تُعد الشعبوية واحدة من أكثر ظواهر القرن الحالي تعقيدًا ورواجًا في وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية، خاصًة عند الحديث عن بعض الحركات اليمينية المتطرفة، والشخصيات السياسية التي برزت خلال السنوات القليلة الأخيرة، مثل الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، ورئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، وغيرهما.
ولأنها ظاهرة معقدة ومؤثرة في المشهد السياسي، قُدِّمت حولها الكثير من الدراسات والأبحاث بهدف فهمها وشرحها وتفسير أسبابها ومخاطرها أيضًا. ورغم ذلك، لا تزال بحاجة إلى قراءات ومقاربات جديدة لكونها ظاهرة دائمة التبدّل.
في هذه المقالة وقفة مع 5 كتب عن الشعبوية تُساعدكم في فهمها واكتشاف مخاطرها.
1- في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية
في كتابه "في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019)، يسعى المفكّر العربي عزمي بشارة إلى تفسير ظاهرة الشعبوية وتطوير مفهومها بوصفها خطابًا سياسيًا. ويفصل صاحب "ثلاثية الدين والعلمانية" بين: "ظاهرة الشعبوية في الديمقراطيات حيث يظهر تميّزها بوضوح على نحو مبيّن لحدودها ودرجاتها من جهة، وحالها في البلدان غير الديمقراطية التي يصعب التمييز فيها بين الشعبوي والشعبي في المعارضة، بينما يمكن تمييز نظام سلطوي شعبوي من نظام سلطوي آخر، من جهة أخرى"، وفق ما جاء في تقديم بشارة لكتابه.
ويتناول المفكر العربي أيضًا خطر الشعبوية على الديمقراطية، سواء الديمقراطية الليبرالية الراسخة والقادرة على احتوائها، أو الديمقراطيات الوليدة، خاصةً تلك التي نشأت بالانتقال من نظام سلطوي لم تترسخ فيها الحقوق والحريات بعد. كما يناقش مصادر الشعبوية في الخطاب الديمقراطي نفسه، والتوتر البنيوي مع الليبرالية، والمصادر الثقافية والسوسيو – اقتصادية للمزاج السياسي الشعبوي، وانزلاق الشعبوية من الخطاب إلى الأيديولوجيا، وغيرها من القضايا.
2- مقدمة مختصرة في الشعبوية
يقدّم كاس مودّه وكريستوبل روفيرا كالتواسر في كتابهما "مقدمة مختصرة في الشعبوية" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2020 ترجمة سعيد بكار ومحمد بكار)، تحليلًا موسعًا للشعبوية ببُعديها العلمي والنظري بوصفها أيديولوجيا تشطر المجتمع إلى معسكرين متخاصمين، يمثّل الأول الشعب النقي، والثاني النخبة الفاسدة.
يبدأ المؤلفان أولًا بتحديد مفهوم الشعبوية، ثم يقدّمان عرضًا موجزًا لأهم الفاعلين الشعبويين في المئة والخمسين سنة الماضية، ويناقشان الطريقة التي يستخدمها الشعبويون لتعبئة الناس، ويبحثان كذلك في ماهية الزعيم الشعبوي، ويدرسان أخيرًا العلاقة بين الشعبوية والديمقراطية.
3- الشعبوية والديمقراطية الليبرالية
يتناول تاكيس س. باباس في كتابه "الشعبوية والديمقراطية الليبرالية: تحليل نظري مقارن" (الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2021/ ترجمة عومرية سلطاني)، الشعبوية بوصفها ظاهرة تُعارض الليبرالية السياسية الحديثة وتُحاول أن تحل محلها. ويسعى، استنادًا إلى أبحاث ودراسات حول تجارب مختلفة في دول عديدة مثل الأرجنتين واليونان والبيرو وإيطاليا وفنزويلا، إلى الإجابة على أسئلة مثل: ما هي الشعبوية؟ وكيف نميّز الشعبويين من غير الشعبويين؟ وما سبب الشعبوية؟ وكيف تزدهر؟ وأين؟ وكيف يحكم الشعبويون؟ ومن هو الناخب الشعبوي؟ وأخيرًا كيف تُعرّض الشعبوية الديمقراطية للخطر؟
4- قرنٌ من الشعبوية
يبحث بيير روزانفالون في كتابه "قرنٌ من الشعبوية: التاريخ والنظرية والنقد" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2023/ ترجمة محمد الرحموني) في الشعبوية بوصفها جزءًا من تاريخ الديمقراطية، ما يعني أن لها نظرية وتاريخًا لا بد من دراسته والبحث فيه، ثم إخضاع الشعبوية نفسها للتشريح والنقد بهدف تبيان خطورتها وعبثية المبادئ التي تحملها من جهة، واقتراح حلول بديلة أكثر واقعية ونجاعة تتلخّص في ما سمّاه بـ"الديمقراطية المطردة"، من جهة أخرى.
5- ما الشعبوية؟
يسعى الباحث الألماني يان فيرتر مولر في كتابه "ما الشعبوية" (منتدى العلاقات العربية والدولية، 2017/ ترجمة رشيد بو طيّب) إلى الإجابة على جملة من التساؤلات المتعلقة بهذه الظاهرة، مثل: كيف تختلف الشعبوية عن أشكال السياسات الأخرى؟ ولم تشكّل كل هذه الخطورة؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟ كما يناقش العديد من المسائل المرتبطة بها، وبتاريخها، وبكونها تهديدًا صريحًا ومباشرًا للديمقراطية الليبرالية.