08-مايو-2019

يوكي كاواوتشي في ماراثون بوسطن لعام 2018 (أ.ف.ب)

يوكي كاواوتشي، رياضي من الطراز الرفيع، والفائز بالمركز الأول في ماراثون بوسطن لعام 2018. يعرف يوكي في اليابان باسم "المواطن العدّاء"، حيث ظلّ يعمل معلمًا بدوام كامل في إحدى المدارس حتى نيسان/أبريل من العام الماضي، ثم ترك العمل ليحترف الرياضة بعد إنجازاته المهمّة.

ركض يوكي كاواوتشي 79 مارثون في زمن أقل من ساعتين و20 دقيقة للماراثون، رغم أنه حتى العام الماضي لم يكن متفرغًا لرياضة الجري

يركض يوكي كاواوتشي 125 كيلومتر في الأسبوع. وله جدول سباقات حافل خلال العام، يلتزم به بكل دقّة وإصرار، وفي جعبته الكثير من الأرقام القياسية، ولاسيما في عدد الماراثونات التي ركضها بزمن أقل من ساعتين و20 دقيقة، ولديه طموح كبير في أن يركض 100 ماراثون بأقل من هذا الزمن حتى العام 2020!  


مقالات قد تهمّك: 

عندما تفوّق هاروكي موراكامي عليّ في الجري!

لم عليك التوقّف عن ممارسة الرياضة إن كنت مصابًا بعدوى كوفيد-19؟

10 نصائح ستُدخلك إلى عالم الجري بالتأكيد

الكتّاب العدّاؤون.. الجري امتدادًا لفعل الكتابة


الجانب الأبرز في شخصية يوكي كاواوتشي، وما يجعله فريدًا بحقّ، هو أنّه صنعة نفسه، أي أنه غير مرتبط بأي مجموعة للركض، وليس له مدرب، لذا فهو يضع خططه التدريبية بنفسه.

يوكي كاواوتشي

وقد بدأ كاواوتشي هذه الرياضة كمحترف، في وقت متأخر نسبيًا من حياته، ويتابع هذه الرياضة بشغف في نمط تدريب ذاتيّ نادر نظرًا للإنجازات التي حققها خلال السنوات الماضية.

إذًا، ما الذي يفسّر قدرة كاواوتشي على إحراز كل هذه النجاحات وعلى هذا المستوى الرفيع؟ قد يميل البعض للبحث عن إجابات بيولوجية، مثل ارتفاع مستويات "VO2 Max" لديه، وهي القدرة العالية في جسمه للاستفادة من الأكسجين، أو شيء في جيناته يساعد على التعافي السريع، ويقلل من فرص تعرضه للإصابة. 

أو ربما تاريخه الشخصي في التدريب مع أمّه وهو صغير، وقد تكون القدرة الذهنية الفائقة التي يتمتع بها هذا العداء الياباني، والتي درج الكثير من المختصين في النظر إليها كواحدة من أهم مزايا العدائين البارزين، وكثيرًا ما يتحدث عنها العداء الكيني صاحب أهم الأرقام القياسية في سباقات الماراثون، إيليود كيبتشوغي، مستخدمًا مصطلح "اللياقة الذهنية" كأحد أسرار نجاحه في مسيرته الرياضية حتى الآن.

وهذا بالتحديد ما جعل ماساكي سوغيتا، كبير الباحثين في الاتحاد الياباني للرياضيين، يرى أن جزءًا مهمًا في تفسير ظاهرة كاواوتشي، يكمن في العامل الذهنيّ، فهو يصف كاواوتشي بأنه "عدّاء ذكيّ، يفكّر بحذق بشأن ما يناسبه".

كاواوتشي وسؤال التدريب والموهبة

ثمّة من يضع فوارق وحدود حاسمة بين الفكر والمهارة، حتى راح البعض يتحدّث عن التفكير الواعي باعتباره عدوّ المهارة، والظهور التلقائي الطبيعي عليها، باعتبار أن تحسّن نتائج المهارة يرتبط بدوام الممارسة والرغبة في التحسين.

