"الوصايا" (هاشيت أنطوان – نوفل، 2018) كتاب جديد للروائي السوريّ فادي عزّام، يُضاف إلى روايتين وكتاب سردي ومجموعة شعرية في رصيد الكاتب.
في مقدّمة الكتاب الذي جاء في 324 صفحة، يقول عزّام: "أدب الوصايا فكرة قديمة لا أدّعي أنّي سبّاق لها. والخلاصات الموجودة هنا في معظمها أفكار يعرفها الآباء والأمّهات، ويردِّدونها قولًا ويمارسونها فعلًا. فإلى هؤلاء أدين بالشكر والمحبّة".
فادي عزام: الثورات العربية بيَّنت لنا أين تكمن حقيقة الكوارث، وبالنسبة لي، فإنّها تكمن في السياسة
يشير صاحب "تحتانيات وسحّاب البنطلون" إلى أنّه لا يُطالب أحدًا بالالتزام بهذه الوصايا، مؤكِّدًا أنّها: "مجرّد اقتراح للتواصل، لا تكفي إن لم يكن هناك حامل حقيقي لها في مجتمعاتنا العربية. كلّ ما في الأمر أنّ هذه الدعوة لنا جميعًا، كي نرى أبناءنا بعين أخرى، وقلب آخر، وعقل أكثر صفاءً وانفتاحًا".
اقرأ/ي أيضًا: رواية "بيت حُدُد".. سوريا الهاربة والمهرَّبة
في حديثه لـ "ألترا صوت" حول الكتاب، يقول فادي عزّام صاحب "سرمدة": "وجدت أنّه في ظلّ العمل الشاق على الرواية، أحتاج أيضًا إلى العمل على كتاب أقلّ وطأة، وإذ بالموضوع يأتي من غير تخطيط". يُكمل قائلًا: "هو مشروع، بدايته كانت بمجموعة نصوص صدرت بعنوان "تحتانيات وسحّاب البنطلون". تبعتها بعد مدّة روايتي الأولى "سرمدة"، ومن ثمّ كتاب "رحلة إلى قبور ثلاثة شعراء"، وروايتي الثانية "بيت حُدُد"، والآن كتاب "الوصايا" الذي ستتبعه رواية ثالثة من المتوقع أن تصدر في شهر آذار/مارس 2019 تحت عنوان "صاحبي الرجيم". بالإضافة إلى كتاب ورواية أخيرة سوف يصدران في عامي 2020 و2022. لأنّني سأترك الكتابة نهائيًا، كما أخطِّط، في 2023".
"في الوصايا نوع من الأبوّة والتوصية والأمر والنهي أيضًا. هل يتناقض هذا مع رأيك بأنّ الأدب يجب أن يكون حرًّا ومتحرِّرًا من الوصايا؟" سألنا عزّام، فأجاب قائلًا: "إذ أمعنّا النظر في كتاب "الوصايا"، لن نجد ما ذُكر أعلاه في جوهره، أي الكتاب. ولكن أعتقد أنّ الكتابة عليها أن تكون متّصلة بالواقع، وجوهر الوصايا هو لبّ ما نُعانيه من كوارث في مجتمعاتنا العربية. الثورات العربية بيَّنت لنا أين تكمن حقيقة الكوارث، وبالنسبة لي، فإنّها تكمن في السياسة أوّلًا وآخرًا قبل الدين والمجتمع. لذا لا بدّ من قلب التربة، لأنّه من المعروف استحالة زراعة أي أرض ما لم تُفلح وتستصلح".
وصايا فادي عزام للابنة وللابن وللوالد لا تكبّل، بل تحرّر. هي لا تكسر السائد بل تجتاز الحدود لما خلفه
ضمّ كتاب "الوصايا" 300 وصية، يقول فادي عزّام إنّ 3 منها هي الأكثر قربًا إليه، وهي: "لا تصنف نفسك ولا تجعل أحدًا يصنفك، من تصنفه تخنقه" و "لا تشارك حاقدًا ولو بفكرة" و"ما طعم الشمس؟ أين يذهب الأموات؟ هل تريل النجمة؟ متى يزورنا الله؟ هل تنام الأسماك؟ لماذا نكبر يا أبي؟: تامة التمام وكمال الاكتمال. الأصل والفصل، الوجهان والوجهتان. الإقامة والرحيل، الظهور والغياب، الحق والباطل، الإيمان والكفر، الذكورة والأنوثة. كل الثنائيات حادّة الشقاق ملتحمة في جوهرك كليلٍ يتبعه نهار، كل الإجابات معقودة في روحك فقط عليك أن تزيحي عنها الغبار".
اقرأ/ي أيضًا: "بيت حُدد" لفادي عزام.. رواية السوري المزدوج
يختم محدّثنا حديثه لـ "ألترا صوت" قائلًا إنّ ما يودّ قوله في كتاب "الوصايا" هو: "يسدي الآباء والأمّهات إلى أبنائهم أطنانًا من الوصايا، بطريقة عشوائيّةٍ أحيانًا، وبصرامةٍ منفّرة في أحيانٍ أخرى. بحجّة حمايتهم والحرص على صيتهم الحسن، يكبّلونهم. أمّا وصايا فادي عزام للابنة وللابن وللوالد فلا تكبّل، بل تحرّر. هي لا تكسر السائد بل تجتاز الحدود لما خلفه. لا تحرّض على الانقلاب بل على اكتشاف قيمة الحرّية في الجسد والروح والعقل. لا تدعو للمعصية بل للعصيان على الألم والموت البطيء. لا تلقّن، بل تستدعي الحكمة الداخلية لتحقيق الخير والحق. هذه وصايا تحتفي بالإنسان الذي فينا، وتدعوه للعودة إلى نفسه لا أكثر".
اقرأ/ي أيضًا: