيد من الوعي بمخاطر أنماط الحياة الحديثة على الأطفال في بطون أمهاتهم.

كشفت 3 دراسات علمية حديثة، عن مخاطر سوء التغذية والسمنة والتدخين بشراهة بين الآباء، على أبنائهم المستقبليين

وكشفت سلسلة من ثلاث دراسات علمية نشرت في مجلة طبية رائدة، عن مخاطر سوء التغذية وأنماط الحياة غير السوية، على الأجيال القادمة. وتحث هذه الدراسات المدارس والعيادات العامة والممرضات والأطباء على الحديث مع الشباب ومن يخططون لتأسيس أسرة جديدة، حول الأساليب التي يمكن أن تحقق لهم المزيد من الصحة واللياقة قبل أن يقبلوا على الحمل والإنجاب.

اقرأ/ي أيضًا: 4 خيارات لحرق الدهون الزائدة في الجسم وتجنبها

ويقول الباحثون، إن ما يحدث في الفترة التي تسبق الحمل يمكن أن يكون له تأثير عميق على نمو الأطفال وصحتهم على المدى البعيد. كما أن بعض الإجراءات التي تُتَخَذ لمساعدة المرأة الحامل لتصبح أكثر صحة، تأتي بعد فوات الآوان.

ويساعد حمض "الفوليك" على الوقاية من الاعتلال العصبي، لكن كثيرًا من النساء لا تبدأن في تناوله إلا بعد أن يؤكد الطبيب العام حملهن بالفعل، وهو ما قد يكون بعد شهر أو شهرين من بداية الحمل، في حين الأيام والأسابيع الأولى هي التي تشكل الفارق.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسات العلمية، جوديث ستيفنسون، الأستاذة بجامعة كلية لندن، إن "الرسالة الرئيسية التي أردنا إيصالها عبر هذه الدراسات، هي وجوب التصرف السليم المبكر قبل الحمل، إذ تكمن الفكرة في أن هناك أشياء يمكن للمرء القيام بها قبل الحمل ذات تأثير كبير على صحة الطفل، لكن كثيرًا من الناس لا يدركون هذا الأمر".

وتضيف بأن الاعتقاد السائد بين كثير من النساء هو "سأذهب إلى الطبيب ما إن أصير حاملًا"، في حين أن الصحيح هو المتابعة المبكرة، حتى قبل الحمل.

لكن ستيفنسون قالت، إن العلماء لا يرغبون في إصابة الأمهات اللاتي عانين من السمنة المفرطة أثناء الحمل، بمزيد من الأسى. توضح: "تشير كل الأدلة إلى أن المراحل المبكرة لها تأثير كبير على مراحل الحياة اللاحقة، لكن الآوان لم يفت حتى بعد تجاوز تلك المرحلة. الأشياء التي تفعلها خلال مرحلة الطفولة والمراهقة لها تأثير كبير على الصحة المستقبلية كذلك".

وتسلط هذه السلسلة الثلاثية من الأوراق البحثية، والمنشورة في مجلة "ذا لانسيت - The Lancet"، الضوء على زيادة مخاطر إنجاب النساء اللواتي يعانين من سوء التغذية، لأطفال مصابين بتأخر النمو الإدراكي. وهذه مشكلة خطيرة بحاجة لتعامل أفضل معها، لكن السمنة المفرطة أكثر انتشارًا الآن. "في العديد من الدولة منخفضة، ومتوسطة، ومرتفعة الدخل، تعاني حوالي 50% من النساء من السمنة المفرطة وزيادة الوزن حين يصبحن حوامل"، وذلك بحسب الدراسات.

لسمنة الأب أيضًا علاقة بضعف الخصوبة وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة لدى الأطفال

ويضيف الباحثون: "في الدول ذات الدخل المرتفع، يحظى المراهقون بأسوأ أنماط النظام الغذائي، أكثر من أي مجموعة عمرية أخرى. وهذه المرحلة العمرية حاسمة فيما يخص النظام الصحي للشخص على المدى الطويل".

اقرأ/ي أيضًا: فحوصات طبية مهمة للمرأة الحامل

وعلى حد قول الباحثين، ترتبط السمنة المفرطة بزيادة مخاطر النتائج السلبية المحدقة بالنساء الحوامل وأطفالهن الرضع. وقد تُصعّب هذه السمنة من عملية الولادة، وتزيد من تعقيدات فترة الحمل. على سبيل المثال النساء اللواتي يعانين من ضغط دم مرتفع، قد يصل بهن الأمر إلى الإصابة بتسمم الحمل، وهي حالة تزيد فيها فرص التشوهات الجنينية وموت الجنين والأطفال ذوي الوزن المنخفض، وفشل الرضاعة الطبيعية وحتى موت الأم نفسها.

لا ترتبط هذه المشاكل فقط بالسمنة المفرطة لدى الأم، فلسمنة الأب المفرطة كذلك علاقة تربط بينها وبين ضعف الخصوبة وزيادة مخاطر الأمراض المزمنة لدى الطفل كذلك.

ويُنصح الزوجان بالفعل بالتوقف عن التدخين وشرب الكحوليات، خاصة حين تصبح المرأة حاملًا. والآن يجب نصحهم بشأن تغذيتهم وفقدانهم للوزن كذلك. وتعد زيارة المرأة لعيادات تنظيم الأسرة لوضع أو إزالة مانعٍ للحمل، فرصة لطلب المشورة والنصح. ويُنصح الأطباء أيضًا بالتدخل وسؤال الزوجين إن كانا ينويان تأسيس أسرة، خلال الزيارات الدورية المعتادة. تقول ستيفنسون، إن هناك عدة فرص لإيصال الرسائل المتعلقة بالصحة حين يفكر الزوجان في الإنجاب. 

وفي دراسة تجريبية، نصح الباحثون النساء اللواتي يعانين من زيادة الوزن، ويخططن للحصول على أطفال، بفقدان الوزن أولًا. تقول ستيفنسون: "ثلثي هؤلاء النساء جربوا الأمر، وثلثهن نجحوا في تحقيق ذلك فعلًا".

ويضيف أحد الباحثين المشاركين في الدراسات: "يحتاج الأزواج إلى الدعم، لكن عادة ما يكون تقديم النصح والمشورة التعليمية غير كاف، إذ إن معرفة الشيء نادرًا ما يكون حافزًا كافيًا لتغيير السلوك".

وأعربت الكلية الملكية لطب النساء والولادة في بريطانيا، عن قلقها من أن نسبة 96% من النساء اللواتي بلغن سن الانجاب، يعانين من نقص في الحديد وحمض الفوليك. وقالت جانيس رايمر، نائبة رئيس الكلية: "هذا دليل إضافي على الحاجة الملحة لإقدام الحكومة على إضافة حمض الفوليك إلى الدقيق. هذا الإجراء البسيط سيكون له تأثير مفيد على النساء الأكثر عرضة للخطر في مجتمعنا واللواتي يحظين بنظام غذائي ضعيف وأوضاع اقتصادية واجتماعية فقيرة، وكذلك النساء اللواتي لم يخططن للحمل بعد." 

بحسب إحصائية طبية بريطانية، فإن 96% من النساء اللواتي بلغن سن الإنجاب، يعانين من نقص في الحديد وحمض الفوليك

هذا ودعمت الكلية أيضًا الدعوات المطالبة بالتثقيف حول مواضيع الصحة واللياقة في الفترة التي تسبق الحمل: "إن التثقيف المبكر، في مراحل المراهقة تحديدًا، حول الحاجة للحفاظ على نظام غذائي صحي ووزن مناسب، لن يزيد فقط من صحة الأفراد بل من صحة وجودة حياة الأجيال القادمة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا لا تستطيع فقدان الوزن باتباع حمية غذائية؟

5 أخطاء صحيّة عليك تجنّبها قبل أن تبلغ الأربعين