خلال الفترة الماضية، بدأت موجة رابعة من وباء الكوليرا بالتفشي باليمن، وذلك مع دخول موسم الأمطار على مختلف محافظات البلاد، مخلفة عشرات الوفيات ومئات المصابين. وكان الظهور لأول حالة مصابة بالكوليرا في اليمن، في نيسان/أبريل 2017.
منذ بداية 2019 وحتى منتصف آذار/مارس الجاري، سُجلت أكثر من 97 ألف إصابة بأعراض الكوليرا، و166 حالة وفاة
حملات كثيرة نفذتها منظمات محلية دولية لمكافحة الوباء، غير أن تدهور الوضع الصحي بتدمير البنية التحتية، في ظل استمرار الحرب، فاقم من الوباء، فمنذ بداية العام الجاري تسببت الكوليرا في وفاة 166 يمنيًا، بحسب إحصائية لمنظمة الصحة العالمية.
اقرأ/ي أيضًا: مليون مصاب بالكوليرا في اليمن.. وابن سلمان ماضٍ في مهازله الكارثية
ووفقًا للمنظمة، فمنذ بداية 2019 وحتى 14 آذار/مارس الجاري، سُجلت 97.101 حالة إصابة بالإسهالات المائية الحادة التي هي من أعراض الإصابة بالكوليرا.
وتصدرت محافظة إب بوسط البلاد عدد الوفيات بالكوليرا، مسجلة 33 حالة وفاة، تلتها ريمة بـ26 حالة ثم ذمار بـ20 حالة، ثم محافظتي عمران وصنعاء بـ15 و14 حالة على التوالي.
وقبل نحو عامين بدأ وباء الكوليرا في التفشي باليمن، مخلفًا مئات الوفيات وآلاف الإصابات. وتعتبر الحرب سببًا مباشرًا في تفشي الوباء الفتاك، مع تدمير البنية التحتية، ونقص المياه الصالحة للشرب، وازدياد حالات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال.
وفي مختلف محافظات ومدن اليمن، يرقد المئات من المصابين بالكوليرا في المشافي، بينهم الطفلة عهود مطهر البالغة من العمر ثلاث سنوات، في مستشفى الأمومة والطفولة بمحافظة إب.
يقول والدها مطهر علي، إن ابنته أصيبت بإسهالات مائية حادة، لكنهم لم ينتبهوا إلى أن ذلك قد يكون بسبب الإصابة بالكوليرا. وخلال ليلة واحدة خسر جسد الطفلة الكثير من السوائل، ما اضطر والدها بنقلها إلى المستشفى للكشف على حالتها.
موجة جديدة من الوباء
لم تكد تمضي أسابيع قليلة على انخفاض أعداد المصابين بالكوليرا بعد حملات تلقيح وعلاج مكثفة، حتى عاود الوباء الانتشار مجددًا، بالتزامن مع موسم هطول الأمطار، وارتفاع نسبة التلوث في الكثير من المناطق اليمنية، مع انتشار مياه الصرف الصحي المكشوفة، والقمامة.
في المقابل تعاني المستشفيات اليمنية إجمالًا عجزًا كبيرًا على كافة المستويات، خاصة مستشفيات العاصمة صنعاء، إذ قال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثيين، يوسف الحاضري، في تصريح صحفي، إن "مستشفيات العاصمة تعاني عجزًا كبيرًا في الأسرة"، ما يمنع استقبال حالات جديدة من المصابين، علمًا بأن مستشفيات صنعاء، تستقبل يوميًا نحو 100 حالة مصابة بالكوليرا.
ومنذ مطلع العام وحتى 19 آذار/مارس الجاري، سجلت محافظة تعز الواقعة جنوب غرب البلاد، نحو ثماني حالات وفاة بالوباء، إضافة إلى أربع حالات إصابة به، بحسب مكتب الصحة والسكان في المدينة.
وفي مدينة عدن، جنوب اليمن، تضاعفت أعداد المرضى المصابين بالكوليرا المحولة إلى مستشفى الصداقة، بحسب نبيلة سيف محمد مسؤولة مركز الوباء في المستشفى.
وقالت نبيلة سيف لـ"ألترا صوت"، إن المستشفى كان يستقبل أقل من عشرين حالة مصابة بالكوليرا يوميًا حتى كانون الأول/ديسمبر 2018. والآن بات المستشفى يستقبل نحو 70 حالة في اليوم الواحد.
هذا ويُقدر نشطاء أعداد المصابين بالكوليرا في البلاد، بأكثر من إحصاءات المنظمات المعنية بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، خاصة في المناطق الريفية البعيدة عن المراكز الحضرية، والتي عادة ما يكون من الصعب الوصول إليها من قبل العاملين في هذه المنظمات.
ووفقًا لميريتشل ريلانو، ممثلة اليونيسيف في اليمن، فقد سجلت أكثر من 250 ألف حالة إصابة بالكوليرا خلال 2018، و358 حالة وفاة بسبب الوباء.
وقالت ريلانو في تصريحات لوكالة أنباء رويترز، إنه رغم النجاح في الحيلولة دون تفشي المرض بنفس الحجم الذي كان عليه في 2017، إلا أن الخطر لا يزال قائمًا.
تدهور شامل في القطاع الصحي
يعرف قطاع الصحة في اليمن، تدهورًا شاملًا، فما لا يقل عن 50% من المراكز الصحية والطبية في اليمن، خرجت عن العمل بسبب الحرب، إما بتدميرها كليًا أو جزئيًا، أو لأسباب تتعلق بتوقف تسلم العاملين بها لمرتباتهم.
وفقًا لممثلة اليونيسيف في اليمن، فخلال عام 2018 سجلت في البلاد أكثر من 250 ألف حالة إصابة بالكوليرا، و358 حالة وفاة
في حين أن المراكز الصحية التي لا زالت تعمل، تفتقر إلى الكوادر الطبية المتخصصة وإلى المستلزمات الطبية والأدوية، وأية موارد من أجل التطوير لاستيعاب أعداد أكبر من المرضى، لسد العجز الذي خلفته المراكز التي لم تعد تعمل.
اقرأ/ي أيضًا:
اليمن على حافة المجاعة.. التحالف السعودي يحول البلاد إلى مقبرة