يوكي كاواوتشي

وليس ثمة توضيح أقرب لهذه الفكرة من العالم الرياضي، إذ تجد أن الرياضيين المحترفين غير قادرين عادة على إعطاء تفسير مباشر للنجاح الذي حققوه، ومثال ذلك ما قالته كمبرلي كيم عام 2006، بعد فوزها ببطولة الغولف الأمريكية لهواة الغولف، بعد سؤال عن الحافز الذي ساعدها على تقديم أداء بذلك المستوى، فقالت: "ليست لدي أدنى فكرة، شعرت أن الربّ كان يلعب نيابة عنّي. لا أعرف كيف حدث ذلك، ضربت الكرة وسارت الأمور على ما يرام، هذا كل ما أستطيع أن أقوله".

وهذه ظاهرة ليس غريبة على علماء الإدراك، وقد أطلق عليها العالمان سيان بيلوك وتوماس كار عام 2001، اسمًا خاصًا، هو "فقدان الذاكرة المرتبط بالتجربة" أو "expertise-induced amnesia"، وهي ظاهرة ملحوظة بشكل واسع.

فليس غريبًا أن ترى الرياضي أو الفنان أو الموسيقي أو الممثل، بالغ الإبداع والتلقائية في حقله الإبداعي، لكنه لا يستطيع أن يعبّر بشكل جيد عن تجربته الفنية في المقابلات الإعلامية.

كيف صار يوكي كاواوتشي عداءً فريدًا من نوعه على مستوى العالم؟

1. للتحضير لماراثون بوسطن، ركض يوكي كاواوتشي سباق نصف ماراثون في اليابان، يعرف باسم "سباق كوكي"، وهو يرتدي زي الباندا! وأنهى السباق في ساعة و10 دقائق وثلاث ثواني، وجاء في المركز الثاني في السباق.

2. ركض يوكي 79 ماراثون في زمن أقل من ساعتين و20 دقيقة!

3. تغلب يوكي في ماراثون بوسطن على عدد من أهم الرياضيين المحترفين في العالم، مثل غالين روب.

4. كان يوكي يعمل في السابق في وظيفة بمدرسة حكومية، بدوام كامل لـ40 ساعة في الأسبوع، من الواحدة مساء حتى التاسعة ليلًا.

5. لم يتلق يوكي قبل ماراثون بوسطن أي دعم أو رعاية للتفرغ للتدريب، كما أنه لم يكن عضوًا في أي فريق تدريب ولم يتعاون مع مدرّب بشكل رسميّ.

6. يتدرب يوكي مرة واحدة في اليوم، بخلاف معظم العدائين المحترفين، وذلك نظرًا لطبيعة عمله ودوامه الطويل. ويركض في يوم العطلة مسافات أطول، تصل إلى 50 كم.

7. حين جاء يوكي في المركز الـ14 في ماراثون طوكيو عام 2012، ولم ينجح في التأهل ليكون ضمن فريق بلاده للمشاركة في أولمبياد لندن، قام بحلق شعره اعتذارًا عن هذا الإخفاق، وقال: "شعرت بأن عليّ أن أفعل شيئًا ليكون دليلًا على شعوري بالندم والأسف لكل من دعمني، ومن المهمّ أن يكون ذلك أمرًا يمكن للجميع رؤيته".

8. الرقم القياسي الذي حققه يوكي في الماراثون هو ساعتان وثماني دقائق و14 ثانية، وهو رقم صعب في منافسات الماراثون للمحترفين، لكنه تحقق بقدمي عدّاء هاوٍ غير متفرغ للرياضة حينها.

يوكي كاواوتشي

9. يطمح يوكي لإنهاء 100 ماراثون بوقت أقل من ساعتين و20 دقيقة قبل أولمبياد طوكيو 2020.

10. تدرّب يوكي على يد أمّه وهو صغير، حيث ركض في سباق 1500 متر، وأنهاه في سبع دقائق و30 ثانية. وكانت أمّه عداءة أيضًا، وقررت أن تدربه، فجعلته يركض كل يوم في الحديقة القريبة من المنزل. 

ركض كاواوتشي سباق نصف ماراثون في اليابان مرتديًا زي باندا واستطاع أن ينهيه في ساعة و10 دقائق وثلاث ثواني، ليحل في المركز الثاني

وكانت أمه تطلب منه أن يحقق رقمًا جديدًا أفضل من الرقم الذي حققه في اليوم السابق، ولو فشل في ذلك، كانت ترغمه على ركض جولة أخرى، لو كان الفارق بالزمن 30 ثانية أو أكثر، وجولتين لو كان متخلفًا بدقيقة أو أكثر عن زمنه السابق.