لا يمكن لأحد إنكار فضل التكنولوجيا والتغييرات الإيجابية التي جلبتها لنا، ولكن من المعروف أيضًا أن الإكثار من الشيء يذهب فائدته. وفي هذا الإطار، نستعرض لكم تقريرًا نشر عبر موقع تيك نيوز وورلد أعده جون ب. ميلو جونيور، وهو محرر متخصص في التكنولوجيا، حول وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف أن بعض الأشخاص الذين عملوا في السابق مع شركات مثل فيسبوك ندموا على ذلك لما رأوه من أثر سلبي على الراحة النفسية للأفراد والعلاقات البشرية الطبيعية بين أفراد المجتمع.
تفتقر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحوار المتحضر والتعاون، وينتشر فيها كم هائل من المعلومات المغلوطة والأكاذيب
هل تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى وسط معاد للعلاقات الاجتماعية الحقيقية؟ هذا ما تناوله موقع فيسبوك بعد أيام من إجابة أحد العاملين السابقين في الموقع بنعم. وهو ما قاله النائب العام السابق في قسم التطوير في فيسبوك، "تشاماث باليهابتيا"، أمام جمهور من خريجي كلية ستانفورد للأعمال الأسبوع الماضي: "أعتقد أننا أوجدنا أدوات تمزق نسيج المجتمع وطريقة عمله". وأضاف قائلاً: "المختصر أن ما صنعناه هو دوائر مبنية على عنصر الدوبامين، عنصر الإدمان، وهي الآن تدمر مجتمعنا".
اقرأ/ ي أيضًا: 7 أدلة من العام 2017 على المستقبل الواعد للطاقة المتجددة
تفتقر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحوار المتحضر والتعاون، وينتشر فيها كم هائل من المعلومات المغلوطة والأكاذيب. "وهي ليست مشكلة أمريكية، وليست متعلقة بالإعلانات الروسية. إنها مشكلة عالمية".
الإعلام الاجتماعي: الصالح والطالح
كتب رئيس البحث في فيسبوك "ديفد جنسبرغ" وعالمة الأبحاث "مويرا برك": يشعر بعض الناس بالسوء بعد استخدام فيسبوك، بينما لا يشعر البعض الآخر بذلك. "وحسب الدراسات، فالأمر يقتصر على طريقة استخدامك للتكنولوجيا".
وأشار جنسبرغ وبرك: "على سبيل المثال، يمكنك تصفح المنشورات بشكل سلبي كما لو كنت تشاهد التلفاز، ويمكنك في المقابل التفاعل مع الأصدقاء – بالرسائل والتعليق على منشوراتهم". فكما في التعامل الفعلي مع الأشخاص، يمكن أن يكون التفاعل مع الأشخاص الذين تهتم لأمرهم مفيدًا، بينما يمكن أن تجعلك مراقبة الآخرين عن بعد تشعر بالسوء".
نوعية أخبار أفضل تعني راحة بال أكبر
قدم فيسبوك عددًا من التغييرات في الخدمات التي يقدمها للتشجيع على التفاعل بين المستخدمين. فعلى سبيل المثال، أصبح فيسبوك يحدّ من ظهور العناوين الخادعة وتلك المزيفة التي تستدرجك للضغط عليها، وأعطى الموقع أولوية لظهور المنشورات التي ينشرها الأشخاص الذين تهتم لأمرهم حتى يزيد من التفاعل المثمر ويقلل من الاستهلاك السلبي للمحتويات قليلة النفع.
أصبح فيسبوك يحدّ من ظهور العناوين الخادعة وتلك المزيفة التي تستدرجك للضغط عليها، وأعطى الموقع أولوية لظهور المنشورات التي ينشرها الأشخاص الذين تهتم لأمرهم
كما أضاف فيسبوك خاصية "أخذ غفوة" snooze التي تسمح للمستخدمين إخفاء المنشورات عن شخص أو مجموعة محددة من الأشخاص أو صفحة ما لمدة ثلاثين يومًا.
"تيك أبريك Take a Break" هي أداة أخرى صممت لإزالة المحتويات التي تبعث على الإجهاد والتوتر، وتعطي المستخدم مزيدًا من التحكم في وقت رؤية شخص محدد وما يمكن لذلك الشخص رؤيته إضافة إلى من يستطيع عرض المنشورات السابقة حول الحالة الاجتماعية.
وأطلقت شركة فيسبوك عدة مبادرات لمنع حالات الانتحار. وقد استثمرت الشركة مليون دولار على الأبحاث للوصول إلى فهم أفضل للعلاقة بين تكنولوجيا الإعلام وتنمية الشباب ورفاهيتهم.
الوعي بالعلاقات العامة
قد لا يكون إدراك فيسبوك أن للتواصل الاجتماعي ما هو أكثر من المرح والمشاركة وتحركه لعلاج الجوانب المظلمة بين مستخدميه ملموسًا بشكل كبير، ولكنها إشارة إلى أن إدراك الشركة بوجود سمعة سيئة بدأ يزداد. يعتقد الكثير من الناس أن هذه الخطوات لا تتجاوز الشكليات، فلم يقدم مارك زكربرغ الكثير في هذه الأيام. مع أنه أصبح شخصية مهمة وفي موقع تأثير كبير في العالم ولكنه لا يبدو أنه على استعداد بعد لأخذ زمام المبادرة لدفع عجلة التواصل الاجتماعي نحو الأفضل.
التفاعل له وجهان
قد يلعب التواصل الاجتماعي دورًا في تحسين أو تثبيط التفاعل بين المستخدمين، حسب ما قالته كارن نورث، أستاذة الإعلام الاجتماعي الرقمي في جامعة جنوب كاليفورنيا. "يمكن لمواقع التواصل الاجتماعي أن تأخذ التفاعل بين الناس إلى زمان ومكان لم يكن بالإمكان الوصول إليه والتفاعل مع بعضهم البعض".
اقرأ/ ي أيضًا: هل مكافح الفيروسات "ويندوز ديفندر" جيد ويغني عن سواه؟
"فعادة من أجل التفاعل مع الناس، أنت بحاجة إلى أن تكون على مقربة من الشخص الآخر"، "وتسمح لنا وسائل التواصل هذه أن نكون معًا حتى عندما لا نكون قريبين من بعضنا على أرض الواقع". ولكن التفاعل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يختلف عن التفاعل الحقيقي لأنه يتم عبر جهاز ويتضمن إيجاد محتوى يدور حوله التفاعل. وأضافت نورث: "ويمكن أن يؤثر هذا على تفاعل الناس وتعاملهم مع بعضهم بشكل طبيعي وشخصي".
هناك علاقة بين أعراض الاكتئاب المتزايدة والنسبة المتزايدة لعدد الأصدقاء في وسائل التواصل الاجتماعي الذين لا تعرفهم على أرض الواقع
الابتعاد عن المواد الاجتماعية المثبطة
هناك عدة طرق يستطيع الأشخاص من خلالها تجنب التداعيات السلبية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. فهناك علاقة بين أعراض الاكتئاب المتزايدة والنسبة المتزايدة لعدد الأصدقاء في وسائل التواصل الاجتماعي الذين لا تعرفهم على أرض الواقع مقارنة بنسبة أولئك الذين تعرفهم بشكل شخصي.
وقد وجدت بعض الدراسات أن حالتك النفسية تكون أفضل حالًا عندما تكون نسبة من تعتبرهم أصدقاء مقربين كبيرة. ويمكن أن يكون الحد من عدد وسائل التواصل الاجتماعي التي تشارك فيها مفيدًا، لأن عدد تلك الوسائل قد يكون مؤشرًا على تراجع حالتك النفسية. كما أن تخصيص وقت محدد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون أمرًا مفيدًا، فالكثير من العائلات أصبحت تلتزم بوقت محدد على سبيل المثال ليكون خاليًا من استخدام الأجهزة الالكترونية والتركيز على الاجتماع مع العائلة والأصدقاء.
اقرأ/ ي أيضًا: