25-يونيو-2019

تعزز ورشة البحرين من التطبيع الخليجي مع إسرائيل (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

انطلق اليوم الثلاثاء مؤتمر البحرين لبحث الخطة الاقتصادية التي طرحتها واشنطن كمقدمة لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وسط مقاطعة عربية واسعة النطاق، وحضور خليجي على مستوى الوزراء، في الوقت الذي سجلت القاهرة وعمان مشاركة بتمثيل منخفض، بالتزامن مع خروج عشرات المظاهرات في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة رفضًا للمخرجات التي من الممكن أن تنجم عن المؤتمر الذي تمتد جلساته حتى يوم الغد رغم مقاطعة فلسطينية له.

توقع خبراء في شؤون الشرق الأوسط بأن ورشة العمل التي تستضيفها المنامة وتُعتبر الخطوة الأولى اتجاه صفقة القرن، لن تخدم إلا التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج العربية

تمثيل منخفض لدول عربية.. والحضور الأمريكي الأرفع بين الوفود

اعتبرت مشاركة الجانب الأمريكي الذي دعا لانعقاد المؤتمر الأرفع على مستوى الوفود بحضور وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، بالإضافة لكبير مستشاري البيت الأبيض وصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، فيما قالت وكالة رويترز إنه من المتوقع مشاركة إسرائيل بوفد اقتصادي لا يشمل مسؤولين حكوميين بعد إعلان السلطة الفلسطينية رفضها المشاركة بالمؤتمر واصفًة إياه بـ"الرشوة" لتجاهل مطالبها السياسية المندرجة ضمن اتفاقية أوسلو بنصها على حل الدولتين.

أقرأ/ي أيضًا: مؤتمر البحرين في انطلاقته.. مشروع كوشنير الذي ولد ميتًا

وكان من المتوقع أن يحضر وزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة جلسات المؤتمر ممثلًا عن الدولة المضيفة. وفي الوقت الذي قالت فيه وكالة الأنباء السعودية إن وزير الدولة عضو مجلس الوزراء محمد آل الشيخ، والمشرف على صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان سيمثلان الرياض في المؤتمر، لم تصدر عن الإمارات أي إشارة حول هوية الوفد المشارك من قبلها، بينما قالت الكويت إنها ستكون ممثلًة على المستوى الفني لا السياسي وسط ترجيحات بحضور مسؤولين من وزارة المالية.

كما أكدت القاهرة وعمّان حضورهما للمؤتمر بتمثيل منخفض عبر إرسال كل بلد نائبًا عن وزير المالية، وتحظى مشاركة مصر والأردن في أعمال المؤتمر بأهمية بالنسبة لواشنطن، لأنهما البلدان العربيان الوحيدان اللذان أبرما اتفاقيات سلام مع إسرائيل، ومن المرجح أن تكون المغرب حاضرة في المؤتمر بتمثيل مماثل للبلدين العربيين.

وعلى صعيد أبرز الشخصيات والدبلوماسيين الحاضرين أكد كل من المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد، ومدير البنك الدولي ديفيد مالباس، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، حضورهم المؤتمر إلى جانب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية جايمي ماكجولدريك.

وقالت وكالة رويترز إنه على الرغم من مقاطعة الجانب الفلسطيني للمؤتمر، فقد سجل حضور رجل الأعمال الفلسطيني أشرف الجعبري من مدينة الخليل، وأرجعت الوكالة سبب مشاركته لارتباطه بعلاقات وثيقة بمجموعات مستوطنين إسرائيليين، ووفقًا لمسؤول أمريكي فإن عدد الفلسطينيين الحاضرين في المؤتمر سيكون 15 شخصية على الأقل.

وكانت مظاهرات سلمية خرجت صباح الثلاثاء في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وقطاع غزة رفضًا لما بات يعرف بصفقة القرن، وورشة المنامة، واجهها الجيش الإسرائيلي بالقنابل الغازية والرصاص المعدني المطاطي ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات، فيما أحرق الشبان الإطارات المطاطية، وآخرون قاموا بإلقاء الحجارة باتجاه جنود الاحتلال.

واشنطن تتجاهل مطالب السلطة الفلسطينية.. وتبدأ مؤتمرها  

وبدا واضحًا أن الإدارة الأمريكية تعمّدت تجاهل مطالب السلطة الفلسطينية التي أكدت على وجوب مناقشة الجانب السياسي الذي بني على أساس اتفاقية أوسلو بنصها على حل الدولتين قبل الشروع بمناقشة أي مشاريع اقتصادية، وتعليقًا على الدور الأمريكي الذي تلعبه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رأى الدبلوماسي الأمريكي السابق في الشرق الأوسط ريتشارد لوبارون أن كوشنر سيقوم بتصوير مقاطعة المسؤولين الفلسطينيين للمؤتمر "على أنهم لا يهتمون بشعوبهم"، مضيفًا أن ذلك سيسمح له "بادعاء أنهم بذلوا قصارى جهدهم لمعالجة الموقف والسماح لهم بإلقاء اللوم على الآخرين لعدم تعاونهم".

وبدا لافتًا من التغطية الإعلامية التي تواكب الحدث الذي عملت واشنطن على الإعداد له منذ أسابيع تراجعه مقابل ازدياد التوتر الدبلوماسي الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط بين طهران وواشنطن، بالأخص بعد فرض الأخيرة عقوبات اقتصادية جديدة على قادة إيرانيين أمس الاثنين، كان من ضمنهم الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

فقد اعتبر الخبير في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن ديفيد ماكوفسكي أن "إيران تحتل مكان الصدارة في سلسلة الاهتمام الآن"، وأضاف ماكوفسكي الذي يحضر المؤتمر بصفة مراقب أن خطة ترامب وكوشنر لا يمكنها إيجاد حل للصراع العربي – الإسرائيلي "اقتصاديًا دون معالجة القضايا السياسية".

وكان البيت الأبيض قد أعلن في وقت سابق عن تفاصيل الخطة التفصيلية للشق الاقتصادي لصفقة القرن الذي سيناقشة المجتمعون في المنامة، والتي ترى أن ضخ ما يزيد على 50 مليار دولار في أراضي السلطة الفلسطينية، ودول مصر والأردن ولبنان سيدفع بالصراع العربي – الإسرائيلي لانفراج قريب قد يسفر عنه تطبيع العلاقات العربية – الإسرائيلية.

معلقون على صفقة القرن.. إنها "تقفز  مئة خطوة للأمام"

لكن الخطة الاقتصادية التي طرحتها واشنطن كمقدمة لصفقة القرن التي يجري الإعداد لها قوبلت باستياء من بعض الأطراف الإسرائيلية أيضًا، بحسب ما ذكرت صحيفة هآرتس العبرية، والتي جاءت في سياق خطط الإدارة الأمريكية ضم الضفة الغربية وقطاع غزة مع الأراضي التي تخضع للإدارة الإسرائيلية، إضافة للمقترحات المرتبطة بالتكنولوجيا والتعليم التي ترى أنها "غير واقعية".

أقرأ/ي أيضًا: "السلام من أجل الازدهار".. تفاصيل رؤية واشنطن الاقتصادية لمؤتمر البحرين

ووصف معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي خطة إدارة ترامب لقلب الأمور من خلال تقديم الخطة الاقتصادية، وثم عرض الخطة السياسية لتسوية الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين بـ"المبتكرة"، لكنه أضاف أنها "ليست عملية" بسبب ابتعاد عدة دول عربية عن حضور المؤتمر، مشيرًا إلى وجوب تقديم "برنامج سياسي مبتكر، ومفيد للفلسطينيين"، وأردف المعهد بأن الأدلة التاريخية تؤكد على أن مؤتمر البحرين والاستثمارات المستقبلية المخطط لها "لا ينبغي اعتبارها مفتاح حل للصراع طويل الأمد".

بدا واضحًا أن الإدارة الأمريكية تعمّدت تجاهل مطالب السلطة الفلسطينية التي أكدت على وجوب مناقشة الجانب السياسي الذي بني على أساس اتفاقية أوسلو بنصها على حل الدولتين قبل الشروع بمناقشة أي مشاريع اقتصادية

وكانت الكاتبة بموقع ميدل إيست آي البريطاني ميغان أوتولي قد أعادت في مقال لها التذكير بتوقعات خبراء في شؤون الشرق الأوسط بأن ورشة العمل التي تستضيفها المنامة وتُعتبر الخطوة الأولى اتجاه صفقة القرن، لن تخدم إلا التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج العربية، مضيفًة أن هذه الورشة التي يُقال إنها خُصصت لجذب الاستثمار وبناء مستقبل مزدهر لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة لن تفعل شيئًا غير إعلان تعهدات بالاستثمار لا تُنفذ كما هو المعهود في العالم العربي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 أبرز 5 شخصيات في مسلسل التّطبيع السّعودي والإماراتي مع إسرائيل

العلاقات السعودية الإسرائيلية تدفع نحو "نظام عالمي جديد" مطبّع مع الانتهاكات